اشتباكات بين أنصار للجيش المصري ومعارضيهم في ذكرى «محمد محمود» بالقاهرة

«الإخوان» تظاهروا في الجامعات ومحيط «قصر القبة» وسط إجراءات أمنية مشددة

جانب من الاحتكاكات بين عناصر مؤيدة للجيش المصري ومعارضيه في ميدان التحرير وسط القاهرة أمس (أ..ف.ب)
TT

شهدت العاصمة المصرية القاهرة أمس موجات من المسيرات والمظاهرات في إحياء ذكرى شارع «محمد محمود»، تحولت إلى مناوشات واشتباكات محدودة في أكثر من موقع على خارطة معقدة للمواقف السياسية، وهو ما يعكس قدر التأزم في البلاد التي تعاني من اضطرابات منذ نحو ثلاثة أعوام.

وقتل العشرات من بين آلاف المتظاهرين في شارع محمد محمود قبل عامين، كانوا يطالبون بالإسراع في نقل السلطة من الجيش في ذلك الوقت. ويقول النشطاء إن قادة الجيش والشرطة هم المسؤولون عن هذه الأحداث ويطالبون بمحاسبتهم.

ووضع حازم الببلاوي، رئيس الحكومة المدعومة من الجيش، حجر الأساس للنصب التذكاري لـ«شهداء شارع محمد محمود»، أول من أمس، وسط تشديدات أمنية، مصحوبا بعدد من المسؤولين المتأنقين في الصباح. وفي المساء؛ حطم منصة النصب التذكاري الفارغ شبان يرتدون الجينز، بعد أن تركوا شعارات مناوئة للجيش وجماعة الإخوان المسلمين على النصب، قبل ساعات من مناوشات جرت أمس بين مؤيدين ومعارضين لوزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي في قلب ميدان التحرير.

ولم تغب جماعة الإخوان عن المشهد، لكنها فضلت أن تظل على هامشه بتنظيم مسيرات بعيدا عن ميدان التحرير، الذي يقول «نشطاء الثورة» إنهم (الإخوان) باعوه قبل عامين، مفضلين الدفاع عن المجلس العسكري الذي أدار البلاد عقب ثورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك.

وتجلى جانب من الانقسام في ميدان التحرير، حيث تظاهر المئات من مؤيدي الجيش ومعارضيه من القوى الثورية، وتسببت هتافات مؤيدة لوزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي في اشتباكات محدودة ومتقطعة بين الفريقين المتفقين على عداوة جماعة الإخوان.

وتبادل مؤيدو الجيش ومعارضوه رشق الحجارة في محيط المتحف المصري المشرف على ميدان التحرير من جهة الشمال. وتدخلت قوى الأمن للحيلولة دون تفاقم الوضع مستخدمة بحذر بالغ قنابل الغاز المسيل للدموع. واندفع ضباط وجنود من الجيش للفصل بين الفريقين في مسعى لتهدئة الأوضاع.

وغير بعيد عن المشهد المتوتر في ميدان التحرير، تعالت الهتافات في شارع محمد محمود على التخوم الجنوبية للميدان، وقد علق النشطاء لافتة بعرض الشارع كتب عليها «يسقط كل من خان.. عسكر، فلول، إخوان»، وامتزج في الشارع الذي بات يعرف بـ«عيون الحرية» الأهازيج بالهتافات، المطالبة باستمرار الثورة، على خلفية جدران غطتها رسومات الغرافيتي، أحد الملامح المميزة للثورة المصرية.

وشددت وزارة الداخلية في تعميم لها أمس على ضرورة «ضبط النفس» في التعامل مع المظاهرات التي شهدها الميدان، في ظل حساسية القوى الثورية من الشرطة، التي تعد بحسبهم مسؤولة عن قتلى محمد محمود.

وخرجت مسيرة لقوى ثورية من أمام منزل الناشط السياسي جابر صلاح الشهير بـ«جيكا»، الذي قتل خلال إحياء الذكرى الأولى لـ«محمد محمود»، فيما عرف بأحداث محمد محمود الثانية التي جرت خلال حكم الرئيس السابق محمد مرسي، الذي عزل في يوليو (تموز) الماضي.

ويقول أصحاب دعوة إحياء ذكرى شارع محمد محمود إن دماء «الشهداء» الذين سقطوا في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 كانت السبب في تعجيل انتقال السلطة من المجلس العسكري الذي أدار البلاد عقب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011 إلى أول رئيس مدني منتخب في منتصف 2012.

لكن مخاوف من استغلال جماعة الإخوان لذكرى قتلى محمد محمود، أثارت جدلا بشأن الإصرار على إقامة الفعالية. وقررت حملة تمرد التي قادت مظاهرات 30 يونيو التي انتهت بعزل مرسي، إلغاء مشاركتها في الاحتفالية.

وقال أحمد طاهر، أحد المشاركين، تعليقا على تراجع حملة تمرد: «أعتقد أنهم اتخذوا قرار التراجع عن المشاركة خشية البقاء في ظل الهتافات المناوئة للجيش، هذا القرار يخصم من رصيدهم بين شباب القوى الثورية، وربما ينتهون كما انتهت قوى هامشية من قبل».

وكثف طلاب جماعة الإخوان من فعالياتهم الاحتجاجية داخل الجامعات أمس. وفي جامعة الأزهر تظاهر المئات للتنديد بما وصفوه بـ«حكم العسكر» و«الانقلاب العسكري»، كما نددوا أيضا بالأحكام الصادرة ضد زملائهم بالسحن 17 عاما في قضية أدين فيها 12 طالبا بإثارة الشغب والاعتداء على المنشآت داخل حرم الجامعة.

وأحجمت جماعة الإخوان عن المشاركة في فعاليات إحياء ذكرى محمد محمود في الميدان لاستشعارها الحرج على ما يبدو؛ إذ إن تصريحات قادتها مثلت في رأي القوى الثورية غطاء لـ«مقتل» النشطاء حينها.

وأغلقت قوات من الجيش والشرطة الطرق في محيط جامعة الأزهر، وحالت دون توجه مسيراتهم باتجاه ميدان رابعة العدوية الذي شهد فض اعتصام أنصار مرسي في أغسطس (آب) الماضي، وفجر موجة من أعمال العنف سقط خلالها المئات.

وفي جامعة القاهرة تظاهر أيضا أنصار الإخوان، وحدثت مناوشات بين مسيرة لهم وأخرى مؤيدة للجيش. وكثفت قوات الأمن من وجودها في ميدان «النهضة» المشرف على حرم الجامعة، الذي شهد أيضا فض اعتصام لأنصار مرسي بالتزامن مع فض اعتصام رابعة العدوية.

وندد المشاركون في مسيرات طلاب الإخوان في جامعة القاهرة أمس بإحالة 21 ناشطة إخوانية لمحكمة جنح سيدي بشر بالإسكندرية في اتهامات بالتحريض على العنف وتعطيل حركة المرور.

وكانت السلطات الأمنية قد أوقفت الناشطات الإخوانيات مطلع الشهر الجاري في إجراء غير معتاد من السلطات الأمنية المصرية، ما أثار غضب القوى الإسلامية.

وتظاهر طلاب من جماعة الإخوان في جامعة عين شمس، وحاولوا التوجه بمسيرة إلى محيط وزارة الدفاع القريبة من حرم الجامعة لكن التشديدات الأمنية المفروضة في محيط الجامعة وحول وزارة الدفاع منعتهم من التقدم.

وفي غضون ذلك، تظاهر المئات من أنصار جماعة الإخوان في محيط قصر القبة (شرق القاهرة)، وهو أحد قصور الرئاسة في البلاد. وحمل المتظاهرون رايات حملت شعار رابعة العدوية (كف سوداء طويت إبهامها على خلفية صفراء)، ورددوا هتافات مناوئة للجيش، وأطلقوا الألعاب النارية.

وتضيق قوات الأمن على مظاهرات جماعة الإخوان منذ عزل مرسي، لكنها تركت مساحة أكبر من الحرية أمام القوى المشاركة في إحياء ذكرى قتلى محمد محمود، لتجنب استفزاز القوى الداعمة للحكومة الحالية.