إصابة عسكريين تونسيين ومقتل مسلح في تبادل لإطلاق النار

منظمة حقوقية تندد بـ«اعتداء» الحكومة على صلاحيات هيئة قضائية

TT

قتل عنصر إرهابي وضبط ثمانية آخرون خلال عمليات مداهمة لقوات الحرس التونسي أمس بمحافظة قبلي جنوب البلاد. وبينما أفادت وزارة الشؤون الدينية بأن عدد المساجد الخارجة عن السيطرة في البلاد تقلص ليصبح في حدود 50 مسجدا فقط، نددت منظمة حقوقية مستقلة بما سمته «اعتداء» الحكومة، التي تقودها حركة النهضة الإسلامية، على صلاحيات «هيئة القضاء العدلي».

وأفادت وزارة الداخلية التونسية، في بيان لها أمس، بأن وحدات خاصة من الحرس التونسي تبادلت إطلاق النار مع «مجموعة إرهابية» خلال عملية اقتحام ناجحة فجر أمس بقبلي، أمكن خلالها القضاء على أحد عناصرها وإيقاف ثمانية، وتجري ملاحقة بعض العناصر الفارة، بينها عنصر مصاب، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.

وأصيب خلال العملية عنصران من أعوان الحرس بجروح في الأرجل. وذكرت الوزارة أن الوحدات الخاصة لقوات الأمن الداخلي تقوم منذ أول من أمس بعمليات أمنية خاصة واسعة النطاق في ولاية قبلي بأطراف الصحراء جنوب البلاد.

وكانت الرئاسة التونسية أعلنت في أواخر أغسطس (آب) الماضي المنطقة الصحراوية في الجنوب على الحدود مع الجزائر غربا وليبيا شرقا منطقة عسكرية عازلة لدعم جهود الجيش في مقاومة الإرهاب والتهريب. وذكرت الداخلية أمس أن وحدات الأمن ضبطت خمس سيارات ومبالغ مالية كبيرة وأجهزة إعلامية وتوابعها و30 هاتفا جوالا وقنبلة يدوية وشاحنة بصدد التحضير لتفخيخها.

وتلاحق قوات من الأمن والجيش منذ أول من أمس أيضا مسلحين بمحافظة جندوبة غرب البلاد قرب الحدود مع الجزائر، على علاقة بالهجمات التي استهدفت مراكز أمنية حدودية في 26 أكتوبر (تشرين الأول) (تشرين أول) الماضي.

في غضون ذلك، أفادت وزارة الشؤون الدينية في تونس أمس بأن عدد المساجد الخارجة عن السيطرة في البلاد تقلص ليصبح في حدود 50 مسجدا فقط. وقال وزير الشؤون الدينية في الحكومة المؤقتة نور الدين الخادمي، خلال مؤتمر صحافي بمقر الحكومة بالقصبة، إن 5000 مسجد تخضع حاليا لسيطرة وإشراف الوزارة من جملة 5050 مسجدا موزعة على كامل البلاد.

وعقب سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي عام 2011 اجتاحت الجماعات السلفية المتشددة المئات من المساجد في مختلف المحافظات وسجلت عدة مواجهات بين قوات الأمن ومتشددين يتحصنون داخل مساجد. كما وجهت اتهامات لتلك الجماعات بتوظيف المساجد لنشر الخطاب الديني المتشدد الغريب عن المجتمع التونسي وتجنيد الشباب لمواجهة الدولة والجهاد في سوريا.

وبعد ثورة 14 يناير (كانون الثاني) عام 2011 بلغ عدد المساجد المستولى عليها حتى نوفمبر (تشرين الثاني) من نفس العام 1100 مسجد، ثم تقلص عددها حتى أغسطس الماضي إلى 100 مسجد، بحسب الوزارة.

وأوضح الخادمي أن 50 مسجدا بقيت خارج السيطرة، وهي الآن بصدد المعالجة الإدارية والقانونية، وقال إن «الوزارة لا تقبل العمل خارج الإطار الرسمي، والدولة لن تسمح بذلك».

من جهة أخرى، نددت منظمة حقوقية مستقلة أمس بما سمته بـ«اعتداء» الحكومة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية في تونس على صلاحيات «هيئة القضاء العدلي»، التي صادق على إحداثها المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) في أبريل (نيسان) الماضي، والتي من ضمن مهامها التعيين في الوظائف القضائية العليا.

وأعلن «المرصد التونسي لاستقلال القضاء» في بيان أن وزير العدل نذير بن عمو (مستقل)، عيّن في 7 نوفمبر الحالي طه الأمين البرقاوي متفقدا عاما بوزارة العدل، وفاطمة الزهراء بن محمود رئيسة للمحكمة العقارية، وذلك في «اعتداء» على صلاحيات هيئة القضاء العدلي.

ولفت البيان إلى أن تعيين المسؤولين المذكورين وقع «في نفس التاريخ الذي نفذ فيه القضاة التونسيون أوسع إضراب شهده القضاء التونسي (في تاريخه)». وذكر بأن الإضراب نظم «احتجاجا على تحدي السلطة التنفيذية ممثلة في وزير العدل لقرارات هيئة القضاء العدلي، وفرض الأمر الواقع على هيئة دستورية منتخبة مباشرة من القضاة والمجلس الوطني التأسيسي»، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال المرصد إن «تجرؤ الحكومة ووزير العدل على هيئة القضاء العدلي وتجاوز قراراتها والاستخفاف بموقعها وإهانة أعضائها يمثل اعتداء مباشرا على السلطة القضائية والكرامة المعنوية للقضاء، فضلا عن انتهاك القانون وشرعية المؤسسات الدستورية». وأعرب عن «خشيته من أن يؤدي امتهان كرامة القضاء وإلغاء إرادته إلى بداية انهيار المنظومة القضائية واستباحة ما بقي من مؤسساتها».

وأعلن المرصد «تضامنه مع القضاة ودعمه لحقوق المواطنين في قضاء مستقل»، داعيا الحكومة إلى «احترام إرادة الشعب في بناء مقومات دولة القانون»، كما ندد بـ«محاولات الاختراق والوصاية على القضاء والتلاعب بالتعيينات القضائية لأهداف سياسية».

ويتهم قضاة ومعارضون حركة النهضة الإسلامية الحاكمة بالنزوع للسيطرة على القضاء لتوظيفه سياسيا لصالحها، في حين تنفي الحركة هذه الاتهامات.