«أصابع رابعة».. أيقونة الجماعة تتحول من الاعتزار إلى الاستفزاز

هدية أردوغان لـ«الإخوان» تحولت إلى صك إدانة لأنصار مرسي

TT

أخشى أن يأتي اليوم الذي ننادي فيه على بعضنا «امسك إخواني»، على غرار النداء الشعبي الشهير «امسك حرامي».. قالها الرجل الستيني على المقهى الشعبي، وهو يضرب كفا في كف، مخاطبا أصدقاءه: «سبحان الله.. يوم لك ويوم عليك»، واصفا جماعة الإخوان بـ«الجماعة الطائشة» بسبب الملابسات التي أحاطت بها منذ وصولها الحكم طيلة سنة، حتى الخروج منه.

ومع اشتداد أعمال العنف التي ترافق مظاهرات «الإخوان» تحول شعارهم الأثير «أصابع رابعة» إلى صك إدانة، تذهب بمن يضبط متلبسا بها إلى منصة القضاء، بتهمة إثارة الشغب والتحريض على العنف، وترويع المواطنين وغيرها من المظاهر السلبية التي تصل إلى حد التدمير للمنشآت العامة والخاصة وسقوط قتلى وجرحى.

وغالبا ما ترافق مظاهرات ومسيرات «الإخوان المسلمين» وأنصار الرئيس السابق محمد مرسي، أعمال شغب لا تخلو من مصادمات مع رجال الأمن والأهالي في الشوارع والميادين وأمام المساجد وفي الجامعات، مستظلين بـ«أصابع رابعة» وراياتها الصفراء، والتي أصبحت تطبع على ملابس الرجال والنساء كتميمة على الحلم الضائع أو المغدور، على حد ظنهم.

شعار الأصابع الأربعة على خلفية صفراء، ومنذ أهداه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في خطاب جماهيري يندد فيه بفض اعتصام «إخوانه، الإخوان» في محيط مسجد رابعة العدوية بضاحية مدينة نصر بالقاهرة، وهو لا يكف عن الدوران في فلك مظاهرات الجماعة المطالبة بعودة رئيسهم المحبوس، متجاوزا مربعه الأصفر، في فضاء الميادين والشوارع، إلى الرياضة وملاعب كرة القدم.

وبالأمس القريب عوقب بالإيقاف عن اللعب لاعب فريق كرة القدم بالنادي الأهلي أحمد عبد الظاهر، بعد رفعه إشارة «رابعة» بكفه عقب تسجيله هدف الاطمئنان لفريقه، ليحرز كأس بطولة نهائي دوري أبطال أفريقيا، الأمر الذي أثار جدلا واسعا في أوساط معظم الإعلام المصري، وقدم اللاعب اعتذارا للنادي؛ لكن النادي أوقفه عن اللعب.

ومن قبل عوقب بطل العالم للكونغو، المصري، محمد يوسف، لرفعه إشارة رابعة حيث كان مرتديا «تي شيرت» عليه الشعار وذلك أثناء تتويجه ببطولة العالم المقامة أخيرا في روسيا. وشددت السلطات المصرية العقوبة بتجريده من الميدالية وحرمانه من تمثيل مصر في المحافل الدولية كما أوقف الأمن مجموعة من النساء والفتيات، كن يرتدين «تي شيرتات» عليها شعار رابعة في مظاهرات لـ«الإخوان» وقدمهن للتحقيق، وحرزت هذه الملابس كدليل اتهام ضدهن.

رفع أردوغان كفه اليمنى عاقدا إصبعه الإبهام على بطنها في إشارة إلى رقم أربعة المنسوب إليه اسم «رابعة العدوية» حيث سميت بهذا الاسم كما يقول الرواة لأنها رابعة أخواتها.

لكن هدية أردوغان التي تلقفها «الإخوان» ووجدوا فيها ضالتهم فقدت الكثير من جاذبيتها، بعد أن زج بمعظم كوادر وقيادات الجماعة في السجن، تحت ذمة قضايا، قد يحكم فيها بعقوبات مشددة بحسب مراقبين. يعزز ذلك أن مسيرات «الإخوان» وشعارهم «الربعاوي»، لم يقض مضاجع الدولة، فهي ماضية في مسارها الديمقراطي، كما نصت عليه خارطة المستقبل، التي دشنها الجيش ونشطاء سياسيون ورجال دين عقب الإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي في الثالث من يوليو (تموز) الماضي.

وكما يقول إبراهيم السعيد، وهو ناشط سياسي عضو بأحد الأحزاب المصرية: «شعار رابعة أصبح منفرا للناس في الشارع، خصوصا بعد أن تكشفت حقيقة جماعة الإخوان، ومخططاتها لهدم الدولة المصرية لمصلحة آيديولوجية الجماعة، كما أن هذا الشعار أصبح دليل إفلاس بعد أن فقدوا الكثير من مصداقيتهم في الشارع».

يضيف السعيد قائلا: «من الصعب أن تختصر نفسك في شعار سياسي، والعالم من حولك يتغير ويتجاوزه.. هذا نوع من الغباء السياسي، لكن للأسف (الإخوان) يصرون عليه».

وعلى عكس السعيد ترى نورهان محمود، وهي طالبة بكلية البنات بجامعة عين شمس، وتفتخر بأنها تنتمي لأسرة إخوانية، أن شعار رابعة لن يموت، وسيظل حيا، وعلى حد قولها إنه «دعوة للرحمة والقصاص والعدل، سوف نورثه لأبنائنا وأحفادنا، ليتذكروا دماء الشهداء الذين سقطوا في مجزرة فض اعتصام المؤيدين للحق والشرعية، في اعتصام رابعة، وأيضا في ميدان النهضة».. تضيف نورهان «شعار رابعة يظلل بيتنا، ويمنحنا شعورا بالسكون النفسي واليقين».

ويفسر أحمد، وهو فنان تشكيلي شاب، من أعضاء جماعة «الفن ميدان» اختيار «الإخوان» الأصفر لونا لشعار رابعة، بأنه محاولة للبحث عن نوع من السخونة ولفت الأنظار، حيث يعد اللون الصفر من الألوان الساخنة، لكنه سيكولوجيا بمفرده منفر، تغادره العين بسرعة، ولا بد أن يتجاور ويتقاطع مع ألوان أخرى.

ويرى أحمد أن إصرار «الإخوان» على هذا الشعار الدخيل، يؤكد فقر خيالهم، ومحدودية طاقتهم على الفن والإبداع، مشيرا إلى أن الذاكرة الشعبية المصرية ستطويه في غياهب النسيان، لأنها ذاكرة مبدعة وخلاقة، تعتمد على قدراتها الذاتية، وليس على الاستعارة من الخارج.

ولم تسلم أصابع رابعة من سخرية المصريين، فقام شباب معارضون لـ«الإخوان» بابتكار شعار مضاد تشكل فيه أصابع الكف البيضاء علامة رابعة ومثبتة على خلفية خضراء، وكتب أسفلها «أطحنا بمرسي في أربعة أيام»، نكاية في شعار «الإخوان» «الطائش»، على حد قولهم.