وزير الداخلية اللبناني يعلن بدء تطبيق الجزء الثاني من خطة طرابلس الأمنية

تقضي بانتشار عناصر الأمن وإقامة حواجز في التبانة وجبل محسن المتنازعتين

TT

أعلن وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية مروان شربل من مدينة طرابلس، شمال لبنان، أمس عن بدء تنفيذ الجزء الثاني من الخطة الأمنية للمدينة، والتي أقرت بعد تفجيرين استهدفا مسجدي السلام والتقوى في أغسطس (آب) الماضي وحصدا عشرات القتلى والجرحى. وقال إن «ما طبق في المناطق الأخرى من خطط أمنية، سيطبق في طرابلس، ولن نقبل بشتاء وصيف تحت سقف واحد».

ودفع تجدد الاشتباكات نهاية الشهر الماضي بين المنطقتين المتنازعتين، في ضاحية المدينة الشمالية، أي منطقة جبل محسن، ذات الغالبية العلوية ومنطقة باب التبانة، ذات الغالبية السنية، وزير الداخلية والقيادات السياسية في المدينة إلى السعي لاستكمال تطبيق الخطة الأمنية. وقال شربل أمس إن الجزء الثاني من الخطة سيتضمن انتشارا جديدا لقوى الأمن الداخلي في المناطق الساخنة، وتحديدا في جبل محسن والتبانة.

وبلغ التوتر ذروته بين المنطقتين على خلفية إظهار التحقيقات في قضية تفجيري طرابلس تورط أشخاص من جبل محسن في تنفيذهما، كما استدعى القضاء اللبناني رئيس الحزب العربي الديمقراطي النائب السابق علي عيد لاستجوابه يوم الثلاثاء الماضي، من دون أن يمتثل الأخير، فيما تحدث ونجله رفعت عيد عما اعتبراه «مؤامرة» ضد الطائفة العلوية.

واستمرت المفاوضات مع فاعليات منطقة التبانة والمشايخ والعلماء قائمة في سرايا طرابلس أمس، لساعات بعد ظهر أمس للاتفاق على تفاصيل الخطة الجديدة، والبحث في مكان تمركز الحواجز، وعما إذا كانت ستكون ثابتة أم متحركة، ومن سيشارك فيها وبأي صيغة. وقال مصدر من داخل الاجتماع لـ«الشرق الأوسط» أمس «إن بعض قادة المجموعات المسلحة في باب التبانة، يفضلون انتشارا لقوى الأمن الداخلي، بينما تفضل فئة أخرى رؤية الجيش بدلا عنهم. وهكذا فإن ثمة من كان يضع العصي في الدواليب، ويضع الشروط، بعد أن تم الاتفاق على دخول قوى الأمن، وذلك قبل بدء تنفيذ الخطة».

وكان وزير الداخلية اللبناني وصل إلى طرابلس ظهر أمس، وعقد اجتماعا أمنيا، أعلن بعده أن «أكثر من 100 قتيل في طرابلس وأكثر من 12 عنصرا أمنيا بين قوى أمن وجيش استشهدوا، في طرابلس، وكل ذلك للاشيء».

وأوضح شربل أن «الخطة ستشمل أحياء باب التبانة وجبل محسن وأبي سمرا والمنكوبين وكافة شوارع المدينة وأزقتها وأحيائها الداخلية»، محذرا من أن «يدخل غدا أي شخص على خط الوضع الأمني يريد التخريب في المدينة». وأوضح شربل «إننا لن نداهم المنازل للبحث عن السلاح والمطلوبين، لكن الحواجز الأمنية قائمة وستتعامل مع أي مطلوب أو مخل بالأمن ضمن القوانين المرعية الإجراء، وسنلاحق كل شخص يعتدي على عناصر قوى الأمن لأن الاعتداء عليها خط أحمر. كما سنعتقل كل شخص يصدر بحقه مذكرة توقيف وستوقف القوى الأمنية كل من يفرض الخوات على المواطنين ويتاجر بالمخدرات ويسرق المحلات أو يطلق النار ترهيبا».

وقالت مصادر مطلعة من باب التبانة لـ«الشرق الأوسط» إن «اتفاقا كان عقد مع وزارة الداخلية بحيث لا يوقف المقاتلون بسبب مشاركتهم في المعارك. أما الاعتداءات التي يمكن أن تحصل ضد الجيش أو الدرك فهذا أمر محسوم، ولا يستطيع أحد أن يمنع المحاسبة بصددها».

واعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أثناء زيارته المدينة أمس أن «من حق طرابلس أن يترفع قادتها عن استغلال نقاط ضعفها لتحقيق مكاسب رخيصة». وقال: «أنا من جهتي سأبقى كما كنت باسطا يدي للتعاون من دون التوقف مطولا أمام هجوم من هنا وابتزاز من هناك لتحصين السلم فيها ورفع مستواها الاقتصادي والعلمي والعملي».

ولفت ميقاتي إلى أن «من حق طرابلس أن تنعم بالأمن والأمان ومن حقها أن تحمى وأبناؤها من كل متربص باستقرارها وهي بالتالي لن ترضخ لأي مساومة على أرواح ضحاياها الأبرياء الذين سقطوا على أبواب مسجدي التقوى والسلام»، لافتا إلى أنه «أوعز لكل الأجهزة بالسهر على معرفة من قتل الناس والاقتصاص منهم أمام القضاء المختص بحسب الأصول، ما يدخل الطمأنينة إلى قلوب الطرابلسيين وقلوب جميع اللبنانيين»، في إشارة منه لتهدئة أهالي باب التبانة الغاضبين، بشأن نتائج التحقيقات في التفجيرين التي أظهرت تورط أفراد من جبل محسن.

وقال ميقاتي: «نعلم أن المجرمين لا دين لهم ولا طائفة، طائفتهم إجرامهم لأي مذهب انتموا والقتل باسم الدين مرفوض. الدولة وحدها من تقتص من أي مجرم فرد».

ولا تخفي مصادر مطلعة على أجواء مقاتلي باب التبانة، أن تغيرات كثيرة تحصل في منطقتهم، ووجوها جديدة تظهر على الساحة، وأن اقتراب اشتداد وطيس معركة القلمون في سوريا يرخي بظلاله على هذه الضاحية الشمالية من طرابلس، حيث تسكن باب التبانة وحدها حوالي 5500 عائلة، هذا دون احتساب سكان جبل محسن. وهي عائلات في غالبيتها الساحقة منكوبة، بسبب المعارك المتوالية. ولم تكن ليلة أول من أمس هادئة، إذ تستمر الإشكالات الفردية، وأحداث إطلاق نار متفرقة، ويخيم التوتر على المنطقتين، فيما بدأ النزوح من القلمون باتجاه الحدود اللبنانية، ما يترك المقاتلين في شمال لبنان، على أهبة الاستعداد، بينما يسعى الجيش بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي لتجنيب طرابلس دفع الثمن السوري باهظا.