العالم يتحرك ببطء لإسعاف ضحايا إعصار الفلبين

واشنطن ترسل حاملة طائرات.. والأمم المتحدة تطلق نداء لجمع 300 مليون دولار

سكان محليون وأجانب يستعدون لركوب طائرة عسكرية أميركية تقلهم من مدينة تاكلوبان المنكوبة في وسط الفلبين أمس (أ.ب)
TT

تحركت جهات دولية كثيرة أمس لتقديم المساعدات إلى ضحايا الإعصار العنيف الذي ضرب الفلبين الأسبوع الماضي. وجاء هذا بعدما صدم الفلبينيون لشدة الإعصار «هايان» عندما اجتاح جزرا في وسط البلاد يوم الجمعة الماضي، وتسبب في مقتل 10 آلاف شخص على الأقل وتشريد مئات الآلاف الآخرين غالبيتهم في مدينة تاكلوبان. ولشدة قوته عُد «هايان» أحد أقوى الأعاصير المسجلة على الإطلاق.

وقالت الأمم المتحدة إن الإعصار تسبب في تشريد نحو 660 ألف شخص وحرمان الكثيرين من الغذاء والماء والدواء. وحاول عمال الإغاثة يوم أمس الوصول إلى بلدات وقرى عزلت بسبب الإعصار ما قد يكشف عن النطاق الكامل للخسائر. وأطلقت الأمم المتحدة أمس نداء لجمع نحو أكثر من 300 مليون دولار المساعدات لضحايا الإعصار. وقالت مسؤولة الشؤون الإنسانية في الاتحاد الأوروبي فاليري أموس للصحافيين في مانيلا: «أطلقنا خطة تحرك مع الحكومة تركز على نواحي الطعام والصحة والنظافة والمأوى وإزالة الأنقاض إضافة إلى حماية الأشخاص الأكثر ضعفا، وآمل كثيرا أن يكون مانحونا كرماء»، مضيفة أن «الخطة تهدف لجمع 301 مليون دولار». وأثنت أموس على استجابة المجتمع الدولي منذ أن ضرب الإعصار الفلبين لكنها قالت إن هناك حاجة للقيام بالمزيد لمساعدة الأشخاص المتضررين من الكارثة التي تخشى الأمم المتحدة أن تكون أودت بحياة 10 آلاف شخص. وقالت أموس: «رأينا بالفعل استجابة دولية كريمة للصور المروعة التي شاهدها الناس وخاصة على شاشاتهم التلفزيونية. نعرف أن الناس يتلقون المساعدة الآن لكننا ندرك أيضا أنه بالنظر لحجم الكارثة يجب أن يستمر ذلك». وتابعت «خطة التحرك تحدد الحاجة في عدد من القطاعات المختلفة». وأكدت «من الصعب جدا في هذا الوقت معرفة الحاجات الضرورية العاجلة لأن الوصول إلى بعض الأماكن المتضررة بالغ الصعوبة».

وأعلن الرئيس الفلبيني بنينيو أكينو الليلة قبل الماضية حالة «كارثة وطنية»، وهو إجراء لتسريع الجهود الحكومية الإغاثية. وقال الرئيس أكينو أيضا إن السلطات ستتخذ كل التدابير اللازمة لإقرار الأمن، وذلك بعد تسجيل حالات نهب في المناطق المنكوبة.

بدورها، أرسلت الولايات المتحدة حاملة الطائرات «جورج واشنطن» إلى الفلبين أمس لتسريع جهود الإغاثة. وجرى استدعاء حاملة الطائرات التي تحمل أكثر من 80 طائرة، وأفراد طاقم قوامه نحو 5000 فرد، من عطلة أثناء رسو الحاملة في هونغ كونغ. وقال الكابتين توماس دايزي قائد طراد الصواريخ أنتيتام وهو ضمن مجموعة السفن المعاونة للحاملة «نتوقع أن نقطع المسافة فيما بين 48 و72 ساعة. الأحوال الجوية سيئة للغاية ومن ثم فإن سرعتنا مقيدة بحالة البحر والرياح. لكننا سنسير بأقصى سرعة ممكنة ونصل في أقرب وقت ممكن لمساعدة المحتاجين». وأوضح دايزي أن السفينة تضم كذلك مستشفى كاملا وأطباء. وأفادت وزارة الدفاع الأميركية أن سفنا أخرى تابعة لسلاح البحرية الأميركية ستتجه إلى الفلبين للإسهام في تقديم المساعدات. وبدورها، قالت الحكومة البريطانية إنها قررت إرسال سفينة حربية تابعة لسلاح البحرية مع معدات لتحلية مياه البحر حتى تصبح صالحة للشرب وطائرة نقل عسكرية. وقال مسؤول كبير بالسفارة البريطانية في الفلبين إن السفينة «ديرينغ» غادرت سنغافورة ومن المتوقع أن تصل في غضون يومين أو ثلاثة أيام.

من جانبها، أرسلت اليابان فريقا طبيا إلى مدينة تاكلوبان المنكوبة للإسهام في إسعاف الضحايا. وقال قائد فريق الإغاثة من الكوارث الياباني كينزو ايواكامي إن «الفريق الطبي للطوارئ الذي أرسلته الحكومة اليابانية وصل إلى سيبو، ويعتزم التوجه إلى موقع الكارثة لتحديد ما يمكننا القيام به». وأضاف: «الوصول إلى بعض الأماكن (المنكوبة) صعب، ولذلك سنقيم أفضل السبل لأفراد فريقنا للحضور إلى هنا والقيام بمهمتهم». وأرسلت اليابان 25 من العاملين في المجال الطبي إلى الفلبين لمساعدة آلاف المصابين والمشردين. وتعهدت اليابان أيضا بمساعدات بقيمة عشرة ملايين دولار للفلبين وأبدت استعدادها لإرسال 40 جنديا من قوات الدفاع للمساعدة في جهود الإغاثة.

وبعد مروره القوي بالفلبين توجه الإعصار إلى فيتنام الاثنين إلا أنه كان أضعف بكثير ولم يخلف نفس النتائج المدمرة. وفي انتظار المساعدات التي وعدت بها عدة دول، واصلت السلطات الفلبينية بإمكاناتها المحدودة جهودها للإسعاف، وأعطت الأولوية للمرضى والرضع والمسنين. ففي مطار تاكلوبان، أكثر المدن تضررا، تكدس مئات السكان على أمل قدوم طائرة تقلهم بعيدا عن الكارثة. واعتبر كثير من السكان أنهم لا يأبهون بمدة الانتظار التي قد تستمر أياما. وقالت فيفيان فيللاموس التي كانت هي وطفلاها من بين السكان المحظوظين الذي استقلوا رحلة أمس: «انتظرنا في الطابور لوجود جثث كثيرة حيث كنا ننتظر وبدأ أطفالي يشعرون بالإعياء بسبب الرائحة وهذا سبب توجهنا إلى مانيلا».

وباتت تاكلوبان وهي مدينة ساحلية نابضة بالحياة يسكنها 220 ألف نسمة أرضا خرابا مليئة بالجثث ولا توجد أي إشارة على وجود حكومة فاعلة مع انشغال مسؤولي المدينة والعاملين في المستشفيات بإنقاذ أسرهم وتأمين الطعام. وقال مسؤولون في تاكلوبان إن عدد القتلى قد يصل إلى عشرة آلاف شخص في مدينتهم، إلا أن الكثير من المسؤولين عبروا عن قلق بالغ إزاء مناطق لم يصلها المسعفون خارج تاكلوبان. وقال وزير الداخلية مانويل روكساس إن الإعصار قضى على حكومة تاكلوبان. وأضاف: «هناك مسؤولون ماتوا أو فقدوا أو لا يستطيعون العمل بسبب الحزن». وأضاف الوزير أن «من بين 293 شرطيا يعملون بالمدينة لم يوجد في موقع خدمته سوى 20 فقط».