هيغ يتمسك بإعلان «لندن 11» الرافض لأي دور للأسد في المرحلة الانتقالية

هيئة التنسيق تتهم النظام بنسف «جنيف2» بعد اعتقاله أحد قيادييها

أطفال سوريون لاجئون يصرخون «لا للعنف» خلال فعالية نظمتها «اليونيسيف» في مخيم الزعتري بمدينة المفرق الأردنية، أمس (رويترز)
TT

عقد وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ في إسطنبول أمس محادثات مع قيادات من الائتلاف الوطني السوري المعارض والجيش السوري الحر حول تطورات الوضع السوري الميداني والسياسي، خصوصا عقد مؤتمر «جنيف2» للسلام الخاص بسوريا. وحسب المنسق الإعلامي والسياسي في الجيش السوري الحر لؤي المقداد فإن الوزير البريطاني أوضح للوفد رؤية حكومته حيال الحل في سوريا وأنها مطابقة لإعلان «لندن11» الذي جزم بعدم وجود دور للرئيس السوري بشار الأسد في المرحلة الانتقالية. وجاء ذلك بينما اتهمت هيئة التنسيق الوطنية في سوريا، التي تمثل جزءا من معارضة الداخل، النظام بنسف «جنيف2» على خلفية اعتقال أمين سرها، رجاء الناصر، وسط دمشق أمس.

وقال مصدر سياسي في الائتلاف إن هيغ عقد في القنصلية البريطانية في مدينة إسطنبول التركية محادثات مع نائب رئيس الائتلاف فاروق طيفور وأمين عام الائتلاف بدر جاموس ورئيس أركان الجيش الحر سليم إدريس ونائب رئيس الحكومة السورية المؤقتة في المنفى إياد قدسي، وعدد من مستشاري الوزير هيغ والسفير البريطاني لدى تركيا، بالإضافة إلى المقداد، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن اللقاء مع وزير الخارجية البريطاني كان «إيجابيا جدا». وأشار إلى أن «وجهات النظر بين الطرفين كانت متطابقة، لا سيما بخصوص مشاركة المعارضة بمؤتمر (جنيف2)».

وكشف المقداد أن «هيغ شدد على ضرورة ذهاب المعارضة إلى المؤتمر لكي لا تبدو وكأنها غير راغبة في الحل». وقال: «تمنى علينا أن نكون منفتحين على الحل وموحدين في رؤيتنا». ولفت إلى «تأكيد وزير الخارجية البريطاني بأن رؤية حكومته حيال الحل في سوريا مطابقة لإعلان (لندن11) الذي جزم بعدم وجود دور لـ(الرئيس السوري) بشار الأسد في المرحلة الانتقالية».

وأشار المقداد إلى أن «وفد المعارضة شكر الحكومة البريطانية عبر وزير خارجيتها وطالبها بمزيد من الدعم العسكري والإنساني»، معربا عن «نيته المشاركة في (جنيف2) ولكن على قاعدة تحقيق مطالب الشعب السوري وتخفيف الحصار عن بعض المناطق».

ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن المصدر السياسي في الائتلاف أن «المحادثات تتركز على مجمل التطورات الميدانية في الداخل السوري في مواجهة قوات بشار الأسد وميليشيات حزب الله (اللبناني) والحرس الثوري الإيراني وكيفية دعم الجيش الحر في مواجهة تلك القوات والميليشيات الخارجية».

وفي غضون ذلك، اتهمت تركيا الأسد باستغلال التأخير في عقد مؤتمر «جنيف2» كي يصعد هجماته على المعارضة. وقالت إن المؤتمر ينبغي أن يعقد على وجه السرعة حتى يكون مجديا.

وقال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو في مؤتمر صحافي في إسطنبول: «النظام يدير مأساة إنسانية مكتملة بتصعيد القصف في الآونة الأخيرة ويترك شعبه يتضور جوعا من خلال حصار»، بحسب وكالة «رويترز». وأضاف: «(جنيف2) يجب أن يعقد وأن يحقق نتائج... وينبغي عدم السماح باستغلال التأخير في تحديد الموعد»، أي في منتصف الشهر المقبل كما أعلن سابقا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.

وقال دواد أوغلو: «نحن في تركيا نؤيد كل المبادرات الدبلوماسية، لكن منذ مايو (أيار) يستمر الحديث عن (جنيف2) وتزيد الآمال ثم ينتهي الأمر بخيبة أمل لعدم تحقيق نتائج إيجابية».

من جهة أخرى، اتهمت هيئة التنسيق الوطنية في سوريا، التي تمثل جزءا من معارضة الداخل، السلطات السورية بنسف مؤتمر «جنيف2» على خلفية اعتقال أمين سرها، رجاء الناصر، قرب مقر الهيئة وسط دمشق، أمس. وأشار قياديون في الهيئة لـ«الشرق الأوسط» إلى «وجود أطراف متطرفة داخل النظام لا تريد الحل السياسي الذي تنادي به (هيئة التنسيق)».

وأفاد المكتب التنفيذي للهيئة في بيان بأن «الناصر اعتقل ظهر أمس خلال مروره سيرا على الأقدام في منطقة البرامكة بدمشق من قبل عناصر أمنية تابعة للنظام السوري». وقال البيان إن «هذا الاعتقال يأتي استمرارا لنهج النظام في اعتقال الكوادر القيادية للهيئة وأحزابها وشخصياتها»، مطالبا بـ«وضع حد لموجات الاعتقال، والإفراج السريع عن أمين سر الهيئة وجميع المعتقلين».

ووضع أمين سر هيئة التنسيق في المهجر، ماجد حبو، اعتقال الناصر في إطار «رسالة واضحة من النظام السوري بأنه لا يريد عقد مؤتمر (جنيف2) بالتصور الذي يسير عليه حاليا». وأشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «وجود عقول متطرفة ومجنونة داخل التركيبة الحاكمة تسعى لفرض الأمر الواقع، متوهمة إمكانية الانتصار العسكري».

ويعد الناصر، وهو قاضٍ سابق وكان ملاحقا من قبل النظام لمدة 17 سنة قضاها في لبنان قبل عودته إلى سوريا أواخر التسعينات، من أبرز قيادات هيئة التنسيق الوطنية. وسبق أن شارك في معظم الاجتماعات التي عقدتها الهيئة مع أطراف دولية وعربية تحضيرا لمؤتمر «جنيف2»، وكان آخرها مع الحكومة الروسية في موسكو.

وسبق لـ«هيئة التنسيق» أن أعلنت عزمها على المشاركة في المؤتمر الدولي لحل النزاع في سوريا من دون وضع شروط مسبقة، في وقت لم يعترض قياديون في «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» على ترحيبهم بمشاركتها في جنيف انطلاقا من قاعدة رحيل الرئيس السوري بشار الأسد.

وأوضح حبو أن «الهيئة ستتواصل مع الجهة الروسية للضغط على النظام لإطلاق سراح الناصر»، مبديا استغرابه من اعتقاله من قبل النظام رغم أنه «من الشخصيات السلمية التي تطالب بالحل السياسي بعيدا عن العنف»، لافتا إلى أن «المنطقة التي اعتقل منها الناصر تعد منطقة أمنية بامتياز، ولا وجود فيها للمعارضة».

ويعد الناصر الشخصية القيادية الثانية التي تعتقل من صفوف هيئة التنسيق الوطنية، إذ اعتقلت القوات النظامية عبد العزيز الخير، مسؤول العلاقات الخارجية في «هيئة التنسيق»، على حاجز قرب مطار دمشق عندما كان عائدا من مشاورات سياسية بخصوص الأزمة السورية مع الحكومة الصينية في بكين في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2012.