تصريحات متشددة لخامنئي تسبق مفاوضات جنيف وتشعل حربا كلامية مع فرنسا

كاميرون يجري اتصالا بروحاني.. وهيغ ولافروف متفائلان بوجود فرصة لاتفاق > نتنياهو في موسكو لمنع أي اتفاق نووي مع إيران

المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي أثناء إلقائه كلمة على قوات الباسيج الإيرانية في طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

رغم تصريحات دبلوماسية صدرت من عواصم مختلفة تشير إلى أن الخلافات بين إيران والمجموعة الدولية تتقلص، فإن الأجواء الفعلية بمدينة جنيف، حيث انطلقت أمس جولة جديدة من التفاوض بين إيران ومجموعة «5+1»، بدت غير واضحة بشأن ما إذا كان يمكن التوصل إلى اتفاق. وبدأت الجلسات ظهرا حول مائدة غداء، جمعت وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، وكاثرين أشتون مفوضة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي رئيسة الوفد الدولي، فقط دون بقية أعضاء الوفدين. ومن ثم وبعد السادسة، التقت الأطراف كافة، في جلسة لم يعلن عما دار فيها.

من جانبه، كان الوفد الأميركي قد وصل إلى جنيف في ساعة متأخرة بالأمس، بينما قضى ظريف الصباح مع وفده ثم استقبل قبل الغداء الوفد الصيني. والتزمت الوفود كافة عقد لقاءاتها بمقر سكنهم في فندق مشترك بجنيف أمس، ولم تعقد أي جلسة بمبنى الأمم المتحدة، كما هو الحال سابقا.

من جانب آخر، اشتعلت حرب كلامية بين إيران وفرنسا وإيران بسبب تصريحات لمرشد الثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي استبق فيها الاجتماعات، قال فيها إن المباحثات بين إيران والوفد الدولي (5 + 1)، الذي يتكون من الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن إلى جانب ألمانيا، تتمحور حول القضايا النووية لا غير.

ورفض خامنئي أي تراجع في «الحقوق النووية» لإيران و«الخطوط الحمراء» التي أملاها بالنسبة للمفاوضات مع الدول الكبرى. وقال في خطاب متلفز ألقاه أمام خمسين ألفا من عناصر الميليشيا الإسلامية: «أشدد على ترسيخ حقوق إيران النووية».

وأضاف خامنئي، صاحب القرار في القضايا الاستراتيجية في البلاد بما فيها الملف النووي: «أنا لا أتدخل في تفاصيل المفاوضات، لكن هناك خطوطا حمراء، يجب على المسؤولين احترامها دون التخوف من ردود الأعداء، وقد قلتها للمسؤولين».

وهاجم آية الله خامنئي مجددا إسرائيل، قائلا إنها «كلب مسعور في المنطقة»، و«مصيرها الزوال».

وقال إن «الأعداء، وخصوصا من خلال الفم القذر والشرير للكلب المسعور في المنطقة، النظام الصهيوني، يقولون إن إيران تشكل خطرا على العالم. هذا غير صحيح ومخالف تماما لتعاليم الإسلام».

وتابع أن «أسس النظام الصهيوني ضعفت كثيرا وأن مصيره الزوال». من جانبها، رفضت ناطقة باسم الحكومة الفرنسية تصريحات القائد الإيراني، مؤكدة أنها غير مقبولة وأنها تعقد المفاوضات.

وزادت تصريحات المرشد خامنئي من الإحساس بالتشاؤم حول نتائج المباحثات النووية. بدوره، كان وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، قد استبق جلسة التفاوض أمس بإنزال شريط فيديو على صفحته بـ«تويتر» عنونه بـ«رسالة من إيران»، مطالبا بـ«احترام حقوق إيران واحترام إرادتها الحرة»، ومؤكدا أن الطاقة النووية تتعلق بمستقبل أطفال إيران وأنها قفزة لتنويع اقتصادها، نافيا أن تكون وسيلة للانضمام إلى ناد معين أو لتهديد الآخرين.

وبينما عزت مصادر إيرانية، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، بطء سير المحادثات إلى خلافات بسبب ما وصفته بتضارب مصالح بين أعضاء الوفد الدولي - عزا الخبير الإيراني الدكتور حسن عابديني التشاؤم إلى الإخلال الذي تسببت فيه فرنسا المرة السابقة، بسبب ما وصفه بتنسيق مسبق بين باريس وتل أبيب بهدف إفشال التفاوض.

وتعقد جولة المفاوضات الحالية على مستوى الخبراء والمديرين، ويفترض - كما أعلن - أن تنتهي غدا الجمعة. وفي تطور أعطى انطباعا بالتفاؤل، أجرى رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد کاميرون، اتصالا نادرا بالرئيس الإيراني حسن روحاني لبحث آخر التطورات المرتبطة بالمفاوضات النووية. وبحث كاميرون وروحاني تحسن العلاقات بين بريطانيا وإيران مع تعيين قائمين بالأعمال غير مقيمين الأسبوع الماضي، وهي خطوة أولى في عملية تطبيع بدأت بعد انتخاب روحاني. وأكد بيان رئاسة الوزراء البريطانية أن الجانبين «قررا مواصلة جهودهما لتحسين العلاقات في شكل تدريجي ومتبادل». وأضاف: «بالنسبة إلى البرنامج النووي الإيراني، توافق الجانبان على أن تقدما ملحوظا أحرز في المفاوضات الأخيرة في جنيف، ومن المهم انتهاز الفرصة التي تمثلها جولة المفاوضات التي تبدأ الأربعاء (أمس)».

وفي شأن النزاع السوري، توافق كاميرون وروحاني «على ضرورة (إيجاد) حل سياسي لوضع حد للمجزرة»، وفق البيان.

في الوقت ذاته، عد وزير الخارجية البريطاني، ويليام هيغ، في إسطنبول، أمس، مفاوضات جنيف مع إيران تشكل «فرصة تاريخية». وقال هيغ أمام الصحافيين خلال زيارة لإسطنبول، إنه لا يزال من المبكر جدا تحديد المنحى الذي ستسلكه الجولة الجديدة من التفاوض، لكنه شدد خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي أحمد داود أوغلو على أن «ثمة اتفاقا مطروحا يصب في مصلحة كل الدول بما فيها دول الشرق الأوسط».

وأضاف الوزير البريطاني أن «التباينات التي لا تزال موجودة بين الأطراف محدودة، وأعتقد أنه يمكن تجاوزها بإرادة سياسية»، متحدثا عن «فرصة تاريخية لإبرام اتفاق يسمح بالحد من الانتشار النووي في المنطقة وإقامة علاقات مع إيران على أسس أخرى».

ورفض هيغ التعليق على مواقف المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، الذي عد إسرائيل «آيلة إلى الزوال»، مؤكدا أن «جوهر هذه المفاوضات هو الذي يهم». وقال هيغ: «إنها أفضل فرصة منذ زمن لإحراز تقدم في إحدى كبرى المشكلات في السياسة الخارجية».

وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أمس، إن بلاده تأمل أن تسفر المحادثات بين إيران والقوى العالمية عن اتفاق مبدئي لتخفيف حدة الخلاف بشأن برنامج طهران النووي.

من جهة أخرى، حث الرئيس الصيني شي جينبينغ، نظيره الإيراني حسن روحاني على انتهاز فرصة تحسين العلاقات مع القوى العالمية.

وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا)، في ساعة متأخرة من الليلة الماضية، أن الرئيس الصيني امتدح نظيره الإيراني للأسلوب البناء الذي تنتهجه حكومته في المحادثات النووية وجهودها لتحسين العلاقات مع المجتمع الدولي.

من جهة أخرى , وصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى موسكو أمس وباشر محادثاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في إطار الحملة الواسعة التي يجريها لمنع التوقيع على أي اتفاق مع إيران حول ملفها النووي.

ويتزامن لقاء نتنياهو ببوتين مع عقد الجولة الثالثة من المفاوضات بين إيران والقوى العظمى في جنيف في محاولة للتوصل إلى اتفاق انتقالي حول الملف النووي الإيراني.

وقال نتنياهو في تصريح أدلى به في بداية لقائه ببوتين «في كل مرة نلتقي به نفهم بعضنا البعض بشكل أفضل، وتصبح علاقاتنا أكثر حرارة». وتابع: «آمل الاستفادة من هذا اللقاء لتطوير العلاقات الروسية الإسرائيلية التي تتقدم بوتيرة ثابتة».

من جهته قال بوتين بأن هذا اللقاء يشكل «فرصة لمناقشة مشاكل إقليمية ودولية».

وأعلن نائب وزير الخارجية الإسرائيلي زئيف الكين أمس أن بلاده لا تتوقع تغييرا أساسيا في الموقف الروسي. وقال المسؤول الإسرائيلي في تصريح للإذاعة الإسرائيلية العامة قبل أن يطير إلى موسكو مع نتنياهو «إن روسيا ليست على وشك اعتماد الموقف الإسرائيلي. إلا أن أي تغيير ولو كان طفيفا يمكن أن يؤثر على مجمل العملية».

وقال مسؤول إسرائيلي كبير لوكالة الصحافة الفرنسية أمس: «نرغب في أن يكون لدى الروس فهم أفضل لمخاوفنا ولضرورة منع إيران» من التزود بالسلاح النووي.

وتركز وسائل الإعلام الإسرائيلية هذه الأيام على تراجع الدور الأميركي خصوصا بعد رفض الولايات المتحدة القيام بعمل عسكري ضد سوريا أو إيران.