الهواجس الأمنية تقود التحركات الجزائرية على الساحة السياسية التونسية

بوتفليقة التقى الغنوشي والسبسي مرتين خلال شهرين

TT

أثار اللقاءان اللذان جمعا من جديد يومي الجمعة والأحد الماضيين الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بكل من راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة الإسلامية القائدة للائتلاف الحاكم في تونس، والباجي قائد السبسي رئيس «حركة نداء تونس» أبرز الأحزاب المعارضة التونسية، نقاط استفهام كثيرة في الأوساط السياسية التونسية.

وكان بوتفليقة قد استقبل يوم 10 سبتمبر (أيلول) الماضي زعيم حركة النهضة، والتقى بعد يوم فقط أي يوم 11 سبتمبر زعيم حركة نداء تونس. وبدا لافتا أن الرئيس الجزائري كلما التقى أحد الرجلين التقى الثاني بعد يوم أو يومين على أقصى تقدير.

ورغم أنه لا يخفى على أحد في أوساط الطبقة السياسية التونسية، أن الجزائر تتابع باهتمام شديد كل ما يجري في تونس، سواء في ما يتعلق بتطورات الأوضاع الأمنية، وخصوصا على الحدود بين البلدين، أو الأزمة السياسية التي تعيشها تونس منذ يوليو (تموز) الماضي، فقد أثار تكرر هذه اللقاءات بين الرئيس الجزائري والقياديين التونسيين الانتباه، وخاصة أن الرجلين لا يتقلدان أي مسؤوليات حكومية أو رسمية.

ويرى خالد قزمير، أستاذ العلوم السياسية والقانون العام في الجامعة التونسية، أن «المسألة الأمنية هي التي تطغى على اهتمامات الجزائر في علاقتها بتونس»، مبينا في تصريح خص به «الشرق الأوسط»، أن «هناك قناعة لدى الجزائريين اليوم أن تونس تحولت إلى قاعدة متقدمة للجماعات الإسلامية الإرهابية، التي أصبحت تتحرك بسهولة نسبية على الأراضي التونسية، وتهدد أمن الجزائر التي تسعى بكل الطرق إلى تأمين حدودها التي تمتد على 1200 كلم مع تونس»، مبرزا أن الجزائر «تعتقد أن تجاوز تونس للأزمة السياسية الراهنة التي تعيشها سيمكن البلاد من التحكم في الأوضاع الأمنية بشكل أفضل».

ويضيف قزمير لـ«الشرق الأوسط»، أن القادة السياسيين في الجزائر يعتقدون أن «الحل السياسي في تونس يمر عبر التعايش بين كل من حركة النهضة وحركة نداء تونس اللذين يمثلان القطبين السياسيين الأبرز في الساحة السياسية التونسية»، معتبرا أن لقاءات بوتفليقة زعيمي الحركتين تندرج في إطار سعي الجزائر إلى الدفع نحو إيجاد حالة من التعايش بينهما، وتجنب أي تصعيد، مبينا أن «كل تصادم على الساحة السياسية التونسية لا يخدم تونس ولا المنطقة بأسرها».

وأكد قزمير من جهة أخرى أنه لا يرى في لقاءات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة كلا من راشد الغنوشي والباجي قائد السبسي «أي تدخل في الشؤون الداخلية لتونس، بل هو عمل واقعي وبراغماتي»، مضيفا أن بوتفليقة «كان على مر التاريخ صديقا لتونس ولا يزال، وكانت له منذ استقلال تونس علاقات مميزة مع كل النخب التونسية السياسية والنقابية من كل الاتجاهات»، وأنه «الرئيس العربي الوحيد الذي حضر جنازة الزعيم بورقيبة». وشدد قزمير على أنه «ليس للجزائر أي نيات هيمنة على تونس»، مبينا أن «همها الوحيد هو ضمان أمن أرضيها من التهديدات الإرهابية ومن عمليات تهريب الأسلحة، خاصة في ظل الأوضاع التي تعيشها ليبيا التي تربطها حدود مع الجزائر أيضا».

وتجدر الإشارة من جهة أخرى إلى أن تونس والجزائر أعلنتا أكثر من مرة أن التنسيق بينهما تكثف في الفترة الأخيرة، خاصة في المجال الأمني، كما جرى تبادل للزيارات بين المسؤولين الحكوميين في البلدين، وخصوصا في مجالي الأمن والشؤون الخارجية، كما أن سفير الجزائر ما فتئ منذ اندلاع الأزمة السياسية في البلاد يجري لقاءات مع مختلف القوى السياسية التونسية ومع قيادات نقابة العمال واتحاد الأعراف باعتبارهما الطرف الراعي للحوار في تونس، وأكد أكثر من مرة عقب هذه اللقاءات، أن الجزائر تسعى إلى المساعدة على إيجاد حل للأزمة السياسية التي تعيشها تونس بما يخدم استقرارها واستقرار المنطقة بشكل عام.