الصين تقر إصلاحات غير مسبوقة بينها تخفيف سياسة الطفل الواحد

الحزب الشيوعي يتبنى إجراءات تشمل الحد من اللجوء لعقوبة الإعدام ومعسكرات «إعادة التأهيل»

صينية تبدو على ملامحها السعادة وهي تسير حاملة طفلا في احد شوارع تانغ شان في اقليم هوبي شمال الصين في ظل الانباء عن تغيير الحزب الشيوعي الصيني لسياسة الطفل الواحد (أ.ف.ب)
TT

كشفت السلطات الصينية أمس عن سلسلة من الإجراءات غير المسبوقة تشمل تخفيف سياسة الطفل الواحد والحد من اللجوء إلى عقوبة الإعدام وإنهاء معسكرات «إعادة التأهيل من خلال العمل».

واتخذت هذه الإجراءات الأكثر جرأة منذ تولي الرئيس تشي جينبينغ الرئاسة قبل عام، في اجتماع للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني خصص للإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية واختتم الثلاثاء الماضي.

وبحسب الإجراءات المفصلة الأولى التي أوردتها مساء أمس وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية، فإن الصين ستخفف سياسة تحديد النسل المعروفة باسم سياسة الطفل الواحد التي أطلقت عام 1979. وقالت الوكالة إن هذا التغيير في قانون التنظيم الأسري سيسمح لأزواج بأن ينجبوا طفلين إذا كان أحدهما وحيد والديه. ووصفت الوكالة ذلك بأنه «قرار مهم».

وحاليا لا يسمح القانون الصيني للأزواج إلا بإنجاب طفل واحد، لكن هناك استثناءات إذا كان كل من الوالدين وحيد والديه، أو بالنسبة للأقليات الإثنية أو الأزواج المقيمين في الأرياف الذين كان طفلهم الأول فتاة. وقالت الوكالة إن «سياسة الإنجاب ستعدل وتتحسن تدريجيا لتشجيع (نمو متوازن على الأمد الطويل لشعب الصين)».

وسياسة «الطفل الواحد» اعتمدت في أواخر السبعينات من أجل الحد من النمو الهائل لعدد سكان الصين، وهو الأكبر في العالم (1.35 مليار نسمة)، وجرى تطبيقها بالقوة في بعض الأحيان. فقد لجأت السلطات إلى فرض غرامات لكنها لجأت أيضا إلى التعقيم القسري وفرضت في بعض الأحيان على نساء الإجهاض فيما كن في مراحل متقدمة من الحمل.

وعلى الرغم من الدعوات المتزايدة لتخفيف القوانين الصارمة للتخطيط الأسري في البلاد، كان القادة الصينيون يكررون القول بشكل مستمر إن سياسة الطفل الواحد تبقى ضرورية وإن النمو الديموغرافي المفرط يهدد النمو الاقتصادي للبلاد.

ويقول منتقدو هذه السياسة إنها ساهمت في اختلال التوازن بين الجنسين في الصين خصوصا مع تزايد إقدام الحوامل على الإجهاض حين يعرفن أن الجنين أنثى. وولد 118 صبيا مقابل كل مائة فتاة في عام 2012.

وحذر مسؤولو الإحصاء في وقت سابق هذه السنة من مخاطر شيخوخة المجتمع الصيني حيث إن عدد السكان الذين هم في سن العمل قد بدأ بالتقلص في 2012 للمرة الأولى منذ عدة عقود.

وقد تراجع هذا العدد السنة الماضية بنحو 3.45 مليون شخص ليبلغ قرابة 937 مليون. وهذا التراجع أثار قلقا حيال رعاية الصينيين المسنين الذين يشكلون قسما متناميا من السكان.

من جهة أخرى وفي إطار «الجهود لتحسين حقوق الإنسان والتطبيقات القضائية» في البلاد قرر الحزب الشيوعي تقليصا «تدريجيا» لعدد الجرائم التي تجعل مرتكبها عرضة لعقوبة الإعدام، بحسب الوكالة التي لم تورد أي تفاصيل إضافية بهذا الشأن. ومع نحو أربعة آلاف حكم بالإعدام تنفذ سنويا بحسب تقديرات غربية (الرقم الرسمي سري)، فإن النظام القضائي الصيني، الخاضع لسلطة الحزب الواحد ولا يمنح إلا القليل من حقوق للدفاع، يتعرض بانتظام إلى انتقادات. أما القرار الثالث اللافت الذي اتخذ في المجال القضائي فهو إعلان بكين «إلغاء» نظام معسكرات إعادة التأهيل بالعمل الذي يلقى رفضا شعبيا. بموجب النظام المعمول به، فإن مجرد قرار من الشرطة يتيح إرسال أشخاص إلى معسكرات لمدة يمكن أن تصل إلى أربع سنوات، دون المرور بالمحاكم.

وقد أحدث ماو تسي تونغ هذا النظام في 1957 لقمع المنحرفين الشبان، لكنه يستخدم أيضا من السلطات المحلية ضد أي محتج تريد التخلص منه وضد مستخدمي الإنترنت المنددين بالسلطات وحتى ضد «المتظلمين» الذين يطلبون تعويضا عن جور في حقهم من قبل السلطات المحلية.

وبحسب تقرير للأمم المتحدة نشر في 2009 فإن نحو 190 ألف شخص كانوا حينها في هذه المعسكرات. وأغلب المحتجزين في هذه المعسكرات يقضون أيام عمل طويلة، بحسب مؤسسة دويهوا وهي منظمة غير حكومية لحقوق الإنسان مقرها في الولايات المتحدة. وتعددت الدعوات إلى إصلاح هذا النظام أو إلغائه في السنوات الأخيرة خصوصا بعد جدل حاد أثارته الكثير من القضايا التي استرعت اهتماما إعلاميا واسعا. حتى إن البرلمان الصيني نفسه تحدث في 2005 عن تطوير النظام لكن دون أن يقرن القول بالفعل. كما أطلق اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي حزمة من الإصلاحات بهدف تقليص سيطرة الدولة على الاقتصاد يتعلق بعضها بالمؤسسات العملاقة التابعة للدولة التي تتمتع باحتكار لقطاعات كاملة من الاقتصاد الصيني.