«النووي الإيراني» يقرب بين فرنسا وإسرائيل

باريس ترى أن نجاح العملية التفاوضية مهم من زاوية إبعاد الخيار العسكري الإسرائيلي

TT

يمثل الملف النووي الإيراني أحد المواضيع الرئيسة التي تناقش خلال زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الحالية إلى إسرائيل وأحد عوامل التقارب «التكتيكي» بين الجانبين بعد الموقف «المتشدد» لفرنسا خلال اجتماع جنيف الأخير لما يسمى مجموعة (5 زائد 1) وإيران.

ووفق أكثر من مصدر، فإن المواقف التي تمسك بها وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ومطالبته بضمانات «أكبر» بخصوص موضوع المخزون النووي الإيراني المخصب بنسبة 20 في المائة ووضع مفاعل آراك الواقع على مسافة 290 كلم من طهران والذي ينتج البلوتونيوم الذي يمكن استخدامه لتصنيع قنبلة نووية، رفعت أسهم الرئيس الفرنسي في إسرائيل وجعلت بنيامين نتنياهو يؤكد أنه ينتظره بـ«فارغ الصبر» ويصفه بـ«الصديق الأقرب لإسرائيل»، مقارنة مع ما يعتبره «تخليا» أميركيا وتساهلا من واشنطن إزاء طهران.

بيد أن هذا الفيض من العواطف قد لا يتخطى منتصف الأسبوع الحالي وتحديدا يوم الأربعاء المقبل حيث سيجتمع مجددا الستة وإيران في جنيف. ووفق أكثر من مصدر غربي، فإن المرجح جدا أن يتفق الطرفان على التوقيع على الاتفاق المرحلي «مدته ستة أشهر» استنادا للنص الذي قدمه الستة في آخر يوم من اجتماعات جنيف السابقة.

وقالت مصادر فرنسية واكبت عن قرب اجتماعات جنيف إن «المفاوضين وصلوا إلى نهاية مرحلة» مضيفا أن «الجميع يريدون اتفاقا بمن فيهم نحن وأن مواضع الخلاف على النص مع إيران تراجع». وردا على احتفاء إسرائيل بالمواقف الفرنسية، قالت هذه المصادر إن «هم فرنسا ليس إرضاء إسرائيل بل منع انتشار السلاح النووي في المنطقة».

وتعي باريس رغبة إسرائيل في الاستفادة من مواقفها لإغاظة واشنطن من جهة ولحاجتها لأطراف دولية «تتفهم» مواقفها. وتبدو باريس اليوم «الأقرب» من المواقف الإسرائيلية. لكن إسرائيل ليست واثقة من استمرار هذا الوضع على حاله، لذا، فإن الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس ونتنياهو دعيا معا في أحاديث صحافية نشرت أمس الحكومة الفرنسية إلى «التمسك بمواقفها» وعدم التخلي لا عن الضغوط ولا عن العقوبات. لكن الجانب الفرنسي يعرف أنه لا يستطيع الوقوف إلى ما لا نهاية بوجه اتفاق تريده جميع الأطراف وعلى رأسها الولايات المتحدة خصوصا بعد التوصل إلى نص مشترك ينتظر الستة جوابا عليه الأربعاء.

وبحسب المعلومات المتوافرة عن النص المرحلي الصالح لستة أشهر، فإن المقصود منه إعادة الثقة بين الطرفين والبدء بشيء ما لجهة وقف توسع البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع عدد من العقوبات المفروضة على طهران. وتتعهد إيران بعدم تشغيل أو نشر طاردات مركزية متطورة جديدة والتوقف مرحليا عن التخصيب بمستوى 20 في المائة وقبول تفتيش بعض مواقعها مثل مفاعل آراك وقد يتم تجميد استكمال بنائه الذي يفترض أن ينجز نهاية 2014.

وبالمقابل، تحصل إيران على، رفع عدد من العقوبات بحيث يتاح لها استعادة بعض موجوداتها المالية المجمدة في الخارج «خصوصا في آسيا» وتتمكن من استئناف العمليات التجارية على المشتقات البترولية وتجارة المعادن الثمينة وعلى رأسها الذهب.

ورغم أهمية اتفاق الطرفين المرجح في جنيف وهو الأول من نوعه بعد سنوات من التفاوض والإحباطات، فإن مصادر غربية في باريس تؤكد أن ذلك لا يعني نهاية الصعوبات مع إيران. وبحسب ما قالته، فإن العقبات الحقيقية تكمن في صورة الحل النهائي وفي معرفة ما إذا كانت إيران تريد فعلا أن تدفن نهائيا برنامجها النووي الذي يقول عنه الغربيون، إنه «لا غاية مدنية من ورائه» فيما يؤكد الإيرانيون العكس.

ومن المنظور الفرنسي، فإن نجاح العملية التفاوضية مهم من زاوية أنه «ينحي» الخيار العسكري الإسرائيلي جانبا إذ سيكون من الصعب على تل أبيب، رغم «عنتريات» رئيس حكومتها، أن تضرب عرض الحائط اتفاقا دوليا وافقت عليه الدول الخمس الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.