زعيم الجماعة الإسلامية في كردستان لـ «الشرق الأوسط»: الحكومة المقبلة للإعمار والخدمات

بابير يدعو لمحاربة الفساد وإصلاح أخطاء التشكيلات الحكومية السابقة

علي بابير (صورة خاصة بـ«الشرق الأوسط» عدسة: صادق محمد صالح)
TT

أعلن علي بابير، أمير الجماعة الإسلامية في إقليم كردستان العراق، على أن جماعته «تريد المشاركة في حكومة تتبنى عملية الإصلاح ومعالجة الأخطاء السابقة المتراكمة من التشكيلات الحكومية السابقة، بالإضافة إلى بناء حكومة مؤسساتية والابتعاد عن المحسوبية والانتماء الحزبي والتعامل على أساس الحقوق والحريات المكفولة للجميع على أساس المواطنة».

وقال بابير في لقاء خاص مع «الشرق الأوسط» إن الحزب الديمقراطي الكردستاني «بدا جادا في تنفيذ الإصلاحات التي تطالب بها أغلب القوى السياسية في الإقليم، وأنه لمس من بارزاني الرغبة الحقيقية في تشكيل حكومة قوية ذات قاعدة واسعة».

وأوضح أمير الجماعة الإسلامية في إقليم كردستان العراق أنه من الطبيعي أن «يتباحث الفائز الأول في الانتخابات وهو الحزب الديمقراطي الكردستاني مع بقية الأحزاب ليشكل معهم الحكومة، كونه لم يحصل على الأغلبية التي تؤهل لتشكيل الحكومة وحده». كما رفض بابير «إطلاق تسمية حكومة أو معارضة في الوقت الحالي، كون الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال منتهية الولاية، والأحزاب التي كانت في الدورة السابقة في جبهة المعارضة لم تقرر بعد هل هي ستبقى في الجبهة نفسها أم ستشارك في الحكومة».

وحول اللقاء الذي جمعهم بنيجيرفان بارزاني، نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، والمكلف من قبل حزبه بتشكيل الحكومة، قال بابير «استمعنا بدقة للتوجهات والرؤى التي عرضها الحزب الديمقراطي الكردستاني، حيث أكد على أن هذه التشكيلة ستختلف عن سابقاتها وستشهد تغييرات جذرية وستكون جدية في القضاء على الفساد والالتزام بالقانون وتشكيل حكومة ذات طابع مؤسساتي، بالإضافة لتفعيل البرلمان والشفافية في ما يتعلق بالميزانية. نحن رحبنا بهذه الرؤى، وأكدنا على أن هناك مبادئ يجب أن تراعى في هذه الحكومة، ونحن لا نفرضها على أحد كما لم يفرضوها هم».

وبين علي بابير أن جماعته أكدت لبارزاني أن شروطها للمشاركة في الحكومة هي «المشاركة الفعالة لكل القوى السياسية في الإقليم في كل مستويات الحكومة، والالتزام بالقانون دون تفرقة بين المواطنين على أي أساس كان وبالأخص الأساس الحزبي».

وأكد في الوقت ذاته على أن تكون التشكيلة الحكومية القادمة «حكومة إعمار وخدمات»، وشدد أيضا على أن تكون علاقات حكومة الإقليم السياسية «مجسدة لإرادة شعب كردستان وقواه السياسية، لا أن تكون مجسدة لإرادة حزب واحد»، حيث لم يخف بابير أن النقيض من كلامه يظهر في الزيارات التي يقوم بها رئيس إقليم كردستان والتي لا تعبر إلا عن إرادة ضيقة لحزب واحد إن لم يكن أضيق من ذلك.

كما أعلن أن جماعته «شكلت وفدا تفاوضيا بهذا الشأن سيعمل على دراسة الرؤى المقدمة من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني، وستقرر الجماعة بعد ذلك مشاركتها من عدمها في التشكيلة الحكومية، حيث لم تخض حتى الآن في أي تفاصيل، وسيكون قرار الجماعة عن قناعة بالبرنامج الحكومي المقدم من قبل بارزاني». لكنه رفض أيضا «مشاركة جماعته في حكومة تقف مكتوفة الأيدي أمام المشاكل التي يمكن أن تواجه الإقليم ولا تستطيع اتخاذ القرار للخروج من الأزمات».

بابير كشف عن أنه التقى بنيجيرفان بارزاني في لقاء ثنائي بعيدا عن عيون الصحافة والإعلام، وقد لمس منه حرصه على تشكيل حكومة قوية تمثل إرادة الجميع وتشترك فيها الأطراف السياسية جميعا، حيث اعترف بارزاني بأن نظرته تجاه أحزاب المعارضة قد تغيرت، وأنه أصبح ينظر بإيجابية لها. وقال بابير «أكدت لبارزاني أيضا أن الإقليم بحاجة للهدوء والتفاهم والتعاون، وأملت أيضا سعة الصدر منه في تعاطيه مع توجهات الآخرين، وأن يكون حزبه مرنا في التعامل مع من كانوا في جبهة المعارضة، وطالبناه أيضا بأن نكون شركاء في الحكومة لا مشاركين».

ولم يتفق أمير الجماعة الإسلامية في كردستان العراق مع الطرح الذي يؤكد على «المشاركة في الحكومة بالاعتماد على عامل التاريخ النضالي في تاريخ الحركة التحررية في الإقليم»، مؤكدا على «الاعتماد على نظام النقاط والمشاركة حسب الاستحقاق الانتخابي ونسبة الأصوات التي حصل عليها في الانتخابات». وأضاف «لا أعتقد أن هذا الطرح يتناسب مع ما نصبو إليه اليوم، فالحزب الشيوعي مثلا وهو أقدم الأحزاب في العراق بشكل عام تحصل اليوم على مقعد واحد، لذا فإن اعتمدنا على عامل التاريخ سينال حصة الأسد من مقاعد البرلمان، وهكذا بالنسبة لبقية الأحزاب كالاشتراكي الكردستاني والحركة الإسلامية وغيرها. وحسب عدد المقاعد من الواضح فإننا سننال الحصة الأقل من المشاركة الحكومية لأننا تحصلنا على 6 مقاعد، لذلك أؤكد على الالتزام بمقياس الاستحقاق الانتخابي، ولكن إن كانت هناك وزارات تكفي لجميع من تحصلوا على مقاعد فلا مانع لدينا».

واستبعد أن «يستحدث بارزاني وزارات جديدة من أجل أرضاء الأحزاب الأخرى»، مؤكدا على أن «المشاركة الحقيقية ليست مرهونة بمنصب سيادي أو وزارة سيادية، بل إن البرنامج المشترك هو الأهم». كما لم يخف بابير أن كل الاحتمالات «للاعتراض على العمل الحكومي أو الانسحاب من الحكومة إن لم توف الحكومة بوعودها أمر وارد وغير مستبعد».

أما عن زيارة الوفد الإيراني للإقليم واجتماعه بالقيادات الكردية فبين علي بابير أن قيادة حزبه التقت بالوفد الإيراني حيث أبدوا رغبتهم في تشكيل حكومة ذات مشاركة واسعة في التشكيلة الحكومية القادمة، وحرصهم على استقرار الإقليم بمراعاة المصالح المشتركة بين إيران والإقليم، حسب قوله.