بدء تنفيذ الخطوات الأولى من «اتفاقية اليرموك» لإخلاء المخيم من المسلحين وإعادة النازحين

النظام يخرق الهدوء النسبي بقصف شارع تجمع فيه الأهالي لإزالة السواتر

أحد عناصر الجيش السوري الحر داخل أحد المنازل المهجورة في حلب أمس (رويترز)
TT

لم يحل الهدوء النسبي الذي شهده مخيم اليرموك خلال الأيام الأربعة من بدء تنفيذ «اتفاقية اليرموك»، التي تقضي بتحييد المخيم عن النزاع الدائر في سوريا وسحب المسلحين منه، من دون قصف القوات النظامية أمس المخيم بعدد من القذائف. وسقط إحداها في شارع اليرموك الرئيس، بالقرب من تجمع لعدد من المدنيين أثناء إزالتهم السواتر الترابية، مما أسفر عن سقوط عدد من الجرحى.

وكانت مصادر ميدانية عدة داخل مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، الواقع جنوب العاصمة السورية دمشق، أكدت لـ«الشرق الأوسط»، بدء تطبيق البنود التمهيدية للاتفاقية في المخيم، المحاصر من القوات النظامية ومسلحي «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» برئاسة أحمد جبريل، منذ أكثر من 4 أشهر.

ويأتي بدء تطبيق الاتفاقية بعد مفاوضات أجراها عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، زكريا الأغا، على رأس وفد ترأسه إلى دمشق، في العاشر من الشهر الحالي، والتقى نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد ومسؤول الأجهزة الأمنية السورية اللواء علي مملوك. وتوصلت المفاوضات إلى بلورة اتفاقية تقضي بـ«فتح ممر آمن للسكان لإدخال ما يحتاجه المخيم من مواد غذائية وأدوية بصفة عاجلة»، إضافة إلى «وضع آلية لتنفيذ مبادرة فلسطينية بخصوص إخلاء المخيم من السلاح والمسلحين تمهيدا لعودة النازحين إليه وإعماره».

وأوضح الناطق الإعلامي باسم اتحاد شبكات المخيمات الفلسطينية، أبو محمد المقدسي، الموجود في مخيم اليرموك جنوب دمشق، لـ«الشرق الأوسط»، أن «تطبيق بنود الاتفاقية بدأ منذ أيام، لكن وسط تكتم شديد وبعيدا عن الإعلام بهدف ضمان نجاحها بعيدا عن أي تجاذبات». وقال إن أولى الخطوات بدأت «بإزالة الركام من داخل المخيم، ثم تبعه إصدار قرار من اللجنة الأمنية، المشكلة من شباب وفعاليات المخيم، بإبلاغ المقاتلين وجوب مغادرة المخيم وفق آلية يجري العمل عليها، ثم إزالة كل الشعارات المعادية للنظام عن جدران المخيم، ليجري بعد ذلك إدخال مواد الإغاثة».

وأوضح المقدسي أنه بموجب الاتفاقية، سيجري إبعاد كل من قاتل مع «الجيش الحر» أو مع القوات النظامية (مقاتلي جبريل)، على أن تتسلم قوة أمنية مؤلفة من 500 عنصر ومزودة بأسلحة خفيفة مواقع المقاتلين داخل المخيم. وأكد أن الاتفاقية تقضي بـ«منع القوات النظامية من دخول المخيم تحت أي ذريعة».

وقال مصدر ميداني داخل المخيم لـ«الشرق الأوسط»، إن «اجتماعات وخطوات عدة تجري بعيدا عن الإعلام، بحيث تنصب الجهود حاليا على تسوية أوضاع مقاتلي (الجيش الحر)، لمن يرغب في ذلك، وتنسيق انسحاب الكتائب غير الفلسطينية من اليرموك». وقال إنه «في أحيان كثيرة، تعيق ردود الفعل في الشارع تنفيذ الاتفاقات، الأمر الذي فرض التكتم على آلية العمل وطريقة التواصل مع النظام و(الجيش الحر) والنتائج والخطوات اللاحقة».

وفي هذا السياق، أشار المقدسي إلى أن «العمل ينصب في الوقت الراهن على تحضير الأرضية لتنفيذ الشق الأمني المتعلق بانسحاب المقاتلين، لكن النتائج تحتاج إلى وقت كي تظهر»، معلنا في الوقت ذاته أن «من أولى نتائج بدء تطبيق الاتفاقية الهدوء النسبي الذي يشهده المخيم منذ أيام»، والذي عكره أمس سقوط عدد من القذائف.

وتقضي بنود اتفاقية اليرموك بـ«انسحاب (الجيش الحر) إلى خارج مخيم اليرموك، وإعلانه منطقة هادئة، إضافة إلى منع دخول القوات النظامية ومقاتلي جبريل إلى داخل المخيم، بينما يسمح للمنضمين إلى صفوف القيادة من شبان المخيم بالدخول إليه من دون سلاح. كما تنص على فتح الطريق من وإلى المخيم وإدخال مواد غذائية وطبية عاجلة، فضلا عن الإفراج عن معتقلين فلسطينيين لدى النظام وتسوية أوضاع من يريد من مقاتلي (الجيش الحر)».

ولفت المقدسي إلى أن «الاتفاق موقع وليس شفهيا، وجرى رفعه للقيادة السورية كمحضر عن الاجتماع الثنائي بين عضو قيادة فتح واللواء علي مملوك»، الذي قاد المفاوضات عن الجانب السوري، وهو المسؤول عن تنفيذ الاتفاقية من قبل النظام السوري.

وبموجب الاتفاقية، لا يمكن للنظام، وفق ما قاله المقدسي: «تنفيذ أي مداهمات بحثا عن مطلوبين في المخيم أو الدخول تحت أي ذريعة»، مشيرا إلى أن «الهيئة الأمنية في المخيم أصدرت قرارا قبل يومين دعت فيه جميع الكتائب إلى الانسحاب من المخيم، ولصقت نسخا منه على جدران الشوارع».

وقالت مصادر ميدانية من المخيم، إن «العمل يجري حاليا على إزالة كل الشعارات المكتوبة على الجدران والمناوئة للنظام، بينما بقيت الشعارات التي لا تؤيد الانحياز إلى طرف ضد آخر». وتشرف اللجنة الأمنية داخل المخيم على تطبيق بنود الاتفاقية تباعا، علما بأن العناصر المنضوين تحتها وعددهم 500 لم يشاركوا في القتال، سواء إلى جانب (الجيش الحر) أو النظام».

وأوضح المقدسي أن «هؤلاء العناصر المسلحين بأسلحة خفيفة، سيتسلمون مواقع نحو 400 مقاتل من الكتائب الفلسطينية التي تسيطر حاليا على كل مناطق الاشتباك ومزودة بأسلحة متوسطة، بعضها مضاد للدروع». وأشار إلى أن اللجنة الأمنية «تضم عناصر من منظمة التحرير و(الجهاد الإسلامي) وتخلو من عناصر (القيادة الشعبية) وحماس التي يتهمها النظام بالمشاركة في القتال ضده، رغم أن مشاركة بعض عناصرها لم تجر بشكل منظم أو نتيجة قرار سياسي».

وكانت مصادر قيادية في حركة فتح أبلغت «الشرق الأوسط»، في وقت سابق، أن الوفد الذي التقى المقداد والمملوك حصل على ضمانات صريحة وواضحة لناحية عدم الإخلال بالاتفاق أو التعرض لمن سيسلمون سلاحهم، على أن تجري تسوية أوضاعهم بموجب العفو الرئاسي.