مسلحون يغتالون ضابطا مسؤولا عن «ملف الإخوان» في جهاز الأمن الوطني المصري

مصادر أكدت دوره في توقيف قيادات الجماعة عقب «30 يونيو»

فتاة تمر أمام جدارية للشاب جابر صلاح الذي قُتل خلال أحداث التظاهر ضد الرئيس السابق محمد مرسي العام الماضي في شارع محمد محمود بوسط القاهرة (رويترز)
TT

اغتال مسلحون مجهولون في مصر، مساء أول من أمس، ضابطا مسؤولا عن ملف جماعة الإخوان المسلمين في قطاع الأمن الوطني بوزارة الداخلية، في ثاني عملية نوعية تستهدف ضباط الشرطة منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي، المنتمي للجماعة.

وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن ثلاثة مسلحين، على الأقل، كانوا يستقلون سيارتين على الأرجح، فتحوا نيران أسلحتهم على المقدم محمد مبروك أثناء مغادرته منزله في مدينة نصر شرق العاصمة القاهرة، مما تسبب في مقتله على الفور.

وتفجرت في البلاد موجة من أعمال العنف عقب فض اعتصامين لمؤيدي مرسي في أغسطس (آب) الماضي، خلفت مئات القتلى، بينهم ما يزيد على 120 شرطيا، معظمهم في شبه جزيرة سيناء.

وعزل مرسي عقب مظاهرات حاشدة في يونيو (حزيران) الماضي، لكن جماعة الإخوان وقوى إسلامية أخرى ترفض هذا الإجراء، وتعده انقلابا على «الشرعية الدستورية»، وتتعهد بمقاومته.

ويعد اغتيال مبروك أول عملية نوعية بعد محاولة اغتيال فاشلة استهدفت اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية في 5 سبتمبر (أيلول) الماضي. واغتال مسلحون في سيناء النقيب محمد أبو شقرة - وهو ضابط في الأمن الوطني - قبل أيام من عزل مرسي.

وقالت مصادر أمنية وقضائية لـ«الشرق الأوسط» إن مبروك شارك في حملات القبض على قادة جماعة الإخوان التي جرت على مدار الشهور الماضية، مشيرين إلى أنه حرر محضر التحريات والضبط في قضية هروب قيادات الإخوان من سجن وادي النطرون، خلال الأيام الأولى لثورة 25 يناير 2011.

وأكد مصدر قضائي أن مبروك هو أحد شهود الإثبات في القضية المعروفة إعلاميا بـ«وادي النطرون»، التي قد يُوجّه فيها الاتهام للرئيس السابق مرسي بالتخابر مع جهات أجنبية.

وشيع جثمان مبروك في جنازة عسكرية شارك بها رئيس مجلس الوزراء حازم الببلاوي، ووزير الداخلية اللواء إبراهيم. وقال الببلاوي خلال تقديمه واجب العزاء لأسرة مبروك إن «الأجهزة الأمنية ستعمل ليل نهار لضبط الجناة وتقديمهم للعدالة، لينالوا الجزاء الرادع جراء ما ارتكبته أياديهم الآثمة».

ويعيد استهداف ضباط الشرطة إلى الأذهان عمليات مماثلة جرت في تسعينات القرن الماضي، قامت بها جماعات إسلامية متشددة، ضد ضباط الشرطة في مدن البلاد.

وجهاز الأمن الوطني هو الاسم الجديد لجهاز أمن الدولة. وجرى تغيير اسم الجهاز عقب ثورة 25 يناير، في مسعى لتحسين صورة الجهاز الذي عُرف بممارسات قمعية خلال عقود من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك. وسرح عدد من ضباطه، معظمهم عقب تولي مرسي السلطة، لكن عددا منهم استُدعي للخدمة مجددا عقب عزله.

وقال الببلاوي قبيل مشاركته في جنازة مبروك إن حكومته «لن يهدأ لها بال حتى تقطع أيادي الإرهاب وتدحر قوى التخريب والإجرام لينعم أبناء مصر بالأمن والأمان». وتقول الحكومة إنها تخوض حربا ضد «الإرهاب»، وتسعى حاليا إلى إصدار قانون جديد لمواجهة الإرهاب، لكنه يواجه انتقادات حادة. ويرى مراقبون أن تنامي العلميات الإرهابية وامتدادها إلى قلب العاصمة المصرية، بعد شهور من تركزها في سيناء، شبه منزوعة السلاح بموجب اتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل، قد يدعم الجناح الداعم للقانون الجديد.

وأكد الببلاوي سعي حكومته لتوطيد الأمن والاستقرار، خلال مشاركته في الاحتفال بوضع حجر الأساس لنصب تذكاري لـ«شهداء ثورتي 25 يناير و30 يونيو» في ميدان التحرير بقلب العاصمة المصرية، في إطار إحياء ذكرى مقتل نشطاء في شارع «محمد محمود» خلال مظاهرات احتجاجية ضد المجلس العسكري الذي أدار البلاد عقب الإطاحة بمبارك. وتحيي قوى ثورية اليوم (الثلاثاء) ذكرى شهداء شارع «محمد محمود» الذي شهد مقتل العشرات من بين آلاف المتظاهرين الذين كانوا يطالبون بالإسراع في نقل السلطة من الجيش، في ذلك الوقت.

ووقعت الأحداث الدامية حينذاك في الشارع القريب من مواقع السلطة في القاهرة، الذي بات يعرف بـ«عيون الحرية»، بعد أن فقد الكثيرون القدرة على الإبصار جراء طلقات الخرطوش التي يُعتقد أن قوات الأمن أطلقتها باتجاه المتظاهرين.