رئيس الفريق النيابي لـ«العدالة والتنمية» المغربي: بلادنا كانت استثناء في «الربيع» و«الخريف» العربيين

مجلس النواب يسائل رئيس الحكومة في الجلسة الشهرية يوم 26 نوفمبر

عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية يتابع مداخلات النواب أمس.. وبدا إلى جانبه محمد بوسعيد وزير المالية (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

شن حزب الاستقلال المغربي، الذي انسحب من الحكومة وانتقل إلى المعارضة، هجوما كاسحا على الحكومة، أمس، خلال الجلسة العامة لمجلس النواب التي خصصت لمناقشة الجزء الأول من مشروع الموازنة العامة للعام المقبل (القانون المالي)، وحضرها رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران.

وفي غضون ذلك، دافع حزب العدالة والتنمية متزعم الائتلاف الحكومي عن الاستثناء المغربي الذي حققه في «الربيع» و«الخريف» العربيين.

وقال عبد الله بوانو، رئيس الفريق النيابي لـ«العدالة والتنمية»، إن المغرب يتوفر على عدد من عناصر القوة والمناعة التي ينبغي تحصينها في سياق وطني وإقليمي يتميز بمحاولات لاستهداف نموذجه في الإصلاح وفي الاستقرار. وأضاف أن هذه العناصر تشكل ميزته التنافسية وتتعلق أساسا بما ينعم به من استقرار ومن إصرار على السير في الخط المتصاعد للإصلاح، وهو ما تأكد، حسب بوانو، في تفاعله الإيجابي والاستباقي مع موجة الربيع العربي، والتطلعات والمطالب التي عبر عنها الحراك الشبابي والشعبي خلال 2011، بدءا بوضع دستور جديدة بطريقة تشاركية والمصادقة عليه، وفتح الباب أمام ورش كبيرة للإصلاحات المؤسساتية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وأضاف بوانو أن المغرب كما تفاعل بطريقته الخاصة مع أحداث الربيع الديمقراطي في العالم العربي، تفاعل أيضا بطريقته الخاصة مع ما سماه بأحداث «الخريف العربي»، مبديا أسفه لظهور من سعى لقراءة إسقاطية في المغرب لما حدث في بعض الدول العربية التي واجهتها صعوبات في المرحلة الانتقالية، وعدها مناسبة للعودة بالمغرب إلى ما قبل 2011.

وأوضح بوانو أن النموذج المغربي أثبت مناعته من أن يجر إلى متاهات قادت تجارب أخرى إلى آفاق لا تزال تخيم عليها غيوم من الشك والغموض في المستقبل وتتهددها مخاطر الاضطراب والحرب الأهلية، مشددا على أن المغرب كما كان استثنائيا في «الربيع العربي» فإنه كان استثنائيا في «الخريف العربي»، فتبين خطأ من كان يرجح كفة النكوص على كفة مواصلة الإصلاح والبناء الديمقراطي.

وقال بوانو إن المغرب يتميز بكونه دولة عريقة ومستقرة وذات تراكم في مجال بناء دولة الحق والقانون، ودولة لها من الثقة في الذات ما جعلها تُقبل بطريقة إرادية واستباقية على إصلاحات دورية خلال العقود الأربعة الأخيرة. وأبرز بوانو أن إعادة تشكيل الحكومة «تأكيد للخصوصية المغربية والاستثناء المغربي»، منوها بما أبانت عنه مكونات الأغلبية الجديدة من درجة عالية من النضج السياسي وتغليب المصلحة الوطنية على الحسابات الحزبية الضيقة.

أما نور الدين مضيان، رئيس الفريق النيابي لحزب الاستقلال، فوصف مشروع القانون المالي بأنه «جاء محبطا ومخيبا للآمال، لأنه خفتت فيه أصوات الشعارات وظهرت التراجعات»، إذ لا زيادة مرتقبة إلا في أسعار المحروقات والمواد الاستهلاكية الأساسية أو في عقارب الساعة الإضافية. وأضاف مضيان ساخرا أن عدوى الزيادة أصابت الحكومة نفسها فلجأت إلى الزيادة في عدد حقائبها الوزارية في عز الأزمة الاقتصادية، وأوضح أن السياسة التقشفية التي تريد الحكومة أن تنهجها لن يؤدي ثمنها سوى الطبقات الكادحة والفقيرة والمتوسطة. وأضاف «نرى أن موازين الحكمة قد اختلت وعقارب الزمن توقفت في ظل هذه الحكومة».

وقال موجها خطابه لابن كيران «إن الرهانات التي راهنتم عليها لكسب أصوات الناخبين وتصدرتم بها المشهد السياسي في الانتخابات، يسائلكم الناخبون اليوم عما تحقق منها بعد سنتين في الحكومة، لدرجة أن البعض عدها تحايلا سياسيا لكسب المقاعد النيابية والكراسي الوزارية لا غير». وقال مضيان إن عجز الحكومة عن تحقيق الإصلاحات الهيكلية الكبرى ستنعكس نتائجه على مختلف الجوانب الاجتماعية، لأن مشروع القانون المالي جاء بتدابير تكرس التفاوت الاجتماعي وتعمق الهوة بين الفئات الاجتماعية وتهدد السلم الاجتماعي.

ووصف مضيان الحكومة بأنها مجرد حكومة تصريف أعمال «يقتصر عمل رئيس الحكومة فيها على تدبير الأعمال الجارية فقط». وأضاف رئيس الفريق النيابي لحزب الاستقلال موجها كلامه لابن كيران «لقد أخلفتم الموعد مع المواطنين بعدما قتلتم فيهم روح الأمل بفعل الانتكاسات والتراجعات، ذلك الأمل الذي زرعتموه فيهم بوعودكم المعسولة، وشعارات أطلقتم لها العنان خلال برنامجكم الانتخابي الدعوي ممتطين صهوة الأخلاق الفاضلة وقابضين عصى موسى بيمينكم، مدعين حل الأزمات الاجتماعية من قبيل الفقر والإقصاء والتهميش، ووعدتم الفقراء بغد أفضل، وتوعدتم من اعتبرتموهم مفسدين بالمحاسبة، لكن عندما تفشلون تعلقون فشلكم على مواجهة اللوبيات لإصلاحكم، فلا يسعكم والحالة هذه إلا تحضير الغيبيات من جن وعفاريت لتساعدكم على طرد التماسيح وشياطين الفساد».

وختم مضيان مداخلته بجملة بالأمازيغية تختصر ما قاله حتى يفهمه الأمازيغ، والسبب هو أن الحكومة «تماطلت» في إخراج القانون التنظيمي للأمازيغية.

على صعيد آخر، يستعد مجلس النواب لعقد جلسة الاستماع الشهرية لرئيس الحكومة. وقالت مصادر برلمانية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن الجلسة الشهرية المخصصة للأسئلة الشفوية المتعلقة بالسياسة العامة للحكومة، التي يجيب عنها رئيس السلطة التنفيذية، ستنعقد يوم الثلاثاء 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. وأعلنت المصادر ذاتها أن الخلاف حول محور مساءلة رئيس الحكومة بين الأغلبية والمعارضة ما زال مطروحا، ففي الوقت الذي اقترحت فيه فرق الغالبية إدراج محور السياسة الخارجية خاصة قضية الصحراء التي تعيش منعطفا خاصا بعد ارتفاع درجة التوتر بين المغرب والجزائر، ما زالت فرق المعارضة لم تحسم في طبيعة محاور مساءلة رئيس الحكومة.

وأشارت المصادر إلى أن المعارضة تتأرجح بين مواضيع الإصلاح الجبائي، ومساءلة ابن كيران حول معضلات السياسة التعليمية في المغرب خصوصا بعد خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس في 20 أغسطس (آب) التي انتقد فيها بقوة تدبير الحكومة لأوضاع التعليم.

في مقابل ذلك، علمت «الشرق الأوسط» أن مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) حسم محور مساءلة رئيس الحكومة، بعدما وقع اختيار مكتب الرئاسة على محور تدبير الحكومة للمسألة الاجتماعية على جميع مستوياتها المتعلقة بمعضلات السكن والتعليم والصحة والتشغيل. وأعلن محمد دعيدعة، رئيس فريق نقابة الفيدرالية الديمقراطية في مجلس المستشارين، أنه جرى الاتفاق داخل ندوة الرؤساء التي تضم مكتب المجلس ورؤساء الفرق واللجان البرلمانية، فضلا عن الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني كممثل للحكومة، على تاريخ 20 نوفمبر الحالي، ابتداء من الساعة الخامسة مساء، كموعد لعقد جلسة الاستماع المخصصة لرئيس الحكومة في موضوع السياسات الاجتماعية. وحذر دعيدعة، الذي يشغل منسق المعارضة بالغرفة الثانية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، من محاولة فرض الحكومة أجندتها الزمنية على المعارضة، موضحا أن المجلس لن يقبل بمبدأ المناصفة المعمول به في مجلس النواب خصوصا أن المعارضة تشكل القوة الأولى في هذا المجلس، موضحا أنه سيجري العمل بمبدأ الثلث للحكومة والثلث للأغلبية والثلث للمعارضة في انتظار قرار المجلس الدستوري الذي ينظر في النظام الداخلي لمجلس المستشارين.

وتعد جلسة مساءلة ابن كيران بالبرلمان هي الأولى بعد قرار للمجلس الدستوري (المحكمة الدستورية) أنهى الجدل الدستوري حول المحاصصة الزمنية المخصصة للحكومة والبرلمان، حيث أقر المجلس الدستوري في قراره حول مطابقة النظام الداخلي لمجلس النواب للدستور مبدأ المناصفة في الحصة الزمنية بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية خلال الجلسة الشهرية المخصصة للسياسات العمومية بعد أسابيع من الصراع الحاد بين الحكومة وأغلبيتها، من جهة، والمعارضة، من جهة أخرى، والذي وصل إلى حد مقاطعة الفرق النيابية للمعارضة لجلسات مساءلة رئيس الحكومة بالبرلمان لثلاث مرات متتالية.

وتجدر الإشارة إلى أن الجلسة الشهرية لرئيس الحكومة تأتي تطبيقا لأحكام الفصل 100 من الدستور الذي ينص على أن الأجوبة عن الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة تقدم من طرف رئيس الحكومة مرة واحدة كل شهر. ويقدم رئيس الحكومة الأجوبة عن الأسئلة المطروحة عليه، قبل الثلاثين يوما الموالية لإحالتها عليه، أمام المجلس الذي يعنيه الأمر.