الأمن الفلسطيني يعمل لأول مرة بشكل علني في ضواحي القدس

مسؤول أمني: الجريمة تكاد تكون منظمة هناك وإسرائيل لا تتدخل

TT

لأول مرة منذ تأسيس السلطة الفلسطينية، تعمل قوات من الأمن الفلسطيني في وضح النهار، في ضواحي القدس التي تخضع للسيطرة الإسرائيلية بشكل كامل، والتي طالما منعت الفلسطينيين من العمل فيها.

وتطارد القوات الفلسطينية، مطلوبين للعدالة ومتورطين في «قضايا إجرامية»، على ما أفاد اللواء عدنان الضميري الناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية لإذاعات محلية.

وقال الضميري: «الحملة تأتي في محاولة للقضاء على الأعمال الإجرامية». وأضاف: «الجريمة تكاد تكون منظمة في ضواحي القدس، وإسرائيل لا تتدخل».

وألقت الأجهزة الأمنية الفلسطينية القبض على نحو 25 متهما بينما تواصل ملاحقة آخرين في الحملة التي جند لها عشرات العناصر.

ومن غير المعروف إلى متى ستستمر الحملة الحالية، التي تأتي بالتنسيق مع السلطات الإسرائيلية.

وقال بيان لإدارة العلاقات العامة والإعلام في الشرطة الفلسطينية: «إن شرطة ضواحي القدس بالتعاون مع قيادة منطقة الضواحي نفذت حملة أمنية واسعة في مدينة الرام، حيث تمكنت من إلقاء القبض على 20 مطلوبا للقضاء الفلسطيني، وألقي القبض على خمسة أشخاص من ذوي السوابق بتعاطي المخدرات وضبط بحوزتهم مواد يشتبه أنها مخدرة من نوع هيروين وحبوب اكستازي وبذور القنب الهندي وأدوات تعاطي بانج ومنشطات جنسية».

وأضاف البيان «أن الحملة ما زالت مستمرة وقد أوقف المتهمون وسيحالون إلى النيابة العامة لاستكمال الإجراءات القانونية بحقهم».

وتتركز الحملة الآن في بلدة الرام وستطال قرى مثل بيت حنينا وشعفاط.

وتحولت هذه المناطق عبر سنوات طويلة إلى ملجأ للعصابات والهاربين من القانون رغم أنها تقع في نطاق القدس وتحت سيطرة إسرائيلية. لكن إسرائيل لا تعير هذه المناطق أي اهتمام يذكر.

وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن الأجهزة الأمنية كانت تضطر أحيانا إلى جلب مطلوبين لديها عبر تنفيذ عمليات سرية باللباس المدني، لأن إسرائيل كانت ترفض السماح للقوات الفلسطينية بالعمل في المناطق «ب» و«ج» بشكل علني وبالزي الرسمي («ب» تخضع للسيطرة الأمنية الإسرائيلية والإدارية للسلطة، و«ج» تخضع للسيطرة الأمنية والإدارية الإسرائيلية).

وفي مرات سابقة محدودة سمحت إسرائيل للقوات الفلسطينية بالعمل في مناطق نائية تحت سيطرتها، لكن في الضفة الغربية، وليس في القدس التي تقول إنها ستبقى «العاصمة الأبدية».

وهذه المرة طلبت السلطة من الولايات المتحدة ودول أخرى الضغط على إسرائيل من أجل السماح للأجهزة الأمنية بالعمل في ضواحي القدس.

وتقول السلطة إن القدس (الشرقية) ستكون عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة.

وعلى الرغم من أن عمل القوات الفلسطينية لم يجر في نطاق اتفاق سياسي، فإن ذلك يكتسب أهمية استثنائية، إذ قد يكون مقدمة لخطة إسرائيلية بتسليم السلطة مزيد من المناطق في محيط القدس.

وكانت بلدية القدس أخرجت عدة أحياء فلسطينية في الأعوام الأخيرة، خارج جدار المدينة المقدسة، وطلبت البلدية من «الإدارة المدنية» التابعة للجيش الإسرائيلي، إعادة الاهتمام بشؤون التعليم والصحة والمياه والصرف الصحي والبناء والخدمات الأخرى في هذه المناطق، غير أن الجيش قال إن المسألة بحاجة اتخاذ قرار سياسي على أعلى المستويات.

وتشير الإحصائيات الفلسطينية إلى أن ما يزيد على 125 ألف مقدسي باتوا مهددين بفقدان حق إقامتهم في مدينتهم، بعد أن طالت الإجراءات نحو 30 ألف مقدسي على أدنى تقدير منذ أوائل التسعينات.

ويبدو أن إسرائيل تخطط لإقحام السلطة شيئا فشيئا في شؤون هذه المناطق.

وتطلب السلطة على الدوام تسليمها مناطق إضافية في الضفة والقدس.

وقبل عامين أجريت مباحثات أمنية في واشنطن حول جاهزية السلطة لتسلم المسؤولية الأمنية عن مناطق تحت السيطرة الإسرائيلية. وأجرت السلطة استعدادات مبدئية لتسلم مناطق حول القدس، منها بلدة أبو ديس، لكن الاتفاق لم ير النور بسبب توقف المفاوضات.

والآن مع عودة المفاوضات، عادت السلطة للعمل في المناطق التي كانت تستعد لتسلمها سابقا.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما طلبت من إسرائيل أكثر من مرة نقل مناطق في «ب» و«ج» إلى «أ» لتصبح تحت سيطرة أمنية وإدارية فلسطينية، لكن إسرائيل لم تعط ردها بعد.

ويقول الإسرائيليون إن نقل مناطق «ب» و«ج» إلى السلطة يجب أن يأتي ضمن مفاوضات سياسية، ويقول الفلسطينيون إنهم جاهزون لتسلم المناطق.