مشرعون أميركيون يرغبون في زيادة عقوبات إيران لتأمين التوصل إلى اتفاق نهائي

مجلس الشيوخ يعقد جلسة استماع مغلقة لجون كيري حول الملف النووي الإيراني اليوم

TT

تعقد اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ الأميركي جلسة استماع مغلقة اليوم (الأربعاء)، للاستماع إلى شهادة وزير الخارجية الأميركي جون كيري حول نتائج المفاوضات التي شاركت فيها الولايات المتحدة خلال مجموعة الخمسة زائد واحد في جنيف الأسبوع الماضي، والتقدم المحرز للحد من طموحات إيران النووية.

ويسعى وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى منع فرض مزيد من العقوبات على إيران والدفع بصيغة صفقة مع طهران تؤدي إلى تجميد مؤقت لبعض برامج إيران النووية مقابل التخفيف الجزئي من العقوبات الغربية.

في المقابل، يتشدد بعض أعضاء الكونغرس حول ضرورة فرض مزيد من العقوبات ضد طهران، ويتخوفون من أن إدارة الرئيس أوباما قدمت تنازلات كبيرة في المفاوضات مع الإيرانيين. وعبر أعضاء باللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ عن شكوكهم بشأن التقارب بين إيران والقوى العالمية. وانتقد عدد من زعماء الكونغرس استعداد إدارة أوباما لقبول اتفاق مع طهران بشروط ميسرة.

وتنظر اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ مشروع قانون لفرض حزمة من العقوبات الجديدة ضد طهران، وهو المشروع الذي يلقى دعما من الديمقراطيين والجمهوريين في مجلس الشيوخ وأشار تيم جونسون رئيس اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ إلى أن المجلس سيقرر اعتمادا على شهادة كيري ما إذا كان سيمضي قدما لفرض عقوبات إضافية أم لا؟ مشيرا إلى أنه سيتشاور مع زملائه في أعقاب شهادة كيري.

وأكد السيناتور ليندسي غراهام لشبكة «سي إن إن» أن مجلس الشيوخ لن ينتظر حتى تنتهي الجولة القادمة من المفاوضات (المقرر عقدها بين إيران والقوي الكبرى في الـ20 من الشهر الحالي). وقال غراهام إنه يعتزم تقديم اقتراح لتشديد العقوبات على إيران من شأنه أن يؤدي إلى إجبار إيران على تفكيك برنامجها النووي، وهي الخطوة التي تتعارض مع الخطوات المؤقتة التي يسعى المفاوضون في جنيف لتحقيقها.

وقال السيناتور روبرت مننديز عضو اللجنة المصرفية ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ إن «العقوبات الإضافية ستكون بمثابة تأمين للولايات المتحدة للتأكد من أن إيران تلتزم فعلا بالاتفاق الذي نريد أن نراه، وهي أيضا حافز للإيرانيين ليعرفوا ما هو آت إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق». وأضاف «ما يقلقني هنا هو أنه يبدو أننا نريد عقد صفقة أكثر من الإيرانيين أنفسهم، خصوصا أن الإيرانيين هم الذين يعانون اقتصاديا». وأكد مننديز أن الحفاظ على العقوبات وتعزيزها هو الطريق الأفضل للتوصل إلى حل نهائي صارم على أرض الواقع مع إيران، مشيرا إلى أنه يتطلع للعمل مع نواب آخرين حول جولة جديدة من العقوبات ضد إيران لكنه لم يستبعد احتمال وقف تلك الخطوات العقابية الجديدة، إذا تم التوصل لاتفاق نهائي مع طهران.

وقال السيناتور الجمهوري بوب كروكر عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إنه «يشعر بالقلق من إبرام صفقة تؤدي إلى تخفيف العقوبات ضد إيران أملا في تلتزم إيران بإنهاء قدراتها العسكرية النووية« وقال: «هناك الكثير من المخاوف حول هذا الأسلوب، وكل واحد منا يريد أن يرى حلا (للملف النووي الإيراني) بالطرق الدبلوماسية، ونحن نعلم أن العقوبات هي التي أوصلتنا إلى ذلك، ونحن، المشرعين، لدينا قلق أن نتعامل مع صفقة بعيدة عن نفوذنا».

وتعقد الولايات المتحدة وقوى عالمية أخرى أن إيران تسير في طريق تصنيع قنبلة نووية وتسعى إلى إبرام صفقة تحقق لها القدرة على الاستمرار في تخصيب اليورانيوم. بينما تصر إيران على أن نياتها سلمية وتريد تخفيف العقوبات الدولية عليها وقد أثرت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على صادرات النفط والقطاع المصرفي الإيراني على الاقتصاد الإيراني بشكل كبير وأدت إلى ارتفاع معدلات التضخم.

ويقول دنيس روس الباحث السياسي بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إن اقتراح «التجميد مقابل التجميد (أي تجميد العقوبات مقابل تجميد البرنامج الإيراني) هو اقتراح قدمه خافيير سولانا خلال محادثاته مع الإيرانيين في عام 2007 وكانت الفكرة أن يتم تجميد البرنامج النووي وتخصيب اليورانيوم ووقف إنتاج أجهزة الطرد المركزية مقابل تجميد العقوبات على إيران، لكن في ذلك الوقت لم يكن البرنامج النووي الإيراني يستطيع إنتاج قنبلة واحدة، كما أن أجهزة الطرد المركزي كان عددها قليلا مقارنة بما لديهم الآن، ورغم ذلك لم تكن فكرة التجميد مقبولة أبدا من الإيرانيين».

ويضيف روس «اليوم الاختلاف في طرح فكرة التجميد مقابل التجميد أن الواقع أصبح مختلفا عما كان عليه قبل ست سنوات، وأصبح لدى إيران قدرة تصنيع ستة قنابل بما لديها من يورانيوم مخصب و19 ألف جهاز طرد مركزي بما في ذلك أكثر من ألف جهاز طرد من الجيل القادم طراز IR - 1 الأكثر فاعلية بخمسة أضعاف من أجهزة الطرد من الجيل السابق. وبناء مصنع للماء الثقيل القادر على إنتاج البلوتنيوم إضافة إلى أن الإيرانيين يعانون من وطأة العقوبات الاقتصادية الآن أكثر من ست سنوات مضت».

ويؤكد الباحث السياسي بمعهد واشنطن أن المقترح الذي تم طرحه في جنيف لا يمكن تسميته بتجميد مقابل التجميد وإنما غطاء مقابل غطاء، وقال: «بموجب المقترح فإن إيران ستعلق التخصيب بنسبة 20 في المائة وتبدأ عملية تحويله إلى وقود في شكل أقل نقاوة، ولن تضيف إلى أجهزة الطرد التي تعمل حاليا حيث لدى الإيرانيين 10 آلاف جهاز طرد مركزي حاليا وهذا يعني أن الإيرانيين سيسمح لهم بالاستمرار في تخصيب اليورانيوم عند مستوى 3.5 في المائة إلى خمسة في المائة لذا سيكون فقط تغطية لمستوى تخصيب اليورانيوم المنقى وليس كم اليورانيوم الذي يمكن إنتاجه».

ويضيف روس «جزء مهم من البرنامج النووي الإيراني هي محطة المياه الثقيلة في أراك، وجزء من المقترح هو تعليق العمل في المحطة لمدة ستة أشهر، والماء الثقيل يمكن الإيرانيين من أن هناك مسارا إضافيا لإنتاج القنبلة النووية إما من خلال البلوتنيوم أو من خلال تخصيب اليورانيوم، وإذا لم يتم وقف العمل في محطة أراك فإن الإيرانيين سيواصلون السير في هذا المسار والانتهاء من المحطة بحلول نهاية عام 2014 ولا يمكن مهاجمة المحطة وقصفها دون أن ينتج عن ذلك تسربات إشعاعية ضارة».

ويؤكد روس أن الاتفاق المقترح سيحد فقط من قدرات الإيرانيين لكنه لن يوقف البرنامج النووي الإيراني ومقابل ذلك فإن العقوبات لن يتم رفعها وإنما تخفيفها بما يسمح للإيرانيين للحصول على ما يصل إلى 15 مليار دولار من العملة الصعبة في البنوك الأجنبية والتجارة في الذهب والمعادن الثمينة واستعادة قدرتها على استيراد مواد محدودة لبعض صناعاتها المحلية».

ويشدد روس أن إدارة أوباما تعتقد أن الرئيس حسن روحاني على استعداد للحد من البرنامج النووي ويقول «لا نستطيع رفع عقوبات قاسية عليهم ما لم يفعلوا ذلك ونحن بحاجة إلى وقت للتفاوض على اتفاق بعيد المدى، ولا نريد لهم الاستمرار في المضي قدما خلال تلك الفترة الفاصلة لذا فإن تصميم ما يسمى اتفاق الخطوة الأولى هو يشتري لنا الوقت للحد من البنية التحتية الإيرانية ويحصل أيضا الإيرانيون على راحة محدودة من العقوبات». وما تحتاجه الإدارة الأميركية، كما يقول روس، هو أن توضح أن تخفيف العقوبات سيكون محدودا فيما تستمر في سد كل الثغرات للتغلب على العقوبات الحالية، وأن تطلب الإدارة من الكونغرس تجميد تبني أي عقوبات جديدة في الوقت الراهن مع التوضيح أنه سيكون هناك تكثيف للعقوبات إذا فشلت الدبلوماسية في التوصل إلى اتفاق.

ويقول روس: «بالنسبة لأصدقاء أميركا الذين يشعرون بالقلق بشأن حرصنا على إبرام صفقة مع الإيرانيين فإنهم يعتقدون أننا حريصون على تجنب استخدام القوة ونحن بحاجة لتعريفهم أنه إذا فشلت الجهود الدبلوماسية فإن القوة هي النتيجة المحتملة وعلينا توضيح عدد من المتطلبات لأي اتفاق نهائي ومن بينها أن تلتزم إيران بالحد بشكل كبير من عدد أجهزة الطرد المركزي وإخراج كل ما لديها من اليورانيوم المخصب، وكحد أدنى عليها تحويل محطة إنتاج الماء الثقيل إلى مفاعل للماء الخفيف. باختصار علينا أن نكون أكثر وضوحا في معرفة إلى أين نحن ذاهبون بشأن القضية النووية مع إيران».

في غضون ذلك حذر البيت الأبيض أعضاء الكونغرس الذين يفكرون في فرض عقوبات أشد على إيران من أن إحباط الجهود الدبلوماسية الأميركية للتوصل إلى اتفاق مع إيران قد لا يترك أمام الرئيس باراك أوباما سوى خيار استخدام القوة العسكرية ضد برنامج إيران النووي.

وقال المتحدث جاي كارني في تشديد كبير للخطاب الموجه إلى أعضاء الكونغرس الذين يعارضون التوصل إلى اتفاق أولي مع إيران إن «الشعب الأميركي لا يريد أن يخوض حربا».