مصر: قتيل وعشرات المصابين في اشتباكات بين أنصار «الإخوان» وأهالي الإسكندرية

حقوقيون قالوا إن إغلاق الميادين بعد إلغاء الطوارئ ضرورة تمليها الأوضاع الأمنية

متظاهر مؤيد لـ«الإخوان» يرفع يده بشعار «رابعة» في أحد ميادين القاهرة أمس (أ.ب)
TT

تظاهر المئات من أنصار جماعة الإخوان المسلمين في مصر أمس، تحت شعار «لا للعدالة الانتقامية»، في أول جمعة بعد انتهاء حالة الطوارئ التي أعلنت في البلاد منذ ثلاثة أشهر. وتحولت تلك المظاهرات في عدد من المدن المصرية لاشتباكات بين أنصار الجماعة ومعارضيهم، سقط خلالها قتيل في الإسكندرية وأصيب العشرات، ما يعكس الضيق المتنامي في الشارع المصري من تلك المظاهرات.

وتجددت في الإسكندرية أمس اشتباكات أنصار «الإخوان» ومعارضيهم، وشهدت منطقة السيوف (شرق المدينة الساحلية) مواجهات عنيفة سقط خلالها قتيل وعشرات المصابين، بحسب مصادر طبية، فيما قال شهود العيان إن قوات الأمن استخدمت القنابل المسيلة للدموع لتفريق أنصار «الإخوان».

وقال مسؤول المركز الإعلامي بوزارة الداخلية إنه في إطار متابعة دعوات جماعة الإخوان المسلمين للتظاهر، الجمعة، شهدت إحدى المسيرات بمنطقة العوايد حدوث اشتباكات بين أهالي المنطقة والمشاركين في المسيرة، أطلقوا خلالها عدة أعيرة خرطوش، أصابت إحداها الطالب إيهاب أحمد سليم (16 عاما) ولقي مصرعه عقب نقله للمستشفى لتلقي العلاج، متأثرا بإصابته بطلق خرطوش في الصدر.

وقالت مصادر أمنية بالإسكندرية إن قوات الأمن أوقفت عددا من أنصار «الإخوان» بحوزتهم أدوات قالت إنها «تستخدم في أعمال الشغب»، بالإضافة إلى منشورات «تحرض على استخدام العنف ضد الجيش والشرطة».

وتكررت الاشتباكات بين أنصار «الإخوان» ومعارضيهم في عدد من أحياء القاهرة، ومحافظتي الدقهلية والغربية بدلتا مصر، وفي محافظة المنيا في صعيد البلاد، بينما شهدت عدة مناطق في العاصمة مظاهرات مؤيدة للجيش.

ورغم انتهاء حالة الطوارئ التي أعلنت في 14 أغسطس (آب) الماضي، وجددت لشهرين آخرين، وانتهت الأسبوع المنصرم، أغلقت قوات الأمن مدعومة بعناصر الجيش ميادين رئيسية في العاصمة، أبرزها ميدان التحرير بوسط القاهرة، وميدانا رابعة العدوية (شرق القاهرة) ونهضة مصر (غرب القاهرة)، اللذين شهدا فض اعتصامين لأنصار الرئيس السابق محمد مرسي، ما تسبب في موجة عنف سقط خلالها مئات القتلى.

وقال نشطاء حقوقيون إن الإجراءات الأمنية التي شهدتها القاهرة أمس لا تتناقض وانتهاء حالة الطوارئ. وأشارت الحقوقية صفاء زكي مراد، وهي عضو احتياطي في لجنة تعديل الدستور المعطل، إلى أن الإجراءات الأمنية تمليها ما سمتها «حالة الضرورة»، حيث تشهد البلاد اضطرابات أمنية.

وأضافت صفاء لـ«الشرق الأوسط» أنه «من واجب السلطات الأمنية أن تتخذ الإجراءات الأمنية اللازمة لكي تتجنب سقوط المزيد من الأبرياء خلال المظاهرات، كان آخرهم طفل في الثانية عشرة من عمره» (في إشارة للطفل محمد بدوي الذي قتل خلال اشتباكات بين أنصار «الإخوان» ومعارضيهم في حي العمرانية بالجيزة قبل أسبوع).

وشهد حي العمرانية (غرب القاهرة) مظاهرة مناهضة لجماعة الإخوان، حمل المشاركون فيها صورا للطفل بدوي الذي سقط قتيلا يوم الجمعة الماضي في الاشتباكات الدامية بين أهالي الحي وأنصار الرئيس السابق مرسي المنتمي لجماعة الإخوان. وردد الأهالي هتافات مناوئة للجماعة، كما حملوا صورا لوزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي.

ومنذ عزل مرسي في يوليو (تموز) الماضي تحت الضغط الشعبي، تنظم جماعة الإخوان مسيرات مناهضة لما يعدونه «انقلابا عسكريا» ضد أول رئيس منتخب في البلاد، تحولت في عدد منها لمناوشات بين المشاركين فيها والأهالي المؤيدين للسلطات الجديدة في البلاد، لكن هذه الظاهرة باتت أكثر وضوحا خلال الأسبوعين الماضيين.

وسعت جماعة الإخوان لاستغلال أزمة نقص أسطوانات الغاز في مظاهرات أمس، لكسب تعاطف خارج أوساط الإسلاميين المؤيدين لهم، لكن الإجراءات الحكومية التي أعلن عنها أخيرا عن تحديد حد أقصى للأجور ساهم على ما يبدو في تراجع الانتقادات التي وجهت لحكومة حازم الببلاوي المدعومة من الجيش.

ويقول أعضاء في جماعة الإخوان إنه رغم الحملة الأمنية التي وصفوها بـ«الشرسة» ضد أبناء الجماعة وأنصارهم والتي طالت النساء، فإنه لا تزال المظاهرات المؤيدة لما يعدونه «الشرعية» تخرج على امتداد البلاد.

وشنت الأجهزة الأمنية خلال الأشهر الماضية حملة توقيف واسعة ضد كوادر وقيادات جماعة الإخوان، كان أبرزها توقيف 21 ناشطة إخوانية في الإسكندرية، في إجراء غير معتاد من السلطات الأمنية.

وفي أول اختبار لقدرة الأجهزة الأمنية على العمل في ظل إلغاء حالة الطوارئ، قالت وزارة الداخلية في بيان لها أمس إن الأجهزة الأمنية «وضعت خطة أمنية موسعة تهدف إلى تكثيف الوجود الأمني وتعزيز الخدمات الأمنية وانتشار الكمائن الثابتة والمتحركة من أجل ضبط العناصر الخارجة على القانون وعناصر الإثارة التخريبية مع رفع حظر التجوال، بالإضافة إلى تأمين كافة المنشآت الحيوية والشرطية وإحكام السيطرة الأمنية وبث الشعور بالثقة والأمان في نفوس المواطنين».

وأشار البيان إلى أن وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم شدد «على ضرورة مواجهة أي محاولة للخروج على القانون بكل حسم وتطبيق القانون بمنتهى الحزم والتعامل الجاد وبقوة مع أي محاولة لإشاعة الفوضى في إطار ما كفله القانون لحفظ الأمن العام والنظام».

ودفعت قوات الحرس الجمهوري بآلياتها لحماية قصر الاتحادية الرئاسي (شرق القاهرة)، لمواجهة مسيرات إخوانية تجمعت في محيط القصر حاملة رايات تحمل شعار رابعة العدوية (كف سوداء طويت إبهامها على خلفية صفراء).

وبدا لافتا ترديد أنصار «الإخوان» أمس في عدة مسيرات هتافات مناوئة لحزب النور السلفي، الذي دعم تحرك الجيش ضد الرئيس السابق. ورغم الانتقادات التي وجهت لحزب النور من قبل أنصار «الإخوان» طوال شهر ونصف الشهر على منصات اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، بدا التوتر المكتوم بين أبناء التيار الإسلامي أكثر بروزا خلال الأسبوعين الماضيين.

وقال مراقبون إن الاتهامات الإعلامية المتبادلة بين أنصار «الإخوان» وقيادات حزب النور، الذراع السياسية للدعوة السلفية، تعكس حالة اليأس من استمالتهم لدعم تحركاتهم الجماهيرية.

ويرى المراقبون أن حزب النور الذي حصل على ثاني أكبر كتلة برلمانية في آخر مجلس تشريعي منتخب، قد يسعى بقوة إلى الحصول على أكثرية برلمانية في الانتخابات التشريعية المقرر لها فبراير (شباط) المقبل.