إيران ترى في اعتداءي بيروت «جرس إنذار».. وحزب الله يتهم «تحالفا غربيا ــ إسرائيليا»

تنديد لبناني ـ دولي واسع بالتفجيرين.. ودعوات لضبط النفس .. ودمشق تتهم «جماعات إرهابية» لنسف الأمن في لبنان

TT

لاقى التفجيران الانتحاريان اللذان استهدفا مقر السفارة الإيرانية في محلة بئر حسن في بيروت، قبل ظهر أمس، سيلا من الردود المحلية والدبلوماسية المستنكرة والمحذرة من دخول لبنان في سيناريو أمني جديد، عنوانه «التفجيرات الانتحارية»، التي لم يشهد لبنان مثيلا لها خلال السنوات الماضية. وجاء ذلك وسط تنديد دولي ودعوات إلى ضبط النفس وعدم انجرار لبنان وراء تلك التفجيرات التي ترمي إلى تمزيقه ووحدته الوطنية.

وبينما اعتبرت طهران الهجوم المزدوج «جرس إنذار لنا جميعا»، اتهم حزب الله اللبناني «تحالفا غربيا إسرائيليا» إضافة إلى «أنظمة إقليمية ومجموعات تكفيرية» بالمسؤولية عن التفجيرين.

وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، في ختام لقاء مع نظيرته الإيطالية إيما بونينو في روما «إن مأساة اليوم يجب أن تكون جرس إنذار لنا جميعا. علينا أن نأخذ ذلك بعين الاعتبار. وإذا لم نفعل ذلك بجدية فإنه يمكن أن يطالنا جميعا».

واتهمت وزارة الخارجية الإيرانية إسرائيل بالوقوف وراء التفجيرين الداميين. وقالت المتحدثة باسم الوزارة مرضية افخم، في تصريحات نقلتها وكالة «إيرنا» الرسمية للأنباء، إن التفجيرين «جريمة نكراء تبين حقد الصهاينة وعملائهم».

وبدوره، اتهم حزب الله اللبناني «تحالفا غربيا إسرائيليا» إضافة إلى «أنظمة إقليمية ومجموعات تكفيرية» بالمسؤولية عن التفجيرين. وأصدر رئيس كتلة نواب حزب الله النائب محمد رعد بيانا، اعتبر فيه أن الهدف من التفجيرين الانتحاريين «مواصلة برنامج القتل والتخريب وإثارة الفوضى وتهديد الوحدة الوطنية وضرب الاستقرار والتوغل في التفتيت، وهو برنامج يلتزمه تحالف غربي - إسرائيلي تتقاطع مصالحه مع أنظمة إقليمية ومجموعات تكفيرية لإجهاض صحوة الشعوب ومحاصرتها وإسقاط نهوضها ومقاومتها خدمة لسياسات التسلط والهيمنة وحماية للمصالح الاستعمارية وحراسها الإقليميين، وفي مقدمتها الاحتلال الصهيوني لفلسطين».

وقال الرئيس اللبناني ميشال سليمان، الذي قطع زيارة رسمية إلى الكويت، وعاد إلى بيروت مساء، إن «مثل هذه الرسائل الإجرامية لا تغير الثوابت والاقتناعات، بل تحصد القتلى الأبرياء»، مؤكدا أن «يد الإرهاب لن تستطيع إعادة عقارب الساعة إلى الوراء وإعادة فتح صفحة سوداء من تاريخ لبنان».

ودعا سليمان، الذي اتصل بنظيره الإيراني حسن روحاني، وبالسفير الإيراني في بيروت غضنفر ركن آبادي، معزيا، اللبنانيين، إلى «الوعي والتماسك وتمتين وحدتهم الوطنية، والمسؤولين الأمنيين إلى تكثيف جهودهم وإجراءاتهم لكشف المجرمين والإرهابيين واعتقالهم وإحالتهم على العدالة».

وتزامن موقف الرئيس اللبناني مع مطالبة مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة السفير نواف سلام رئيس مجلس الأمن لهذا الشهر، وهو المندوب الصيني، بإدانة التفجيرين في بيروت «بأشد العبارات».

واتهمت بثينة شعبان مستشارة الرئيس السوري بشار الأسد «الجماعات الإرهابية بمحاولة نسف الوضع في لبنان»، في حين نقل التلفزيون السوري، في شريط إخباري عاجل، إدانة «الحكومة السورية بشدة للعمل الإرهابي»، مشيرا إلى أن «رائحة البترودولار تفوح من كل الأعمال الإرهابية التي ضربت في سوريا ولبنان والعراق».

وفي غضون ذلك، قال رئيس المجلس النيابي نبيه بري إن «هذا الاعتداء الإجرامي يشكل استهدافا لوحدة لبنان، ومحاولة مكشوفة للإمعان في إحداث شرخ بين اللبنانيين، وبالتالي فإن هذه المؤامرة لن تخفى على اللبنانيين بأغلبيتهم الساحقة، بدليل هذا الحجم من ردات الفعل المستنكرة ومن كل الأطراف والتنوعات».

ووضع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي «العمل الإرهابي الجبان» في خانة «توتير الأوضاع في لبنان، واستخدام الساحة اللبنانية لتوجيه رسائل سياسية»، في حين اعتبر الرئيس المكلف تشكيل حكومة تمام سلام أن «التفجيرين جريمة إرهابية في سياق مسلسل الجرائم وعمليات التخريب التي تهدف إلى ضرب الاستقرار والوحدة الوطنية».

وقال رئيس الحكومة اللبنانية السابق ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري إن «الانفجار الإرهابي يجب أن يشكل دافعا جديدا لإبعاد لبنان عن الحرائق المحيطة، وتجنيب اللبنانيين بكل فئاتهم ومناطقهم مخاطر التورط العسكري في المأساة السورية»، مهيبا «بالقيادات والجهات المسؤولة الاحتكام إلى العقل وإلى مصلحة لبنان وسلامة اللبنانيين في مواجهة هذه اللحظات العصيبة».

وأشار رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة إلى أن «آفة الإرهاب باتت تهدد لبنان ومواطنيه، وهي تحتم التصرف على أساس مواجهة هذه الآفة»، مشددا على أن «لبنان بموقعه وصيغته وتركيبته الحساسة والمعقدة، لا يمكنه احتمال انعكاسات نزاعات المنطقة على أرضه، ولا يمكنه أن يكون ممرا أو مستقرا لأزمات المنطقة ومخططات المغامرين».

من ناحيته، اعتبر رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط أنه «تلافيا للدخول في حلقة الإرهاب الأعمى وللحيلولة دون أن يصبح لبنان أكثر انكشافا على المستويين السياسي والأمني يوما بعد يوم، لا سيما أن هذا الانكشاف يكرسه واقع الانقسام العميق والقطيعة التامة بين اللبنانيين في لحظة سياسية شديدة التوتر، فإن المطلوب أكثر من أي وقت مضى أعلى درجات التضامن الوطني والعقلانية، والعودة الفورية إلى الحوار بين اللبنانيين، أقله في السعي إلى تنظيم الخلاف، ما لم يكن ممكنا معالجة كل أسبابه وعناصره من جذورها».

وطالب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع «بتحييد لبنان فعليا وعمليا عن كل ما يجري حولنا، وذلك بضبط الحدود اللبنانية - السورية، بانتشار فعلي للجيش اللبناني عليها، مدعوما من قوات من دول صديقة إذا اقتضى الأمر ذلك»، في حين أدرج الرئيس اللبناني السابق، رئيس حزب الكتائب التفجيرين «في إطار العمل الإرهابي والمؤامرة الخبيثة التي تستهدف لبنان»، داعيا إلى «وقفة وطنية عاجلة لإنقاذ الوطن من براثن المخطط الجهنمي الذي لا يرحم».

من ناحيته، وصف رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون الجريمة بـ«جنون اليأس»، وقال: «لا بد من إرادة صلبة للمواجهة، ولا يجوز أن يستبيح هؤلاء أرضنا وشعبنا»، معتبرا أن «هذه الدرجة من الوحشية تدل على ما ينتظرنا في المستقبل إذا وصل هؤلاء إلى السلطة».

ورأى رئيس تيار المرده النائب سليمان فرنجية في انفجاري بئر حسن «رسالة واضحة لخط المقاومة وللسلم الأهلي».

دبلوماسيا، أكد السفير الأميركي ديفيد هيل «إدانة بلاده بشدة أي هجوم إرهابي في لبنان، ودعوتها كل الأطراف إلى ضبط النفس»، مشجعا «السلطات الحكومية على التحقيق في هذه الجريمة». وأدان وزير الخارجية الأميركي التفجيرين «الإرهابيين».

وأدانت فرنسا «بأشد العبارات الاعتداء الدامي»، بحسب بيان للرئاسة الفرنسية. وأضاف البيان أن فرنسا «تدين الإرهاب بكل أشكاله وأيا كانت دوافعه وأيا كان منفذوه» و«تعبر لأسر الضحايا عن عميق تعازيها وعن تضامنها مع السلطات اللبنانية والإيرانية».

كما ندد الاتحاد الأوروبي وروسيا بالهجومين. بينما دعا مجلس الأمن الدولي اللبنانيين إلى «الامتناع عن أي تورط في ألازمة السورية».