اتحاد المصارف العربية الفرنسية يفرج عن أموال سورية لتمويل إمدادات الغذاء

المعارضة تتخوف من تخفيف العقوبات

TT

رفع اتحاد المصارف العربية الفرنسية أمس، الحظر عن أموال سورية مجمدة، لدفع ثمن الإمدادات الغذائية، وهو ما أثار ريبة المعارضة التي اعتبرت الإجراء من غير التشاور مع الحكومة السورية المؤقتة وفريقها الاقتصادي «عملا غير شرعي ويثير الريبة».

وقال الرئيس التنفيذي للمؤسسة العامة للتجارة الدولية في سوريا طارق الطويل، لوكالة رويترز، أمس، إن بنك يوباف في فرنسا أكد رفع الحظر، مشيرا إلى أنه «يجري الإفراج تدريجيا عن حسابات مصرفية مجمدة لسوريا في الخارج من أجل شراء أغذية».

وفيما تثير هذه الخطوة مخاوف من أن تكون بداية لكسر للعقوبات المالية المفروضة على النظام السوري منذ بدء فرض العقوبات عليه بهدف تقويضه عن استخدام العنف ضد شعبه، أفادت تقارير بأن عقوبات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودولا أخرى ضد حكومة الرئيس السوري بشار الأسد لا تنطبق على سداد قيمة واردات الغذاء.

ويرى المدير التنفيذي في المكتب الاقتصادي التابع للمجلس الوطني السوري المعارض الدكتور أسامة القاضي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «رفع الحظر عن الأموال من دون التشاور مع الحكومة المؤقتة ووزير ماليتها وفريقها الاقتصادي هو عمل غير شرعي ومثير للريبة، خصوصا إذا علمنا أن المتحكم بالمواد الغذائية داخل سوريا في هذا الوقت، وتحديدا في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، هي الحلقة الأولى حول القصر الرئاسي»، موضحا أن هؤلاء «هم المستفيدون الوحيدون من القرار».

ويعد قاضي، الذي عينه رئيس الحكومة المؤقتة أحمد طعمة قبل يومين مساعده للشؤون الاقتصادية، أن المقربين من النظام «لا يبالون بالقضايا الإنسانية، لأنهم لو هالهم الوضع الإنساني، لكان النظام سمح بإدخال الدواء والمواد الإغاثية للمناطق المحاصرة».

ولا يتردد المعارضون من إعلان تخوفهم من أن يكون هذا الإجراء مقدمة لتخفيف العقوبات عن النظام السوري. وإذ يؤكد قاضي هواجس المعارضة من تخفيف العقوبات تدريجيا، يقترح أن «يتخذ المجتمع الدولي إجراءات أخرى بدل الإفراج عن الأموال المجمدة، منها التنسيق مع الحكومة المؤقتة». ويقول: «نقترح منح الحكومة المؤقتة الأموال لشراء دواء وغذاء وتوزيعها على السوريين، بدلا من رفع العقوبات عن الأرصدة المجمدة، لأن المعارضة تعمل بشفافية أكبر من النظام في هذا الشأن»، مشيرا إلى أن هذا الاقتراح «ينسجم مع المادة 5 من القرار الأممي رقم 2118، ويعد تطبيقا له»، لافتا إلى أن القرار «يلزم النظام إدخال جميع المواد الغذائية وفتح الممرات الآمنة».

وكانت فرنسا وافقت قبل فترة على استخدام أصول مصرفية سورية مجمدة لتمويل واردات غذاء لدمشق في إطار برنامج للاتحاد الأوروبي يسمح باستخدام مثل تلك الأموال لأغراض إنسانية.

وتفرض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على النظام السوري، ما دفعهم لتجميد أرصدته في الخارج. ويخصص الاتحاد الأوروبي بعقوباته 128 شخصا و43 شركة مستهدفين بقرار تجميد الأرصدة وحظر السفر بسبب دعمهم النظام.

ورغم أن العقوبات لم تشمل أي قيود على استيراد المواد الغذائية على وجه الخصوص، تقول مصادر إعلامية مقربة من النظام السوري إن طلب الحكومة السورية تسديد فواتير واردات الغذاء من الأرصدة المالية المجمدة لها في الخارج قد قوبل بالرفض التام من قبل الحكومات والقوى الغربية. وتوضح المصادر أن عملية تجميد الأموال السورية في الخارج تسببت بعرقلة عمليات استيراد الغذاء والسلع الاستراتيجية مثل السكر ومحاصيل الحبوب، ما دفع الحكومة السورية للتفكير في الدفع بالعملة المحلية (الليرة) من أجل تفادي تلك المعضلة.

وكان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أقروا في مايو (أيار) 2012، حزمة جديدة من العقوبات ضد النظام السوري بسبب ما وصفوه بـ«العنف المشين» في سوريا، وبحثوا في إمكانات تقديم مزيد من الدعم لخطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان. وجاء في بيان أنه جمدت أرصدة مؤسستين تدعمان النظام ماليا، وفرضوا حظر سفر وتجميد أرصدة على 3 أشخاص. وجمد الاتحاد العام الماضي أرصدة البنك المركزي السوري، وتقييد تجارة المعادن الثمينة، لتضييق الخناق على دمشق بعد أن فرض عليها كذلك حظرا لاستيراد الأسلحة وتصدير النفط.

وتستهدف العقوبات، بشكل أساس، شقيق الرئيس السوري ماهر الأسد وابن خاله رامي مخلوف. وكانت الجامعة العربية أكدت في ديسمبر (كانون الأول) 2011. أن الشخصيتين، من بين الشخصيات السورية التي أوصت اللجنة الفنية العربية بتجميد أرصدتها في الدول العربية ومنعها من دخولها. وورد اسما ماهر الأسد ورامي مخلوف على قائمة تضم 17 شخصية سوريا فرضت عليها العقوبات التي قرر وزراء الخارجية العرب فرضها على النظام السوري لرفضه وقف القمع الدامي للانتفاضة الشعبية.