الفلسطينيون يحيون ذكرى عرفات بالتعهد بمواصلة البحث عن ادوات اغتياله والجناة

خلافات واتهامات بين فتح وحماس حول منع مهرجان القطاع

طلاب فلسطينيون ملثمون في جامعة النجاح بمدينة نابلس في الضفة الغربية خلال احتفالية لإحياء الذكرى التاسعة لوفاة عرفات أمس (إ.ب.أ)
TT

تبادلت حركتا فتح وحماس الاتهامات مجددا بشأن إقامة مهرجان في قطاع غزة في الذكرى التاسعة لرحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات (أبو عمار). وبعدما قالت فتح إن حماس تمنع إقامة الاحتفال متهمة إياها بـ«محاولة الاغتيال السياسي لعرفات في وعي الفلسطينيين»، نفت حماس ذلك، واتهمت فتح في المقابل برفض التنسيق حول ترتيبات الاحتفال ومكانه.

وقال المتحدث باسم حماس، سامي أبو زهري: «وافقنا بعد التنسيق مع جهات الاختصاص في الحكومة الفلسطينية على إحياء ذكرى عرفات، وقدمنا اقتراحا لحركة فتح بعقد الاحتفال في مكان مناسب تحت ضمانات فصائلية؛ إلا أن الأخيرة رفضته، مدعية أن ترتيبات هذا الاحتفال خاصة بها». وأضاف: «حركة فتح أبلغت منسق لجنة القوى الوطنية والإسلامية قرارها عدم الحضور بزعم أن هذا احتفال لفتح ولا علاقة للفصائل بذلك. وتعطل اللقاء لهذا السبب». وتابع: «لم نشأ التحدث في هذه التفاصيل سابقا للرغبة في عدم تحويل هذا الموضوع للمزايدة والمناكفة».

ويفهم من كلام حماس أنها تريد تنظيم احتفال تشارك فيه الفصائل وفق شروط محددة، وأكد ذلك عضو المكتب السياسي موسى أبو مرزوق، بقوله: «لم نمنع الاحتفال بذكرى رحيله في غزة، ولكن في العام الماضي أفسدت خلافات فتح الداخلية الاحتفال، وفي العام الذي سبقه أفسدت الاحتفال كثرة الدماء فيه، فكان البديل هو احتفال جامع يشارك فيه الكل الوطني وفي إطار لائق بالمناسبة».

ورفضت فتح ما اعتبرته محاولة من حماس لفرض أجندتها على الاحتفال بذكرى عرفات. واعتبرت استخدام واستغلال حماس اسم «أبو عمار» ومنعها إحياء ذكراه في قطاع غزة «صورة أخرى من جرائم الاغتيال المعنوي والسياسي الذي مارسته حماس ضد الرئيس الراحل عرفات والرئيس (الحالي محمود عباس) أبو مازن وريث المنهج النضالي الوطني للحركة».

وقالت الحركة في بيان: «حماس كانت تفعل في حياته ذلك أيضا عندما كانت توجه أعمالها العسكرية لعرقلة نضاله السياسي ومنعه من تحقيق أي تقدم على طريق البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية وقضية فلسطين (..) حماس هي التي استهدفت المنهج النضالي الوطني للرئيس الشهيد أبو عمار في حياته حيث عملت على إضعاف قرارات القيادة الفلسطينية بأعمال وعمليات أضرت بحق الشعب الفلسطيني المشروع في المقاومة، حيث نرى قادتها اليوم يحاولون النيل من حركة فتح عبر لغة التشكيك في إخلاص ووفاء قيادة الحركة (اللجنة المركزية) ورئيسها وقائدها العام أبو مازن، لشهداء فلسطين؛ وعلى رأسهم الفدائي الأول ياسر عرفات».

وقالت فتح إنها لا تحتاج إذنا «لإحياء ذكرى استشهاد قائد الثورة الفلسطينية المعاصرة.. إن الشعب الفلسطيني أعظم وأكبر من طلب الإذن من الانقلابيين بغزة ليعبر عن وفائه للقائد الرئيس الشهيد ولكل شهداء فلسطين وقادته العظام».

وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن «الخلاف يتركز حول المكان.. حماس طرحت تنسيقا وأماكن محددة، وفتح رفضت وتريد مساحات واسعة».

ويكاد يكون هذا الخلاف متجددا في كل عام.

ويحيي الفلسطينيون في الضفة وقطاع غزة في مثل هذا الوقت من كل عام ذكرى رحيل أبو عمار الذي قضى في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2004، إثر تدهور مفاجئ في صحته، لم تكشف أسبابه الحقيقية إلا هذا الأسبوع.

وعلى الرغم من أن السلطة الفلسطينية أعلنت أن عرفات مات مسموما بعد تحقيقات أجراها خبراء سويسريون وروس على عينات من رفاته، فإن ذلك لم يشكل تحولا مهما لدى عموم الفلسطينيين الذي كانوا يتهمون إسرائيل سلفا بتسميم عرفات.

وكان مسؤول لجنة التحقيق في وفاة عرفات، اللواء توفيق الطيراوي قال الجمعة الماضي: «كل الدلائل والمعطيات تؤكد أن أبو عمار لم يمت بسبب المرض أو تقدم السن، ولم يمت موتا طبيعيا، وأن تطور الحالة المرضية للرئيس عرفات ناتج عن مادة سمية». وأضاف: «إسرائيل المتهم الأول والأساس في اغتيال الرئيس ياسر عرفات، واللجنة ستواصل التحقيق للوصول إلى كل التفاصيل وكل عناصر القضية».

ولم يكن اتهام الطيرواي قطعيا ضد إسرائيل، قائلا إنه يجب البحث عن الأدوات ومن يقف وراءها.

وأكثر ما يهم الفلسطينيين الآن هو من قتل عرفات، أي من دس له السم.

وقال زكريا الأغا، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، في بيان: «ملف استشهاد الرئيس ياسر عرفات سيبقى مفتوحا، ولن يغلق إلا بالكشف عن الجناة وتقديمهم للمحاكمة».

وحققت السلطة واستمعت على مدار سنوات طويلة إلى قائمة كبيرة من مرافقي وأصدقاء ومعارف عرفات، لكن دون جدوى. ونفت إسرائيل أي علاقة لها بتسميم عرفات، متهمة رجاله بالتورط في قتله إذا كان قضى مسموما، من أجل «المال والسلطة».