محافظة بغداد وأمانتها تخوضان معارك تسقيط سياسي نيابة عن مكونات التحالف الشيعي

ائتلاف المالكي يتهم التيار الصدري والمجلس الأعلى بـ«تعمد» إهمال أوضاع العاصمة

TT

لم تسعف «الأنواء الجوية» أمانة بغداد في التقاط أنفاسها جراء غرق مناطق واسعة من جانب الرصافة من العاصمة العراقية نتيجة هطول أمطار غزيرة الأسبوع الماضي؛ فبعد مرور أسبوع على الأمطار لا تزال أحياء الشعب وأور وجميلة والطالبية (شرق وشمال شرقي بغداد) تغرقها مياه الأمطار في وقت تتواصل فيه جهود كل من أمانة العاصمة من جهة والمحافظة من جهة أخرى لإنقاذ هذه الأحياء من الغرق بعدما دخلت مياه الأمطار إلى داخل المنازل.

وفي حين نظم العشرات من مواطني تلك الأحياء مظاهرات توزعت بين مقر أمانة العاصمة وإحدى بلدياتها فإن القوات الأمنية المرابطة أمام الأمانة اعتقلت أربعة من ناشطي هذه المظاهرات لتنفتح من جديد قضية التسقيط السياسي من جهة والحروب بالنيابة، هذه المرة، من جهة أخرى. ومع تزايد حمى الاتهامات بين الأمانة من جهة والمحافظة من جهة أخرى فإنه طبقا لما أعلنته هيئة الأنواء الجوية فإن العراق في غضون اليومين المقبلين مقبل ثانية على أمطار وصفتها الهيئة بالغزيرة، وهو ما يعني ضمنا استمرار حرب «داحس والغبراء» بين الأمانة والمحافظة وتاليا بين ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي من جهة وبين أمانة بغداد التي يسيطر عليها المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم، ومحافظة بغداد التي يسيطر عليها التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر من جهة أخرى.

سعد المطلبي، عضو مجلس محافظة بغداد عن ائتلاف دولة القانون، قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «كل ما يجري ليس ناتجا عن مسألة خدمية تتعلق بمسؤولية هذا الطرف أو ذلك لجهة العمل هنا أو التقصير هناك، بل هي في جوهر الأمر رؤية سياسية هدفها إبقاء الأزمات على حالها من أجل بقاء النقمة قائمة ضد الحكومة المركزية التي يحملها المواطنون ومع استمرار التغذية والشحن السياسي مسؤولية ما يحصل». وأضاف المطلبي أن «هناك مسائل واضحة في هذا السياق، وقد لمستها شخصيا من خلال جولاتنا كمجلس محافظة على بعض المناطق وهي أن هناك تعمدا في الكثير مما يجري من خلال إغلاق محطات سحب المياه أو إطفاء المضخات فضلا عن عدم نصب المجاري رغم وجود تخصيصات مالية»، معتبرا أن «هذه هي أفضل طريقة لضرب النظام السياسي القائم يخطط له من يروم الوصول إلى الحكم وذلك عبر الادعاء بفشل الآخرين».

وأشار المطلبي إلى أن «أمانة بغداد لا تزال تدار بالهاتف من قبل الأمين السابق صابر العيساوي»، مبينا في الوقت نفسه أن «محافظ بغداد الحالي لم يعمل مثل المحافظ السابق صلاح عبد الرزاق (ينتمي إلى دولة القانون) وذلك عندما قام بتنفيذ مشاريع لأطراف بغداد، حيث إن أطراف بغداد هي أعلى من العاصمة، ولو كانت هناك مشاريع لتلك الأطراف لما غرقت مناطق مثل الحسينية وغيرها وعادت المياه إلى بغداد»، مضيفا أن «العمل لا يتم بكثرة التصريحات أو مجرد الجولات من دون خطط علمية دقيقة».

من جهتها اعتبرت أمانة بغداد، وعلى لسان مدير العلاقات والإعلام فيها حكيم عبد الزهرة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنها «لا تتحمل المسؤولية كاملة لأن هناك الكثير من القضايا إما هي خارج صلاحياتها أو أن المشاريع التي كانت قد جرت المباشرة بها لم تكتمل بعد، أو أن هناك بعدا سياسيا واضحا لعدم اكتمال بعض المشاريع التي من شأنها إنقاذ بغداد من الغرق، ومنها خط الخنساء». وقال عبد الزهرة إن «الجميع يتحدث بالتسقيط أو الخلافات السياسية، وهي أمور لا صلة للأمانة بها؛ لأنها في النهاية تريد تنفيذ مشاريع خدمية، لا سيما مشاريع البنية التحتية، لكن ما نريد قوله أن أحد خطوط نقل مياه المجاري تحول إلى مكان لسكن المواطنين ممن تعرف مساكنهم بالعشوائيات، حيث لا يجرؤ مسؤول الآن أن يزيل ما يعتبر تجاوزا من منطلق أنهم لا يملكون مساكن وأن أوضاعهم صعبة». وقال إن «مثل هذه المسائل يجب أن لا تحل على حساب جهود الأمانة؛ لأن هؤلاء يسكنون على خط لنقل مياه المجاري، وبالتالي فما الذي يمكن أن تفعله الأمانة بوجود قرار سياسي بعدم التحرش بهؤلاء لأغراض انتخابية، بينما يجري تحميل الأمانة مسؤولية غرق بغداد».

وكان العشرات من الناشطين في منظمات المجتمع المدني تظاهروا أمس احتجاجا على غرق العاصمة بغداد بمياه الأمطار. وطالب هؤلاء الناشطون بإقالة أمين بغداد عبد الحسين المرشدي، بينما اعتقلت القوات الأمنية التي تحمي المقر أربعة منهم. وتأتي مظاهرة هؤلاء الناشطين بالتزامن مع مظاهرة أخرى لمواطني حي أور أمام مقر المجلس البلدي في حي الشعب (شمال شرقي بغداد).

من جهته، انتقد رئيس كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري بهاء الأعرجي أداء أمانة بغداد في التعامل مع الفيضانات والغرق جراء الأمطار. وقال الأعرجي في بيان أمس: «نستغرب هذه الظاهرة التي هي بمعنى الكلمة كارثة، وهي من واجبات أمانة بغداد العاجزة لحد هذه الساعة عن إنقاذ المناطق من الغرق، ولم تأخذ الدروس والعبر من العام الماضي». ودعا الأعرجي «أمين بغداد وكالة لتوضيح هذه الإخفاقات، وأن يعطينا السقف الزمني للانتهاء من هذه الأزمة وبعدها، ويكون مسؤولا مسؤولية شخصية عن ما يحدث من أخطار على أهالي بغداد وضواحيها».