احتضان سري لانكا لقمة الكومنولث ينقلب عليها نقمة

تجدد المطالب بتحقيق دولي في المعارك الدامية التي أنهت نزاع التاميل

ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز يحيي فتيات كن في استقباله أثناء زيارته للمتحف الوطني في كولومبو أمس. وكان تشارلز افتتح في وقت سابق أمس أشغال قمة رابطة الكومنولث بالعاصمة السريلانكية (رويترز)
TT

يبدو أن احتضان سري لانكا لقمة «رابطة الكومنولث» أمس قد انقلب عليها نقمة، بسبب مقاطعة عدد من القادة لهذا اللقاء بسبب رفض كولومبو التحقيق في إنهاء النزاع في مناطق التاميل (شمال البلاد) عام 2009.

وتشكل القمة فرصة للبلد لإظهار تجددها الاقتصادي منذ قمع تمرد التاميل عام 2009؛ إذ سجلت البلاد نسبة نمو سنوية بلغت 8.2 في المائة، فيما زار أكثر من مليون سائح الجزيرة في العام الماضي في رقم قياسي، لكن حملة العلاقات العامة التي يجريها السياسيون السري لانكيون بدأت تتحول إلى كارثة مع رفضهم أي تحقيق دولي حول نهاية النزاع مع التاميل في 2009.

وحاول الرئيس السري لانكي ماهيندا رجاباكسي الرد على الاتهامات، معتبرا أن الكومنولث ينبغي ألا يتحول إلى منظمة للحكم على أعضائها. وقال رجاباكسي في خطاب قبيل افتتاح ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز بشكل رسمي القمة: «إذا كان الكومنولث يريد أن يبقى مفيدا لأعضائه فعليه الاستجابة لحاجات الشعوب، وإلا فليتحول إلى منظمة تعاقب وتحاكم» الدول الأعضاء. كما حذر من محاولة أي دولة «فرض جدول أعمال ثنائي في إطار المنظمة».

وكان رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر أول زعيم يعلن مقاطعة القمة، معتبرا أن «عدم التحرك أمام الانتهاكات الخطيرة لحقوق الفرد غير مقبول». ثم تلاه نظيره من جزر موريشيوس، فيما رفض نظيره الهندي مانموهان سينغ زيارة كولومبو، مفضلا مراعاة أقلية التاميل في الهند مع اقتراب الانتخابات التشريعية عام 2014.

وانطلقت أعمال قمة الكومنولث في كولومبو أمس وسط إجراءات أمن مشددة وحظر مدته أربعة أيام فرضته الحكومة على الاحتجاجات والمسيرات في العاصمة، حيث جرى نشر نحو 20 ألف عنصر من الشرطة. وقال الأمين العام للكومنولث كماليش شارما إن «النهج الذي تتبعه الكومنولث هو رؤية الديمقراطية والتنمية واحترام التنوع والدعم المتبادل والتألف، بهدف تشكيل أساس للوئام الوطني وتقدم الشعوب».

ومما زاد في الحرج لحكومة سري لانكا، إقدام رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون على أداء زيارة تاريخية أمس إلى منطقة جافنا الشمالية ذات الأغلبية من التاميل والتي أدمتها المعارك في نهاية النزاع، وصار بذلك أول مسؤول سياسي أجنبي يزور هذه المنطقة. وقبل توجهه إلى آسيا دافع كاميرون عن قراره المشاركة في القمة وتعهد للجالية التاميل بمطالبة كولومبو بإجراء تحقيق حول جرائم الحرب. وقال كاميرون سلفا إن توجهه إلى سري لانكا سيوفر له «الفرصة لتسليط الأضواء على بعض المشاكل الموجودة هناك، على بعض المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان»، مؤكدا أن «القيام بهذا الأمر مبرر، وهذا ما سوف نفعله».

وقضت الحكومة السري لانكية عام 2009 على الحركة الانفصالية للأقلية التاميل في شمال البلاد. وتتحدث الأمم المتحدة عن مقتل 10 آلاف مدني على الأقل في الهجوم النهائي للجيش السري لانكي الذي قضى على الحركة، بينما تقول منظمات غير حكومية إن الجيش قتل 40 ألف مدني، أغلبهم من التاميل، في نهاية النزاع.