أمير الكويت يفتتح القمة العربية ـ الأفريقية.. ويدعو لإنقاذ ما تبقى من سوريا

إعلان الكويت يركز على تعزيز آليات الشراكة * رئيس وزراء إثيوبيا طالب بخطة دولية لحل قضية المهاجرين الأفارقة إلى أوروبا

أمير الكويت ورئيس الاتحاد الأفريقي ووزير الخارجية الكويتي وأمين الجامعة العربية ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي على منصة الرئاسة (رويترز)
TT

افتتح أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح القمة العربية الأفريقية الثالثة التي تستضيفها بلاده بمشاركة أكثر من 71 دولة ومنظمة عربية وإقليمية ودولية وتختتم أعمالها اليوم، بدعوة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بالتحرك لإنقاذ ما تبقى من سوريا، بينما أعلن عن تقديم قروض ميسرة لدول أفريقيا بمبلغ مليار دولار، إلى جانب استثمارات بمليار آخر، بالتعاون والتنسيق مع البنك الدولي والمؤسسات الدولية الأخرى. وأطلق جائزة سنوية للأبحاث التنموية في أفريقيا بقيمة مليون دولار باسم الدكتور الراحل عبد الرحمن السميط الذي قضى 29 عاما من حياته متنقلا بين غابات أفريقيا لنشر الإسلام وتقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين، وبناء المدارس وإعمار القرى.

وقال أمير الكويت في كلمته خلال افتتاح القمة إن القروض الميسرة سيقدمها الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية بالتعاون مع البنك الدولي والمؤسسات الدولية لاستثمار، خلال السنوات الخمس القادمة. وقال الشيخ صباح في كلمته الافتتاحية: «تنعقد أعمال قمتنا العربية الأفريقية الثالثة في ظل استمرار ظروف سياسية دقيقة واقتصادية غير مستقرة تستوجب مواصلة العمل وتكثيف الجهود لمواجهتها وتجنيب دولنا واقتصاداتنا تبعاتها»، مشيرا إلى أن اختيار شعار «شركاء في التنمية والاستثمار» لهذه القمة يعكس الإدراك لأهمية التعاون الاقتصادي الذي يشكل قاعدة للمصالح المشتركة.

ومن المتوقع أن يركز إعلان قمة الكويت العربية الأفريقية 2013 على تعزيز آليات الشراكة الثنائية، والتعاون في مجالات التجارة والاستثمار والنقل والاتصالات والطاقة، وتشكيل آلية تنسيق بين المؤسسات والصناديق المالية في المنطقتين لتمويل المشروعات المشتركة، إضافة إلى متابعة ملف الهجرة من خلال إنشاء مركز عربي أفريقي لتبادل المعلومات للحد من تسلل المهاجرين غير الشرعيين. وشكر المشاركون في القمة الكويت أميرا وحكومة وشعبا لاستضافة القمة وفعالياتها المصاحبة وتوفير كل التسهيلات اللازمة لإنجاحها. وتحدث في جلسة الافتتاح أيضا رئيس المؤتمر الوطني الليبي نوري بوسهمين بصفة بلاده رئيسا للقمة السابقة ثم رئيس الجابون علي بونجو أودينبا الرئيس المشارك لليبيا في القمة السابقة. كما خاطب الجلسة أيضا رئيس وزراء إثيوبيا الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي والمشارك برئاسة القمة الثالثة، هايلي ماريام دسالين، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي والأمين العام لجامعة الدول العربية والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي ونائب الأمين العام للأمم المتحدة. كما تحدث نائب رئيس البنك الدولي ورئيس البرلمان العربي والمبعوث الخاص للرئيس الصيني ومبعوث رئيس إيران التي تترأس حركة عدم الانحياز حاليا إلى جانب كلمة ممثل رئيس وزراء بريطانيا والأمين العام المساعد لمنظمة التعاون الإسلامي.

واعتبر الشيخ صباح الأحمد انعقاد القمة في موعدها دليل عزم على الارتقاء بالتعاون المشترك للتصدي للتحديات التي يواجهها جميعا.. «وتجاوز العقبات التي تحول دون وصولنا إلى ما نتطلع إليه من آمال مشروع في التنمية والبناء». وطالب بضرورة رسم خطوط للعمل في المستقبل «قائمة على مفهوم الشراكة الحقيقية»، موضحا أنه «لم يعد مقبولا ولا يجسد الشراكة المنشودة أن تقدم دولنا الدعم من جانب واحد ولا يكون هناك تفاعل وعطاء من الجانب الآخر، فلا بد من التكامل لنجسد الشراكة الحقة».

وأضاف أمير الكويت بأن «القضايا السياسية في عالمينا العربي والأفريقي كثيرة ومتشعبة ومسألة بحثها ومحاولة الوصول إلى قرارات بشأنها في هذا المؤتمر سيخل بقدرتنا على التركيز»، مشيرا إلى أهمية العمل المشترك لمعالجة الخلافات العالقة، والتصدي للقضايا السياسية.

وحول الأوضاع المأساوية في سوريا، ذكر الشيخ صباح الأحمد أن «تلك الكارثة حصدت ما يزيد عن 100.000 قتيل من السوريين وملايين اللاجئين والنازحين في الداخل والخارج مما يشكل عبئا كبيرا على الدول التي يفد إليها اللاجئون».

وأشار إلى أن بلاده استجابت لنداء الأمين العام للأمم المتحدة، لعقد المؤتمر الثاني للمانحين في بداية العام المقبل بعد النجاح الباهر الذي حققه الاجتماع الأول للمانحين والذي استضافته الكويت في يناير (كانون الثاني) 2013 واستطاع الحصول على تعهدات بمبلغ مليار وستمائة ألف دولار».

وطالب الشيخ صباح الأمم المتحدة ومجلس الأمن بـ«التحرك لوقف الاقتتال لحقن دماء الأشقاء والحفاظ على ما تبقى من وطنهم»، مشيرا إلى أهمية عقد مؤتمر جنيف الذي عده فرصة تاريخية، لإرساء السلام في سوريا.

من جانبه أكد رئيس المؤتمر الوطني الليبي نوري بوسهمين أن ليبيا الجديدة وهي تسلم رئاسة القمة الثالثة إلى الكويت تأمل تحقيق ما تصبو إليه الشعوب العربية والأفريقية، داعيا إلى أن تكون قرارات القمة بمستوى الطموح، معربا عن ثقته في حنكة أمير الكويت ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال رئاستهما القمة في إنجاح التعاون العربي الأفريقي.

أما رئيس الغابون علي بونجو أودينبا فاعتبر بصفته الرئيس المشارك للقمة العربية الأفريقية الثانية أن قمة الكويت تنعقد ضمن سياق تحولات وظروف دقيقة وتغيرات اجتماعية وسياسية في المنطقتين العربية الأفريقية، ما يلزم الجميع بذل مزيد من الجهود لعودة الاستقرار والأمان لأنهما ضروريان للتنمية الاقتصادية لأن المنطقتين العربية والأفريقية معرضتان لصراعات المسلحة والإرهاب الدولي والإجرام العابر للحدود المنظم والقرصنة.

أما رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ماريام دسالين فشدد بصفته الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي والرئيس المشارك للقمة العربية الأفريقية الثالثة على أن قمة الكويت ستمنح المنطقتين فرصا حقيقية لبناء شراكة استراتيجية، انطلاقا مما حققه الجانبان الأفريقي والعربي منذ القمة الأولى بالقاهرة عام 1977 من خطوات مهمة لإرساء تعاون بناء بإمكانه القيام بثورة خضراء من خلال الاستثمار في عدة مجالات، أهمها الطاقات المتجددة والبنى التحتية والتكنولوجية والمعرفة والسياحة.

وأشار ماريام إلى أن قضية الهجرة والعمال المهاجرين هي مسؤولية مشتركة مع الدول العربية، داعيا إلى ضرورة مواجهتها كمسألة جدية وبصفة عاجلة لتعزيز الشراكة وإيجاد الحلول لها بصفة شاملة ودائمة. وقال: «يجب أن تكون لدينا رسالة واحدة للعالم بأن قضية الهجرة والعمال المهاجرين لا يجب أن تبقى على حالها، ولا بد من وضع الآليات الضرورية لمعالجتها، من بينها إنشاء لجنة عربية أفريقية للتنسيق في هذا الشأن».

من جانبه، شكر الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد على تقديم بلاده قروضا ميسرة بقيمة مليار دولار لأفريقيا، معتبرا هذه البادرة تجسيدا حقيقيا لشعار القمة العربية الأفريقية الثالثة «شركاء في التنمية والاستثمار». وأشاد كذلك بجهود دولة الكويت قيادة وحكومة وشعبا على احتضان القمة وتوفير كل السبل لإنجاحها بالتعاون مع مفوضية الاتحاد الأفريقي.

وقال أمين عام مجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني في كلمته إن القمة العربية الأفريقية الثالثة تعطي العلاقة بين المنطقتين بعدا جديدا وانطلاقة واعدة نحو مستقبل أكثر أملا وإشراقا، فما يجمع بينهما من صلات ثقافية واجتماعية وقرب جغرافي يمثل أساسا صلبا لقيام شراكة قوية وتعاون بناء يعود بالنفع والخير على شعوبنا، مشيرا إلى دعم مجلس التعاون الخليجي لهذا اللقاء وكل الجهود المخلصة التي تسعى إلى توثيق وتعزيز التعاون والعلاقات المشتركة بين الدول العربية والأفريقية.