الوفد الإيراني في جنيف: بلغنا الجزء الأكثر حساسية في المفاوضات

أشتون عقدت أربعة اجتماعات مع وفد طهران نيابة عن القوى الست الكبرى

عنصران من الشرطة السوسرية يحرسان مبنى الفندق الذي جرت فيه المفاوضات أمس (إ.ب.أ)
TT

قال مصدر دبلوماسي رفيع لـ«الشرق الأوسط» إن الوفد الإيراني اجتمع يوم أمس، أربع مرات، مع كاثرين أشتون، مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي ورئيسة الوفد الدولي الذي يضم القوى الكبرى الست في المفاوضات النووية مع إيران. وجاء ذلك بعد أن أصر الإيرانيون على أن يصلوا أولا لاتفاق حول النقاط موضع الخلاف مع أشتون كمندوبة تتحدث باسم بقية أعضاء وفدها، ومن ثم يلتقون بالوفد السداسي كاملا. وكان نائب رئيس الوفد الإيراني عباس عراقجي قد أكد لوسائل الإعلام الإيرانية أن التفاوض التفصيلي حول المواضيع المطروحة للنقاش، لا سيما أدق النقاط موضع الخلاف أسهل في مجموعة مصغرة.

ووفقا لمصادر «الشرق الأوسط» فإن أشتون حصلت مجددا على تفويض من دول خمسة زائد واحد مجموعتها للتفاوض باسمهم.

وكانت المفاوضات التي وصفت بأنها شاقة جدا تواصلت أمس في جنيف حول الملف النووي الإيراني، في حين استبعد كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي التوصل إلى اتفاق أمس.

وردا على سؤال عن إمكان بلوغ اتفاق، قال عراقجي «حتى الآن كلا»، مضيفا في تصريحات نقلتها وكالة مهر للأنباء إثر جولة مفاوضات عقدت بعد الظهر: «ما دام إمكان التوصل إلى اتفاق غير متوافر، لا أعتقد أن وزراء الخارجية سيأتون» إلى جنيف. واستبعد كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي بعد سلسلة مباحثات في جنيف أن يتم التوصل الخميس إلى اتفاق بين إيران والقوى الكبرى بشأن برنامج طهران النووي.

وأعلن المتحدث باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي أن جلسة المناقشات حول الملف النووي الإيراني صباح أمس في جنيف بين كاثرين أشتون ومحمد جواد ظريف أتاحت تأمين «بداية مفاوضات جوهرية جدا ومفصلة».

وقال مايكل مان: «إنهم يقومون بعمل مفصل جدا»، مشيرا إلى أن المناقشات بين أشتون ووزير الخارجية الإيراني ستستأنف بعد الظهر.

من جهته، قال مجيد تخت روانشي، المسؤول الثالث في الوفد الإيراني، إن «المناقشات كانت جيدة ودخلنا في المضمون والتفاصيل، إلا أن تباينات في المواقف ما زالت قائمة». من جهته، قال عضو في الوفد الإيراني: «بلغنا الجزء الأكثر حساسية من التفاوض، ويجب أن ننتظر الاقتراح النهائي».

وفي إشارة إلى مسألة الحق في تخصيب اليورانيوم الذي تختلف في شأنه إيران والبلدان الغربية، قال هذا الدبلوماسي، إن «مسألة التخصيب خط أحمر. ومفهوم (الحق في التخصيب) يجب أن يدرج في النص. يجب كتابة فقرة حول هذا الموضوع. وكل كلمة تنطوي على أهمية. نسعى إلى الاتفاق على صيغة مقبولة من الطرفين». وأقر هذا المفاوض بأن «كل العقوبات النفطية والمصرفية لا يمكن رفعها دفعة واحدة. إننا نتحدث عن اتفاق من ستة أشهر».

وأوضح أن المشروع الذي يناقش يتضمن ثلاثة أقسام رئيسة، هي «الأهداف المشتركة والمراحل الأولى والاتفاق على الأمد البعيد».

وقال الدبلوماسي الإيراني إن هذه المفاوضات ليست «محصورة بوقت، وإنه لا شيء يمنع المفاوضين من العودة إلى جنيف»، تاركا بذلك الباب مفتوحا لجولة جديدة من المحادثات، إلا أنه قال: «ثمة إمكانية كبيرة للتوصل إلى اتفاق».

وكان وزير الخارجية الإيراني صرح في وقت سابق للتلفزيون الإيراني بقوله: «أجرينا مناقشة مفصلة. الأجواء كانت جيدة، ولكن هناك خلافات حول قضايا مهمة».

وفي واشنطن، أعلن زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ هاري ريد، أن المجلس سيبحث فرض عقوبات جديدة على طهران في ديسمبر (كانون الأول) وذلك بهدف تشديد الضغط على إيران وفي الوقت نفسه أرضاء صقور الكونغرس. ولم تعرف تفاصيل المشروع الذي يجري التفاوض حوله، لكن مايكل مان أورد أن «الجميع يعلمون ماهية الرهانات الأساسية»، متوقفا خصوصا عند قضية تخصيب اليورانيوم، وهو «حق» يطالب به الإيرانيون ويرفضه الغربيون الذين يتهمون طهران بالسعي إلى حيازة سلاح نووي.

وتتصل أبرز نقاط التفاوض بمصير مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة عشرين في المائة والذي قد يتيح لها سريعا بلوغ نسبة تسعين في المائة التي تمهد للحصول على السلاح النووي. وأعرب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس عن أمله في التوصل إلى «اتفاق متين» في جنيف، لكنه كرر أن هذا الاتفاق لن يكون ممكنا إلا «على أساس حازم».

ووفقا لتقارير إيرانية فإن فرنسا تتزعم الجبهة التي تنادي بضرورة الحزم والتشدد ضد إيران مدعومة بموقف أميركي حتى وإن بدت واشنطن أقل حدة عند مقارنتها بباريس في حين تصرح كل من لندن وبرلين بإيجابية المفاوضات وإمكانية الوصول لاتفاق تقبله كل الأطراف، بينما تدعم موسكو طهران، في حين لا تدلي بكين بأي تصريحات وحول موقف بكين الذي يبدو سلبيا أو أقل اهتماما، قالت مصادر «الشرق الأوسط» إن الصين ليس خاسرة أيا كانت النتائج، وإن تجارتها وعلاقاتها الاقتصادية مع إيران لن تنقطع بعقوبات أو من دون عقوبات في براغماتية وواقعية لأقصى درجة باعتبار أن مصلحة بكين هي التي تحتم مواقفها. إلى ذلك، وفي معرض تعليق قاله عراقجي ردا على ما أكدته رئيسة الوفد الأميركي ويندي شيرمان على بأن رفع العقوبات وتخفيف الحظر سيكون محدودا قال عراقجي: «إن كان الرفع محدودا عليهم أن يعلموا بأن الخطوات التي سيتخذها الجانب الإيراني في هذه الحالة ستكون محدودة بدورها».

وكان عراقجي قد كتب بعد لقاء له مع سيرغي ريابكوف رئيس الوفد الروسي في حسابه على «تويتر» للتواصل الاجتماعي»، أي اتفاق لا بد أن يشمل استمرار التخصيب من البداية حتى النهاية وإلا لن يكون مقبولا».

في هذا السياق، قال الدكتور حسني عبيدي، مدير مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي والمتوسط بجنيف، إن فرنسا كانت محقة عندما اعترضت على التوقيع على مسودة كانت تراها غير متضمنة لمطالب المجتمع الدولي، لافتا النظر إلى أن التصريحات الأخيرة لرئيسة الوفد الأميركي ويندي شيرمان تعزز من الموقف الفرنسي مع ملاحظة أن شيرمان أصبحت أكثر حماسا لتقديم «تنويرات» وأن لا تزال متحفظة لا تكشف عن كل التفاصيل إلا أنها تمضي ساعية أساسا لمخاطبة الكونغرس في محاولة لتطمينه بأن المفاوضين ليسوا في عجلة لرفع العقوبات دون ضمانات قوية.