حكومة زيدان تطالب المسلحين بالانضمام إلى قوات الجيش والشرطة

تجدد عمليات الاغتيال في بنغازي رغم انتشار «القوات الخاصة»

TT

بينما نأى المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا بنفسه عن التعليق على الاشتباكات المسلحة التي شهدتها العاصمة الليبية طرابلس على مدى اليومين الماضيين، حذرت الحكومة الانتقالية برئاسة علي زيدان من خطورة انتشار السلاح خارج شرعية الدولة، وحثت في بيان أصدرته أمس جميع المسلحين من الثوار على الانضمام إلى المؤسسات الشرعية، المتمثلة في الجيش والشرطة.

وتعهدت الحكومة باتخاذ كافة التدابير اللازمة لعدم تكرار هذه الأحداث وتقديم من كان وراءها للعدالة، داعية جميع المواطنين إلى ضبط النفس وعدم الانجرار وراء الدعوات التي من شأنها زرع الفتنة بين أبناء الشعب، والتماسك فيما بينهم ونبذ الخلافات والتوحد على حب الوطن.

وسمع سكان في العاصمة طرابلس أصوات انفجارات في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، لكن لم يعرف مصدرها، بينما نفى المجلس المحلي بمصراتة تشييع جثمان نوري فريوان، قائد «كتيبة النسور»، الذي أدى إعلان وفاته في مالطا عقب إصابته في الأحداث التي شهدتها طرابلس، إلى تجدد الاشتباكات بين جماعات مسلحة. وعد المجلس، في بيان بثته وكالة الأنباء المحلية، هذه الأخبار تهدف إلى زرع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، داعيا الجهات المسؤولة إلى القبض على الجناة وتقديمهم للعدالة.

من جهته، قال سادات البدري، رئيس مجلس طرابلس المحلي، إن المدينة تتعرض لما وصفه بالظلم والترهيب والأفعال غير القانونية من مجموعات مسلحة لا تملك أي شرعية، لافتا إلى أن أهالي طرابلس تعرضوا للترويع واستخدام مكثف لكافة الأسلحة من المسلحين، الذين هم غير آبهين بسكان المدينة من أطفال ونساء وشيوخ، على حد تعبيره.

وأضاف خلال اجتماع طارئ، حضره أعضاء من «المؤتمر الوطني» ورؤساء المجالس الفرعية وأعضاء مجلس الحكماء وأعضاء لجنة الحوار الوطني وناشطون سياسيون أن «أهالي المدينة يؤكدون أن لا حل لهذه المشاكل إلا بإخراج القابعين في مناطق مدينة طرابلس الذين لا يحملون صفة شرعية ويملكون أسلحة يستعملونها في أغراضهم الخاصة».

وتابع: «نطالب الحكومة وأدواتها التنفيذية بالإسراع في إخراج هذه المجموعات المسلحة، وتطبيق القانون رقم (27) القاضي بإخلاء العاصمة من كافة التشكيلات المسلحة، حتى تستقر العاصمة ويشرع في بناء دولة مدنية بحق».

إلى ذلك، لم يمنع انتشار وحدات من الجيش الليبي في مدينة بنغازي (شرق البلاد) من تجدد عمليات الاغتيال التي تستهدف عسكريين ورجال أمن، حيث اغتيل ضابط بفرع جهاز الحرس البلدي بالمدينة أثناء تجوله بالقرب من سوق محلية. وأوضح العقيد عبد الله الزايدي، الناطق الرسمي باسم الغرفة الأمنية المشتركة، أن الضابط تعرض لعملية إطلاق نار من قبل مجهولين، لكنه رجح أن تكون العملية ذات طابع جنائي وليست مرتبطة بعمليات الاغتيال الممنهج الذي تشهده المدينة.

كما تعرض مقر كتيبة الإسناد الأمني في منطقة بودزيره ببنغازي صباح أمس لهجوم مسلح بقذائف «آر بي جي» من قبل مجهولين، مما أسفر عن إصابة عنصرين من أفراد الكتيبة بإصابات بالغة.

وكان الجيش الليبي قد نشر قواته في مدينة بنغازي، أول من أمس، في استعراض للقوة يهدف إلى استعادة الأمن في المدينة التي تعاني تفجيرات واغتيالات شبه يومية.

واستعرضت الغرفة الأمنية المشتركة لتأمين بنغازي قوات مدججة من مختلف وحدات رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي في المدينة، بلغ قوامها قرابة عشرة آلاف عسكري وسبعمائة آلية مسلحة.

وخرج نحو 500 شخص إلى الشوارع للترحيب بالجيش الذي اتهمه معارضوه بالتزام ثكناته إلى حد كبير في الأشهر الأخيرة، بينما قال ونيس بو خمادة، قائد القوات الخاصة، أمام هذا الحشد: «نحن مع الشعب في بنغازي.. وما دام الشعب معنا فلن نخاف من أحد، لن نسمح باستمرار ضعف الأمن في بنغازي».

وتدهور الوضع الأمني في المدينة الساحلية التي تمثل جزءا مهما من البنية التحتية النفطية في ليبيا خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث تجوبها الميليشيات والإسلاميون المتشددون بحرية كاملة، مما يبرز الفوضى التي عمت البلاد بعد عامين من سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي.

وأغلقت معظم الدول قنصلياتها في بنغازي، ثاني أكبر مدينة ليبية، بعد سلسلة من الهجمات، وتوقفت بعض شركات الطيران الأجنبية عن تسيير رحلات جوية هناك. وقتل السفير الأميركي في سبتمبر (أيلول) عام 2012 خلال هجوم شنه إسلاميون على القنصلية.

ويشكل الاستقرار في المنطقة عاملا مهما لإمدادات النفط، إذ يشكل إنتاج النصف الشرقي للبلاد نحو 60% من إجمالي إنتاج النفط الليبي.

وكانت السلطات عززت المدينة بقوات خاصة في يونيو (حزيران) الماضي بعد مقتل نحو 40 شخصا في اشتباكات بين ميليشيات متناحرة ساعدت في الإطاحة بنظام القذافي، ولكنها احتفظت بسلاحها بعد الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي.

وتخشى القوى الغربية من أن تمتد القلاقل في بنغازي إلى العاصمة طرابلس التي شهدت أسوأ قتال بين الميليشيات هذا الأسبوع.

في غضون ذلك، سيطرت ميليشيات تابعة للأمازيغ على ميناء مليتة الذي تديره المؤسسة الوطنية الليبية للنفط وشركة «إيني» الإيطالية. وهددوا أيضا بقطع إمدادات الغاز التي تتدفق عبر البحر المتوسط.

وزاد احتجاج الأمازيغ من المهمة الصعبة بالفعل التي تواجهها حكومة زيدان لاحتواء عشرات الميليشيات المتناحرة والمقاتلين السابقين الذين سيطروا على أجزاء من البلاد، بما فيها موانئ نفط في الشرق. وقال عادل التلوع، الضابط بقوة تأمين المنشآت النفطية: «يمكننا وقف صادرات الغاز إلى أوروبا.. للضغط على إيطاليا والاتحاد الأوروبي لدفع (المؤتمر الوطني) إلى الاعتراف بلغة الأمازيغ».