اعتقال ثلاثة آلاف عراقي من مناطق سنية ببغداد بسبب طقوس «عاشوراء»

الأمم المتحدة: القوات العراقية بحاجة لتدريب لتأمين حقوق الإنسان

عراقي يتفحص سيارة انفجرت في حي سكني وسط مدينة كركوك التي تضم سنة من العرب والتركمان والأكراد (أ.ف.ب)
TT

في وقت حذرت فيه بعثة الأمم المتحدة في العراق من مغبة استمرار النهج الذي تسير عليه القوات الأمنية التي تفتقر إلى الثقافة التي تؤهلها للتعامل مع حقوق الإنسان، فقد طغت الاعتقالات العشوائية في أحياء ذات غالبية سنية من العاصمة بغداد فضلا عن مناطق ما يسمى حزام بغداد، التي تقطنها أغلبية سنية هي الأخرى على قوى الحراك الشعبي والمتمثلة بصلاة الجمعة في ساحات الاعتصام في كل من الرمادي والفلوجة وسامراء وديالى والموصل. وبينما وصف خطيب جمعة الفلوجة الحكومة العراقية الحالية بحكومة المكون الواحد، فقد أعلنت هيئة علماء ديالى عن إغلاق مساجد المحافظة وعدم إقامة صلاة الجمعة الموحدة حتى إشعار آخر.

وقال الناطق الرسمي والقيادي في حراك ديالى شهاب البدري في تصريح صحافي إن «الاعتقالات والقتل والتهجير هي أسباب أدت إلى إصدار الأمر بإغلاق المساجد خوفا على المصلين من الاستهداف أثناء الصلاة». من جهته وصف إمام وخطيب جمعة المعتصمين في ساحة اعتصام الشهداء في مدينة الفلوجة بمحافظة الأنبار الشيخ إسماعيل عبد عباس الجميلي الحكومة الحالية بأنها حكومة المكون الواحد. وقال الجميلي في الخطبة التي أطلق عليها تسمية (جمعة طغيان السلطة وقود الثورة) إن «الحكومة الحالية ارتكبت أخطاء كثيرة في تعاملها مع أبناء الشعب الواحد من خلال سياسة اتسمت بالإقصاء والتهجير وعدم ردع الميليشيات المسلحة، التي أخذت على عاتقها القتل على الهوية أمام أنظار ومسمع القوات الأمنية التي وقفت موقف المتفرج إزاء ما يحصل». وأضاف أن «القوات الأمنية اعتقلت خلال يومين فقط أكثر من ثلاثة آلاف مواطن على الهوية مما يدعونا إلى استنكار هذه الممارسات بحق الأبرياء والمطالبة من الجهات القضائية العمل بمهنية لإطلاق سراح الأبرياء وعدم زجهم في السجون لمآرب أصبحت معروفة لدى أبناء الشعب العراقي». وأوضح أن «ساحات الاعتصام ليست لتفخيخ السيارات كما يدعي البعض وإننا براء لكل من تسبب في قتل أي عراقي كان»، مبينا أن سجون وزارة الداخلية ما زالت تضم عددا كبيرا من المعتقلات بعكس ما دعا الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية عدنان الأسدي قبل أيام خلال مؤتمر صحافي داعيا إياه إلى التأكد من مكان اعتقالهن».

وفي هذا السياق فقد عبر عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية الدكتور حمزة الكرطاني عن قلقه من استمرار مسلسل الاعتقالات التي تطال أبناء مكون واحد. وقال الكرطاني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الطريقة التي يجري بها التعامل مع أحياء بغداد السنية وكذلك مناطق حزام بغداد أمر يدعو إلى القلق، حيث إنه وبالتزامن مع ذكرى عاشوراء، فقد قامت القوات الأمنية بحملة اعتقالات دون مذكرات قبض ودون وجه حق وبناء على معلومات المخبر السري سيئ الصيت شملت مواطنين من أحياء السيدية والدورة والعامرية وحي الجامعة وحي الخضراء والأعظمية» معتبرا أن «هذه الاعتقالات إنما تعبر عن توجه حكومي خطير يهدف إلى إحداث شرخ في النسيج الاجتماعي العراقي، حيث إن هذه الاعتقالات ليست إنسانية ولا أخلاقية بالإضافة إلى كونها خرق للدستور والقانون ونسف لأسس الشراكة الوطنية».

ودعا الكرطاني رئيس الوزراء نوري المالكي بوصفه القائد العام للقوات المسلحة إلى أن «يمارس صلاحياته في الحد من مثل هذه الأعمال فيما إذا كانت تمثل توجها فرديا، وذلك بإطلاق سراح هؤلاء المعتقلين الأبرياء لأن مثل هذه الممارسات تسكب الزيت على النار». وتساءل الكرطاني عن «الأسباب التي تتزامن فيها مثل هذه الاعتقالات مع ذكرى عاشوراء التي يفترض أن تكون عامل توحيد وليس مثلما يجري حاليا». وأشار إلى إنه «كان متوقعا أن يكون هناك انفتاح بعد زيارة المالكي إلى الولايات المتحدة غير أن ما حصل هو العكس تماما، حيث إن ما يحصل الآن هو عقاب جماعي وهو مخالف لكل ما تم الاتفاق عليه على صعيد تحقيق التوازن الوطني وإصدار قانون العفو العام وإعادة النظر بإجراءات المساءلة والعدالة».

وكان ممثل الأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف قد دعا إلى تغيير الثقافة والوسائل التي تتعامل بها القوات الأمنية العراقية في عملها. وقال ملادينوف في تصريحات صحافية أمس الجمعة إن «هناك ثقافة ووسائل ترافق القوات الأمنية ويجب تغييرها». وأضاف: «إذا كنت تتحدث عن الاستجابة الأمنية الفورية للأزمات، الشرطة والجيش وغيرها بحاجة إلى عملية هائلة لإعادة التأهيل فيما يتعلق بحقوق الإنسان وكيفية احترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان خلال تنفيذ العمليات». وأوضح ملادينوف الذي شغل منصب وزير الخارجية والدفاع في بلغاريا، أنه «يجب أن يتم وبشكل كبير الاستثمار في دولة القانون وحقوق الإنسان عبر القضاء لكن على أن يتم من خلال قوات الأمن كذلك». ويرى ممثل الأمم المتحدة أن «بغداد بحاجة إلى التركيز على عدد محدود من القضايا الرئيسية من أجل الحد من إراقة الدماء». وأوضح: «إنك بحاجة لدمج الطائفة السنية في المجتمع وإيجاد الوسائل لتقديم الخدمات والطرق لتنفيذ المهام الأمنية بطريقة فعالة للتصدي للتهديد».