منطق «الربح والخسارة» يسيطر على الحوار السياسي في تونس

المتحدث باسم حركة النهضة: حزبنا لم يخسر قاعدته الانتخابية

TT

بعد ما يقارب الأسبوعين من تعليق جلسات الحوار بين الحكومة والمعارضة، واصلت القوى السياسية سلسلة اجتماعات جانبية غير رسمية استعدادا لاستئناف الحوار بداية الأسبوع المقبل. وخصصت حركة النهضة وحركة نداء تونس أهم الأحزاب المتنافسة على السلطة، تلك الاجتماعات لمناقشة مقترحات جديدة بشأن المسار الحكومي وربما العودة من جديد إلى فكرة حكومة الوحدة الوطنية بعد الفشل في التوافق حول شخصية رئيس الحكومة الجديد. إلا أن حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات عارض فكرة حكومة وحدة وطنية لما ستؤول إليه من جديد من توزيع الوزارات وما ستخلفه من تجاذبات إضافية.

ولا تزال حسابات الربح والخسارة مسيطرة على جولات الحوار بين الحكومة والمعارضة ولم تنجح وساطة الرباعي الراعي للحوار في حل الأزمة السياسية المستفحلة منذ اغتيال محمد البراهمي في شهر يوليو (تموز) الماضي. ولا تزال الاتهامات متواصلة ومتبادلة بين الطرفين بإفشال الحوار ومحاولة ربح الوقت والتمسك بوجهة نظر واحدة بشأن رئاسة الحكومة الجديدة.

ولا يبدو أن الحكومة والمعارضة قد ربحا الكثير من وراء تعطيل الحوار حينا وتعليقه حينا آخر، بل إن اتهامات كثيرة طالت الطبقة السياسية تراوحت بين نعت حكومة علي العريض من قبل المعارضة بـ«حكومة الفشل»، وبين توجيه صفة «المعارضة العقيمة» لأحزاب المعارضة الليبرالية واليسارية من قبل «الترويكا الحاكمة» التي تتزعمها حركة النهضة.

وفي هذا الشأن قال العجمي الوريمي المتحدث باسم حركة النهضة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة والمعارضة ستخسران الكثير في صورة فشل الحوار السياسي في تونس. وأشار إلى ما قدمته حركة النهضة من تنازلات لإنجاح الحوار، وحمل المعارضة قسطا أكبر في تعطيل المسار الانتقالي من ذلك انسحاب نواب المعارضة بالمجلس التأسيسي لمدة فاقت الشهرين مما أدى إلى تعطيل صياغة الدستور وتشكيل هيئة الانتخابات واختصار الفترة الانتقالية.

ونفى الوريمي تأثر القاعدة الانتخابية الأساسية لحركة النهضة وقال إن أحدث استطلاعات الرأي أظهرت استرجاعها لثقة التونسيين وفي المقابل تراجع إشعاع المعارضة. وأشار إلى أن أحزابا أخرى غير التي تقود المعارضة في تونس هي التي ربحت أنصارا على حساب الأحزاب المعروفة ومن بينها حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحركة وفاء وحزب التحرير ذو التوجهات الإسلامية.

وفي نفس السياق، قال المنذر ثابت المحلل السياسي لـ«الشرق الأوسط» إن المعارضة التونسية خسرت أكثر من حركة النهضة التي أدارت المرحلة بطريقة فيها الكثير من المناورة السياسية واستمرت في الحكم على الرغم من الضربات الموجعة التي وجهتها لها المعارضة. وأشار إلى امتصاصها الغضب الشعبي بعد اغتيال بلعيد والبراهمي إذ إنها لم تنزلق إلى مطب العنف وجعلت المعارضة تنهك قواها وتستنزف رصيدها من المصداقية بسبب ترددها بين القطيعة والمواجهة في تعاملها مع الترويكا.

وبشأن الخسارة المحتملة لحركة النهضة، قال ثابت في تصريحه إن المشكل الأساسي في حكم الترويكا يكمن في ضعف إدارة الوزارات وقلة الخبرة في ترتيب الأولويات وتدهور الوضع الأمني مما أثر سلبا على مناخ الاستثمار وأصاب الوضع الاجتماعي والاقتصادي في مقتل على حد تعبيره.

ولئن رفعت قيادات المعارضة شعار «لا غالب ولا مغلوب» خلال جلسات الحوار الماضية، فإن المعارضة لا ترى أي مبرر من خلال تصريحاتها لمواصلة حكم البلاد بنفس الطريقة بعد استفحال البطالة والفقر والخصاصة وتواصل تفاوت التنمية بين الجهات. وتفاوت عمليات التقييم للمرحلة السياسية المنقضية، ففي حين ترى المعارضة أن «أحزاب الترويكا» قد اهترأت صورتها لدى التونسيين جراء أعباء الحكم، فإن أطرافا أخرى تؤكد على أن حركة النهضة الحزب الحاكم قد غنمت الكثير بعد انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) 2011.

وبشأن مواقف المعارضة ودرجة تأثرها من الوضع السياسي المتأزم، قال عادل الشاوش القيادي في حركة نداء تونس لـ«الشرق الأوسط» إن الطبقة السياسية التونسية «خسرت الكثير» ولكن حركة النهضة كانت الخاسر الأكبر على حد قوله. وأضاف أن حركة النهضة اعترفت بالأزمة الخانقة على جميع الأصعدة ولكنها ناورت وأطالت الفترة الانتقالية ومست بالتالي من مصداقيتها السياسية على حد تعبيره. وبمنطق الربح والخسارة أشار الشاوش إلى أن مسؤولية الأطراف السياسية في الأزمة متفاوتة ولكن الترويكا ومن ورائها حركة النهضة تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية.

وقال الشاوش من ناحية أخرى، إن 51 في المائة من التونسيين قد وجهوا الاتهام إلى الطبقة السياسية بأكملها في تعطيل الحوار السياسي وتعميق الأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية كذلك.