البرلمان الليبي يتجه لتمديد ولايته ويقلل من أهمية المظاهرات الشعبية ضده

زيدان يحذر من «نهاية الدولة».. ويعلن مهلة 10 أيام لفك حصار موانئ النفط

رئيس الوزراء الليبي علي زيدان أثناء مؤتمر صحافي في مقر رئاسة الحكومة بطرابلس أمس (رويترز)
TT

قلل عمر حميدان الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا من شأن وأهمية المظاهرات التي شهدتها العاصمة الليبية طرابلس أول من أمس، فيما أعلن علي زيدان رئيس الحكومة الانتقالية أنه لن يجري القبول باحتلال الحقول النفطية من أجل «أوهام سياسية أو مصالح شخصية».

وتجمع مئات الليبيين مساء السبت في العاصمة طرابلس ومدن أخرى للتظاهر استجابة لدعوة أطلقتها حركة جديدة تسمى «9 نوفمبر» ضد احتمال تمديد ولاية المؤتمر الوطني التي تنتهي في السابع من فبراير (شباط) المقبل، وطالبت الحركة بإعادة انتخاب المؤتمر الوطني وفقا للنظام الفردي بالتزامن مع انتخاب لجنة الستين، وتكليف شخصية وطنية مستقلة بتشكيل حكومة أزمة.

ورفع المحتجون في ساحة الشهداء بقلب العاصمة لافتات تحمل عبارات ترفض تمديد ولاية المؤتمر الذي تعد مهمته الأساسية هي قيادة البلاد إلى انتخابات عامة بعد صياغة دستور جديد.

ولمح المؤتمر إلى احتمال تمديد فترة ولايته بخلاف الجدول الزمني المقرر في «الإعلان الدستوري»، الذي صاغه المتمردون السابقون ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي، وقال عمر حميدان لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي من طرابلس: «رأينا أن هذه المظاهرات ضعيفة جدا.. وكان حجمها مضخما على صفحات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام مقارنة بما حدث فعلا.. ورأينا أنها إشارة إيجابية بتأييد من الطرف الآخر الذي يقول إن المؤتمر غير محدد بمدة».

وتابع: «من الناحية القانونية ليس هناك مدة لانتهاء عمل المؤتمر، سياسيا هناك تجاذب بين مختلف التكتلات السياسية»، مضيفا أن «المؤتمر الوطني من الناحية القانونية يرى أن مدته مستمرة، لكنه على المستوى السياسي يحاول معرفة وجهات نظر الناس، لا يوجد نص بهذا المعنى، والإعلان الدستوري لم ينص صراحة على هذا».

وقال الناطق باسم المؤتمر الوطني: «مثلا لدينا لجنة لكتابة الدستور.. ومحدد لعملها شهر، هل لو حدث تصويت ولم يجر تمرير الدستور ننهي عمل اللجنة؟ بالعكس فلنحاول مرة ومرات».

وكشف حميدان للمرة الأولى النقاب عن أن هناك اتجاها داخل المؤتمر الوطني لتعديل وضع، وليس حل، غرفة ثوار عمليات ليبيا التي جرى إلغاء التفويض الممنوح لها من قبل رئيس المؤتمر نوري أبو سهمين بتولي مهمة تأمين وحماية العاصمة طرابلس.

وأضاف: «أردنا إلغاء تكليف المؤتمر، ونضمها لوزارة الدفاع بحيث نستطيع محاسبتها. قرار تكليفها السابق يمكنها من اعتقال نصف أعضاء المؤتمر الوطني، الآن ما نفعله هو محاولة إعادة ضبطها وهيكلتها.. حتى لو جرى حلها رسميا، فستوجد على أرض الواقع».

وكان المكتب الإعلامي للغرفة، التي اتهمها علي زيدان رئيس الحكومة الانتقالية بالتورط في عملية اختطافه الشهر الماضي من مقر إقامته بأحد فنادق طرابلس، قد نفى اتهامات عدد من أعضاء المؤتمر الوطني عن مدينة طرابلس بخصوص عدم قيام عناصر الغرفة بمسؤولياتهم في حماية العاصمة أثناء الأحداث الأخيرة التي وقعت ليلة الجمعة الماضي.

وأكد المكتب في بيان بثته وكالة الأنباء المحلية أن الغرفة قد سارعت إلى التواصل مع المتنازعين فور وقوع الحادث ودعتهم إلى الاحتكام للعقل وضبط النفس وإعمال القانون. وأضاف البيان أن الغرفة كانت سباقة لدرء الفتنة وفض النزاع بين الإخوة كونهم ثوارا حقيقيين كانوا يقفون جنبا إلى جنب في جبهات القتال في مدة ليست بعيدة، لافتة إلى ضرورة الالتفات إلى القضايا المهمة التي تخص المواطن الليبي، ومن بينها قضية إغلاق الموانئ النفطية التي تتعلق بقوت الليبيين، وتنفيذ مذكرة النائب العام المتعلقة بها.

من جهته، كشف رئيس الحكومة الانتقالية في مؤتمر صحافي عقده أمس عن أن حكومته تسلمت منذ أربعة أيام تقرير لجنة الأزمة بالمؤتمر الوطني، الذي يخولها التعامل مع إغلاق الموانئ النفطية بمنطقة الهلال النفطي، موضحا أن حكومته بدأت في اتخاذ الإجراءات التنفيذية.

وأعلن زيدان أنه جرى إمهال الذين يحاصرون الموانئ مدة لا تتجاوز 10 أيام لفك حصارهم، وإلا فستستخدم الحكومة صلاحياتها وإجراءاتها التي لم يعلن عنها.

واعتبر أن الاغتيالات التي تطال المواطنين وآخرهم المحامي العام في درنة واثنان من رجال الشرطة في بنغازي، هي دليل على أن التحدي ضد قيام الدولة وتفعيل دور الجيش والشرطة والقضاء ما زال قائما، مضيفا: «وهو تحد لعموم الشعب وللدولة وللحكومة».

وأوضح زيدان «أن ما شهدته مدينة طرابلس يومي الخميس والجمعة الماضيين من تبادل لإطلاق النار ما بين مجموعتين مسلحتين هو دلالة قاطعة على أن وجود السلاح خارج أيدي الجيش والشرطة وخارج أيدي المؤسسات النظامية في الدولة».

وتابع: «وجود السلاح عند الأفراد وعند المدن وعند القبائل وعند العائلات يشكل خطرا كبيرا على حامليه، ومن يظن أن بحيازته السلاح في بيته أو في مدينته أو لدى قبيلته يضمن السلامة لنفسه فهو واهـم».

ولفت إلى أن تبادل إطلاق النار الذي حدث في سماء طرابلس بأسلحة ثقيلة تسبب في إصابة فندق المهاري الذي توجد فيه مجموعة من السفارات، وأيضا فندق الودان ومكتب وزير الخارجية ووزارة التخطيط، وكذلك تعرض السفارة الإيطالية للسرقة.

وبعدما كشف النقاب عن أن السفراء الأجانب لدى ليبيا نقلوا إليه ضيقهم وامتعاضهم مما حدث، مما أعطى انطباعا سيئا عن الشعب الليبي، حذر زيدان من خروج السفارات من ليبيا، مما يعني نهاية الدولة، على حد قوله.

وشهدت ليبيا بعد أكثر من 40 عاما من الحكم المطلق للقذافي، أول انتخابات حرة في يوليو (تموز) من العام الماضي لاختيار 200 نائب في المؤتمر الذي يعد أعلى سلطة سياسية في البلاد.

وتدهور الوضع الأمني في بنغازي التي تمثل جزءا مهما من البنية التحتية النفطية في ليبيا خلال الأشهر القليلة الماضية حيث تجوبها الميليشيات وإسلاميون بحرية كاملة، مما يبرز الفوضى التي عمت البلاد بعد عامين من سقوط القذافي. وأغلقت معظم الدول قنصلياتها في بنغازي، ثاني أكبر مدينة ليبية، بعد سلسلة من الهجمات، وتوقفت بعض شركات الطيران الأجنبية عن تسيير رحلات جوية هناك، كما قتل السفير الأميركي العام الماضي خلال هجوم شنه إسلاميون على القنصلية. ويشكل الاستقرار في المنطقة عاملا مهما لإمدادات النفط؛ إذ يشكل إنتاج النصف الشرقي للبلاد نحو 60 في المائة من إجمالي إنتاج النفط الليبي.