مساعد وزير الداخلية المصري لأمن مطروح: تراجع كميات الأسلحة المهربة من ليبيا

اللواء حمودة قال لـ «الشرق الأوسط» إن أهالي الضبعة سلموا أرض المشروع النووي للدولة

TT

أكد اللواء العناني حمودة، مساعد وزير الداخلية المصري لأمن محافظة مطروح، على الحدود المصرية - الليبية، تراجع كميات الأسلحة المهربة من ليبيا إلى مصر، بعد أن جرى ضبط صواريخ مضادة للطائرات وأخرى عابرة للمدن والآلاف من قطع الأسلحة الأخرى، مشيرا في حوار مع «الشرق الأوسط» إلى أن تشديد الأجهزة الأمنية، خاصة من جانب المخابرات الحربية ومخابرات حرس الحدود، أسهم بشكل كبير في إحباط نشاط مهربي الأسلحة الليبية لمصر من البر والبحر.

ومن المعروف أن محافظة مطروح ذات الأغلبية القبلية، تعد من أكثر المحافظات المصرية التي أيدت الرئيس السابق محمد مرسي، وأعطى 80% من ناخبيها أصواتهم لجماعة الإخوان، إلا أن معظم هؤلاء الناخبين انقلبوا على الجماعة وأيدوا «خارطة الطريق» التي أعلنها الجيش بعد الإطاحة بمرسي مطلع يوليو (تموز) الماضي. وقال اللواء حمودة، إن القيادات الشعبية والشبابية بالمحافظة رفضت «الإخوان» بعد أن اكتشفت أن ممارسات الجماعة لا تتفق مع الإسلام والشرعية.

* إلى أين وصلت عمليات الضبط والتحجيم لعمليات تهريب السلاح من ليبيا إلى داخل مصر؟

- بعد ثورة 17 فبراير (شباط) في ليبيا وبعد أحداث ثورة 25 يناير في مصر، جرى تهريب كميات كبيرة من الأسلحة من الجانب الليبي، وجرى تخزينها في الصحراء وكان يستخدمها المخربون والخارجون عن القانون، سواء في الاتجار بالأسلحة أو الأنشطة الهدامة. وبناء على التنسيق الكامل بيننا وبين القوات المسلحة بأفرعها، سواء «المخابرات الحربية» أو مخابرات حرس الحدود جرى ضبط وإجهاض عمليات كبيرة جدا من عمليات التهريب تلك. وأعتقد أن الإحصاءات والبيانات التي يعلن عنها بشأن تلك الضبطيات في حينه، خير دليل على وجود إحكام سيطرة على المنافذ والطرق. هذا طبعا لا يحد من الظاهرة بنسبة 100%، لأن هناك تهريبا عن طريق البحر وتهريبا عن طريق المدقات الجبلية. وتوجد هناك مناطق ألغام، من الصعب دخول القوات من خلالها، لكن المهربين يستطيعون ذلك بأساليب وطرق هم يعلمونها جيدا.. لكن، أريد أن أطمئن الجميع إلى أنه في الفترة الأخيرة ونتيجة للضبطيات المتعددة، تراجع تهريب ونقل الأسلحة من ليبيا إلى مصر بشكل كبير جدا.

* لكن مهربي الأسلحة يبدو أنهم يغيرون أيضا من أساليبهم؟

- نعم.. في السابق، كان يجري ضبط الأسلحة مخبأة تحت أقفاص فاكهة أو أقفاص تين. لكن، حاليا يقوم المهربون بتفكيك الأسلحة ووضع أجزائها في أماكن خافية في تجاويف السيارات من الداخل.. أو وضع أجزاء الأسلحة في أجهزة كهربائية مثل السخانات وأجهزة التلفزيون وغيرها. وكل يوم تأتي لنا ضبطيات من هذا النوع من إدارة منفذ السلوم البري على الحدود مع ليبيا. ونحن اليوم، كجهات أمنية، لا يمكن أن نقوم بتوقيف كل سيارة لفك أجزائها بحثا عن الأسلحة، ولكن عملية الرصد تجري وفقا للمعلومات المتوافرة والتنسيق مع القوات المسلحة.. وكذلك تعاون عمد ومشايخ وأهالي وشعب مطروح مع الشرطة ومع القوات المسلحة، يعد من ضمن المنظومة الأمنية التي نعمل على أساسها..

* هل توجد إحصاءات لما جرى ضبطه من أسلحة؟

- الكميات التي جرى ضبطها من مديرية الأمن منذ عام 2011 حتى الآن كميات كبيرة جدا، منها صواريخ مضادة للطائرات وصواريخ عابرة للمدن ومدافع وغرينوف، بالإضافة للأسلحة الآلية والأسلحة الخرطوش. لكن الإحصاءات التي أمامي الآن تخص الشهرين الأخيرين فقط، وجرى فيهما ضبط 184 بندقية آلية، و165 طبنجة (مسدس) و39 فرد (سلاح) خرطوش. و38170 طلقة متنوعة. وأدى تشديد الإجراءات ضد عمليات تهريب الأسلحة إلى ضبط ممنوعات أخرى؛ منها 267800 قرص مخدر لعقار الترامادول، و202 طربة لمخدر الحشيش، و185 غراما من الهيروين، و135 غراما من الأفيون. وقبل يومين، جاءتنا معلومة عن سيارة مشتبه فيها على الطريق السريع، وحين استوقفناها وجدنا أن سائقها من مدينة الفيوم القريبة من القاهرة، وبتفتيش السيارة وجدنا فيها خمس بنادق خرطوش، وتبين أيضا أن هذا الشخص مطلوب ضبطه وإحضاره من السلطات القضائية في قضية اقتحام مركز الشرطة بمحافظة الفيوم.

* إلى أي حد أثر دخول السلاح من ليبيا على الوضع الأمني في مصر؟

- ليس كبيرا إلى تلك الدرجة. وإن دخلت أسلحة، فإنها دخلت بكميات محدودة، والضبطيات كانت كبيرة جدا. مثلا مخابرات حرس الحدود حين تضبط مركبا محملا بالسجائر المهربة والترامادول المهرب، تعثر فيها أيضا على أسلحة معدة للتهريب.. «المخابرات الحربية» في الصحراء، طورت من أسلوب تتبع المهربين، وتمكنت من رصدهم في المدقات الصحراوية النائية بالطائرات، وتنذرهم بالتوقف قبل أن ترسل إليهم الدوريات الراكبة لتوقيفهم. هذا لا يمنع من أن هناك أسلحة دخلت إلى مصر، لكن ليست بالكثافة أو الكمية التي يمكن القلق منها.

* لوحظ في الأسابيع الأخيرة تزايد الهجرة غير الشرعية عبر الحدود المصرية - الليبية. كيف ترى الأمر؟

- الهجرة غير الشرعية تعود للمواطن نفسه الذي يجري وراء سراب الثراء السريع أو محاولة الوصول إلى إحدى الدول الأوروبية. وتحدثت وحذرت من الهجرة غير الشرعية عبر الحدود المصرية مع ليبيا في التلفزيون وفي الإذاعة المحلية. ودعوت الشباب إلى عدم الانقياد وراء أي إغراءات بالسفر غير القانوني.

* شهد منفذ السلوم بين مصر وليبيا الكثير من حالات التوتر. فما السبب؟

- أولا، الفترة الأخيرة لم تشهد أي توتر، والأمور مستقرة والحمد لله، لأنه يوجد تنسيق كامل بمعرفة الجهات السيادية و«المخابرات الحربية» هنا (بمصر) مع «المخابرات الحربية» في ليبيا، بالإضافة إلى دور عمد ومشايخ مطروح مع زملائهم وأقرانهم من عمد ومشايخ ليبيا. وقام العمد والمشايخ مع المخابرات بفك أسر السائقين المصريين الذين كانوا محتجزين في ليبيا، قبل أسبوعين، خلال 24 ساعة.. الجهود الشعبية والرسمية بين جانبي البلدين تسير على ما يرام. وأنت تعرف أن العائلات والقبائل ممتدة على جانبي الحدود. وبعض القبائل نصفها في مصر ونصفها الآخر في ليبيا.

* معلوم أن 80% من الناخبين في محافظة مطروح أعطوا أصواتهم للرئيس السابق مرسي، بينما اليوم نجد الغالبية العظمى من أبناء المحافظة أصبحوا ضده. فما تفسيرك؟

- غالبية أبناء مطروح ينتمون إلى التيار السلفي. وفي وقت انتخابات الرئاسة الماضية في 2012، تحالفت التيارات الإسلامية بعضها مع بعض، وأعطت أصواتها لمرسي. وبعد ذلك، أي خلال سنة من حكم الرئيس السابق، وما تخللها من ممارسات، لم يجدوا أن هناك شيئا يتحقق مما وعد به. وبعد قيام ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، انضم السلفيون إلى غالبية الشعب، وذلك بعد التنسيق مع قياداتهم وشيوخهم، حيث اختاروا الانحياز إلى «خارطة الطريق» واتفقوا على لم الشمل ونبذ العنف، لأن الممارسات التي يمارسها الإخوان المسلمين لا تتفق مع الإسلام والشريعة، فلا أحد يتفق على أعمال القتل والحرق والتدمير والتخريب. الممتلكات التي جرى تخريبها يجري تعويضها في نهاية المطاف من قوت الشعب ومن خزينة الدولة. والسلفيون رأوا أن مثل هذه الممارسات لا تتفق مع الصالح العام ولا مع الإسلام، فاختاروا «خارطة الطريق» التي أعلنها الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، وانفصلوا عن تيار «الإخوان».

وأصبح عدد «الإخوان» في مطروح لا يزيد على أصابع اليد ولا يمثلون ظاهرة. ولهذا، نشكر شعب مطروح بكل طوائفه وفئاته. ونشكر إخواننا السلفيين والعمد والمشايخ والعواقل وشباب المحافظة الواعد الذي اختار أيضا «خارطة الطريق».

* ما الموقف الأمني الخاص بمشروع الطاقة النووية في الضبعة الذي تريد الحكومة استئناف العمل به بعد الهجوم الذي تعرض له أثناء أحداث 25 يناير 2011؟

- الموقف في الوقت الحالي يعد آمنا، خاصة بعد اقتناع أهالي الضبعة أنفسهم بالمشروع، وأنه مشروع قومي سيعود على مصر بالنفع العام وعلى الضبعة بالنفع الخاص. والأهالي سلموا أرض المشروع أخيرا للقوات المسلحة دون شرط أو قيد. وبدأت اللجان الخاصة بالمشروع العمل. ولأهالي الضبعة مطالب يجري وضعها في الحسبان، منها اشتراطات الأمان النووي، والأولوية في تشغيل العمالة من أبناء المدينة وبحث التعويض عن الأراضي.