عرسال تغص باللاجئين السوريين والحكومة تبحث عن بدائل لإيوائهم

تدفقهم فاق قدرة البلدة الاستيعابية

TT

تغص بلدة عرسال (شرق لبنان) الحدودية مع سوريا، باللاجئين السوريين الذين ارتفع عددهم بشكل قياسي، خلال الأيام الأخيرة، مما ضاعف الحاجة لإغاثتهم، وحمل الحكومة اللبنانية أعباء إضافية. وتشير آخر تقديرات وزارة الشؤون الاجتماعية في لبنان إلى أن أعداد العائلات المسجلة في عرسال تخطت 2150 عائلة، وسط ترجيحات بحصول حركة نزوح كثيفة نظرا للمعلومات الواردة عن التطورات الميدانية في الداخل السوري وبدء حركة نزوح مماثلة من قرية السحل في جبال القلمون، وصلت أولى طلائعها إلى عرسال أمس. في وقت أعلنت فيه المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن أكثر من 2000 عائلة سورية وصلت من بلدة قارة السورية خلال الأيام الثلاثة الماضية، بالتزامن مع العمليات العسكرية الدائرة فيها.

وتفاقمت الأزمة الإنسانية للعائلات السورية اللاجئة إلى عرسال، مع النزوح المفاجئ بأرقام كبيرة، مما تسبب في عجز على مستوى توفير المأوى لهم وإغاثتهم. وأوضحت المتحدثة باسم مفوضية اللاجئين دانا سليمان لـ«الشرق الأوسط» أن عرسال «وقعت تحت الضغط بفعل لجوء نحو 2000 عائلة إليها في وقت قياسي، أضيفوا إلى 20 ألف نازح كانوا مسجلين في البلدة»، مشيرة إلى أن «عدد اللاجئين الذين تدفقوا إلى عرسال فاق القدرة الاستيعابية في البلدة، مما دفعنا للبحث عن بدائل».

وأشارت سليمان إلى أن «البدائل تمثلت في البحث عن مواقع خارج عرسال لإيواء اللاجئين، بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية، لأن المخيم الذي استُحدث غير كاف»، لافتة إلى البدء قبل يومين «في إقامة 50 خيمة جديدة لإيواء اللاجئين، وعلى الرغم من أن هذه الخطوة إيجابية، فإنها غير كافية لاستيعاب الأعداد المتدفقة».

وكشفت سليمان أن «المفوضية الدولية، بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية، حددت عددا من قطع الأرض في لبنان، تصلح لأن تشيد عليها مراكز استقبال مؤقتة للاجئين»، لافتة إلى «أننا نتابع مع الوزارة في هذا الشأن لبحث إمكانية الحصول على موافقة من الحكومة اللبنانية لاستحداث المراكز».

ويفوق عدد السوريين في عرسال، في هذا الوقت، سكانها اللبنانيين، حيث يستضيف كل منزل من منازل البلدة عائلة سورية أو أكثر، كما نبتت في أماكن متفرقة من أرضها عشرات المخيمات الصغيرة التي تضم آلاف اللاجئين، وتحولت مساجد إلى مراكز إيواء، وهناك صالات في بيوت كبيرة، استوعبت عشرات اللاجئين.

وبدأ عدد اللاجئين في الازدياد، مع بدء معركة قارة في سفح جبال القلمون السورية، الموازية لعرسال اللبنانية، وسط توقعات بازدياد أعداد اللاجئين من سوريا، مع اشتداد العمليات العسكرية في قرى وبلدات أخرى من السهل الذي بات مركزا لعمليات حربية واسعة النطاق، بفعل هجمة القوات النظامية السورية لاستعادة المنطقة.

وعلى الرغم من أن الأعداد المسجلة تقترب من 30 ألف لاجئ، فإن البلدية تؤكد أن العدد أكبر بكثير، موضحة أن «الآلاف الآخرين من اللاجئين في البلدة لم يسجلوا، وأن العدد لإجمالي للاجئين يفوق عدد سكان عرسال».

ويتفاقم الوضع الإنساني في البلدة، ليصل إلى تضييق الموارد. وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فإن المخيمات المستحدثة، تحتاج إلى كميات من الماء والكهرباء، ومتطلبات الحياة الأساسية. ولا تكفي كمية الكهرباء التي تصل إلى البلدة، وفق الوكالة، حاجات جميع سكانها المتعاظم عددهم، فيما يولد التعليق على الخطوط أعطالا وانقطاعات في التيار.

وعلى الرغم من أن لبنان يئن تحت وطأة الأعداد الضخمة من اللاجئين السوريين، فإن حدوده لا تزال مفتوحة أمامهم. وكانت نائب مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون اللاجئين والسكان والهجرة كالي كليمنث، خلال زيارة قامت بها أول من أمس إلى مراكز طبية دولية مدعومة أميركيا في البقاع (شرق لبنان)، أثنت على «كرم لبنان بإبقاء حدوده مفتوحة أمام اللاجئين السوريين الذين يهربون من العنف في بلدهم»، مشددة على وجوب «استمرر هذا الأمر، لأن هؤلاء أشخاص يهربون لينجوا بحياتهم من حرب تدور منذ سنتين ونيف، وللأسف لا يبدو أنها ستنتهي قريبا».