المائة يوم الأولى لروحاني شهدت تركيزا على رفع الحصار الاقتصادي

خبراء وأكاديميون يرون أن المحك هو فك عقدة الملف النووي

البعض متفائل بوصول حكومة روحاني إلى حل للموضوع النووي ويعدون ذلك بداية للنجاح والخطوات التالية في مجال السياسة الخارجية (أ.ف.ب)
TT

كان أهم وعود حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال المائة يوم الأولى من ولايته على صعيد السياسة الخارجية إزالة قلق المجتمع العالمي بسبب النشاط النووي الإيراني، ومن بعد ذلك رفع الحصار الاقتصادي المفروض.

وكان تغيير فريق التفاوض النووي وإحالة الملف إلى وزارة الخارجية، وتغيير خطاب المسؤولين الإيرانيين في كلامهم حول الموضوع النووي والعلاقة مع الولايات المتحدة ورغبة إيران بإزالة التوتر مع بلدان المنطقة يشيرون إلى إصرار حكومة روحاني على فتح الأبواب التي أغلقت منذ سنوات بسبب انعدام الثقة. ولكن السؤال هو، إلى أي مدى كانت حكومة روحاني ناجحة في حل أزمة الملف النووي وإزالة الشبهات عن البرنامج النووي الإيراني؟

فالبعض متفائل بوصول حكومة روحاني إلى حل للموضوع النووي ويعدون ذلك بداية للنجاح والخطوات التالية في مجال السياسة الخارجية، ولكن على الجانب الآخر ينظر البعض إلى هذه المفاوضات بشك.

الدكتور أحمد نقيب زادة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران يعتقد أنه جرى تنفيس الجو المحتقن الذي كان يسيطر على المفاوضات حتى الآن، وهناك أمل بالتعاون المتزايد وهذا بحد ذاته مكسب كبير حصلت عليه حكومة روحاني خلال هذه المدة القصيرة».

وأضاف نقيب زادة لـ«الشرق الأوسط»: «إن حكومة روحاني ركزت كل جهودها ومساعيها على السياسة الخارجية، وإذا لم يضع الغربيين والمنافسين الإقليميين الحواجز، فإن الطريق سيكون مفتوحا أمام المفاوضات المستقبلية». ويعتقد أستاذ العلوم السياسية أن إيران في موقع القوة، ويقول: «إن إيران لم تعد قلقة كما في السابق، من الناحية العسكرية أصبحت قوية جدا، كما أنها في حالة استقرار من الناحية الاجتماعية والسياسية. ولهذا السبب فقد دخلت إلى المفاوضات وهي واثقة بنفسها، وإذا لم يكن للغربيين طلبات غير منطقية، فإن النتيجة ستنجح نجاحا كبيرا».

وحول المعارضة الداخلية لهذا الانفتاح قال الدكتور نقيب زادة: «لا أحد يستطيع أن يقول قولا يخالف ما قاله القائد، وإن هذه الضوضاء هي جزء من السياسية، إذا كان لديكم في أميركا معارضون فنحن أيضا لدينا معارضون في إيران، في اليوم الذي يعلن فيه قائد إيران (المرشد) عن موافقته ستهدأ الأصوات». أما الدكتور رضا تقي زادة المتخصص في الأمور الدولية، فهو على العكس من الدكتور نقيب زادة يعتقد أن حكومة روحاني تشابه الحكومة السابقة في المجال النووي وهي تقوم بالتفاوض وتعمل كسابقتها.

وقال تقي زادة لـ«الشرق الأوسط»: «إن حسن روحاني يعتبر أن مفتاح حل المشكلات الاقتصادية في إيران هو من خلال حل مشكلات السياسة الخارجية، وحل السياسة الخارجية يقع في حل عقدة الملف النووي. ومنذ أن بدأت المفاوضات وإيران تقوم بالتفاوض بالضبط كما كانت تفعل الحكومة السابقة، لو أن إيران تقصد حقا حل هذه العقدة، فيجب عليها أن تقدم مقترحات واضحة».

ويبين تقي زادة الحواجز التي تقف في طريق تقدم هذه المفاوضات كما يلي: «إن حكومة روحاني تواجه مشكلات في الداخل، ولا تستطيع أن تتخلى عن البرنامج النووي الحالي. ومن جهة أخرى فإن أميركا تواجه مشكلات خاصة أيضا، ولا تستطيع أن تقدم الامتياز الذي قد تطلبه الجمهورية الإسلامية، ولهذا السبب اقتنع الطرفان بتقديم الوعود الجميلة كلاهما إلى الآخر وهم يتحدثون عن التقدم النسبي للمفاوضات».

على الرغم من وجود هذه الحواجز والتحديات، فإن البعض يعتقدون أن كلمة حسن روحاني في الاجتماع السنوي للأمم المتحدة، والمحاورة الهاتفية بينه وبين الرئيس الأميركي باراك أوباما، والمقابلة بين وزير الخارجية الإيراني ووزراء خارجية مجموعة «الخمسة زائد واحد» في نيويورك والحوار الثنائي بين محمد جواد ظريف وجون كيري، وزير الخارجية الأميركية هي حصيلة سفر روحاني وفريق السياسة الخارجية الإيرانية إلى نيويورك.

وقال رضا تقي زادة في إشارة إلى الخسائر والتكلفة التي يتكبدها الاقتصاد الإيراني بسبب استمرار الحصار: «إن الخسارة التي يتحملها الاقتصاد الوطني الإيراني يوميا بسبب استمرار الأوضاع القائمة أكثر بأضعاف من الامتيازات التي تستطيع الحكومة الحصول عليها من الدول الغربية عبر التفاوض. إن إيران تخسر كل يوم 500 مليون دولار بسبب الحصار الأحادي الجانب، ومن الناحية السياسية فإن إيران لا تستطيع الحصول على امتيازات مميزة من مجموعة (الخمسة زائد واحد) من خلال طاولة الحوار كي تستطيع أن تصل إلى توازن في الأوضاع القائمة فيها». وهو يرى أن فريق روحاني «خسر طريقة الحل، ويدور في دائرة مغلقة، وفي حال الاستمرار بطرح الآراء الحالية فإن هذه المفاوضات محكومة بالفشل على الرغم من أنهم يمتنعون عن إعلان فشلها».

أما صادق زيبا كلام، أستاذ العلوم السياسة في جامعة طهران، فيعتقد أنه إذا تم حل عقدة الملف النووي الإيراني، فسوف يتبع ذلك خطوات أخرى في السياسة الخارجية.

وفي حوار له مع «الشرق الأوسط» حول مكتسبات حكومة روحاني في مجال السياسة الخارجية خلال مدة المائة يوم، قال: «إن خلاصة الخطوات التي اتخذها روحاني ونقطة التغيير في مجال السياسة الخارجية، هي المفاوضات الحالية الآن حول الملف النووي. إذا استطاع السيد روحاني أن يحل تركيبة مشكلة الملف النووي إلى حد ما، واستطاع أن يصل إلى اتفاق مبدئي مع الأوروبيين في مجال النشاط الإيراني النووي، فإن الخطوات الأخرى في مجال السياسة الخارجية سوف تتبع ذلك. ولكن إذا فشل في حل عقدة الملف النووي مع مجموعة (الخمسة زائد واحد) ولأي سبب كان، فمن المستبعد أن ينجح في إزالة التوتر مع الغرب ومع أميركا أو أن يقوم بتغيير اتجاه السياسة الخارجية التي كانت قائمة خلال ثمانية أعوام من حكم الأصوليين». وحسب اعتقاد الدكتور زيبا كلام، فإن كل شيء يتعلق بجهود السيد روحاني من أجل إخراج إيران من الأزمة النووية.

من جهة أخرى وبمعزل عن الملف النووي، وبالتزامن مع تسلم حكومة روحاني لمقاليد السلطة، كان هنالك توقعات تشير إلى تحسن العلاقات بين إيران والدول العربية في المنطقة وبصورة خاصة السعودية ولكن بعد مرور ثلاثة أشهر لم يلاحظ أي تحرك جدي.

ولكن مع وجود رغبة حكومة حسن روحاني بتطوير العلاقات بين الرياض وطهران، فما هي الحواجز التي حالت دون تحسن العلاقات بين إيران والعربية السعودية بصورة لافتة للنظر؟ يقول علي رضا نوري زادة مدير مركز دراسات إيران والعرب في لندن، وضمن إشارته إلى الخلافات الحاصلة بين البلدين: «إن الخلاف الذي حصل بين إيران والعربية السعودية فيما يخص أحداث سوريا، العراق ولبنان، زاد من الفجوة بين البلدين إلى درجة أنها تحتاج إلى مدة من الزمان كي تختفي.. إن حسن روحاني وفريقه الذي يشمل جواد ظريف وزير الخارجية ومرتضى سرمدي قائم مقامه هم من الأشخاص المعروفين بالقرب من العربية السعودية».

ولكن بصورة إجمالية يبدو أن حكومة روحاني عملت بنجاح خلال المدة المعينة بمائة يوم، في مجال السياسة الخارجية وحل أزمة الملف النووي. على الرغم من أن الحصار لا يزال مفروضا كما في السابق، ولكنها تجنبت تشديد الحصار خلال هذه المدة، وقد كسرت إلى حد ما حاجز التفاوض مع أميركا، وكذلك العلاقات مع بريطانيا والتي قطعت في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2011 تحسنت عن طريق اتفاق الطرفين على تعيين قائم بالأعمال غير مقيم، في الوقت الراهن يجب أن ننتظر لنرى هل ستصل المفاوضات النووية بين إيران والغرب إلى نتيجة.