مقتل أقرب رجل لـ«بلعور» مدبر هجوم عين أميناس في الجزائر

«جليبيب» شاب موريتاني فتح أبواب «القاعدة» أمام صحافة بلاده

TT

قالت مصادر أمنية أمس إن قوات فرنسية خاصة قتلت القيادي في تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي الحسن ولد الخليل، الملقب «جليبيب»، وهو موريتاني الجنسية ويعد الرجل الثاني في «كتيبة الموقعون بالدماء» التي يقودها الجزائري مختار بلمختار الملقب «بلعور» والمشهور باسم «السيد مالبورو»، وهي الكتيبة التي نفذت الهجوم الدموي في عين أميناس بالجزائر في يناير (كانون الثاني) 2013.

وحسب ما نقلته هذه المصادر فإن «جليبيب» قتل خلال عملية عسكرية خاصة ذات طابع استخباراتي نفذها الجيش الفرنسي ضد سيارة رباعية الدفع كانت تعبر منطقة صحراوية مهجورة، تبعد قرابة 250 كيلومترا إلى الغرب من مدينة تساليت، في أقصى شمال شرقي مالي، غير بعيد من الحدود مع الجزائر؛ وقد أسفر الهجوم عن تدمير السيارة والقضاء على ثلاثة عناصر جهادية من بينهم «جليبيب».

وفي انتظار أن يصدر التنظيم الجهادي تأكيد أو نفي مقتل الرجل الثاني فيه، نقلت الوكالة الصحافة الفرنسية عن قيادة أركان الجيش الفرنسي رفضها التعليق على خبر مقتل «جليبيب»؛ ولكن قائد أركان الجيش الفرنسي الأميرال إدوارد غويو، أعلن أنه في الأسبوع الماضي تمكن الجيش الفرنسي من تنظيم عملية خاصة مكنت من القضاء على عدة عناصر من تنظيم القاعدة وضبط تجهيزات مهمة؛ وأشار إلى أن العملية استهدفت سيارة رباعية الدفع في الصحراء على بعد 200 إلى 250 كلم غرب تساليت.

«جليبيب» من مواليد سنة 1976 في مدينة «تجكجه»، وسط موريتانيا، توفي والده وهو صغير وهاجرت والدته إلى الأراضي المقدسة مطلع عام 2000، حصل على الباكالوريا (الثانوية العامة) ولكنه لم يكمل تعليمه الجامعي حيث التحق مطلع عام 2005 بمعسكرات في شمال مالي تابعة لكتائب الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية؛ وذلك ضمن مجموعة من الشباب الموريتاني استقطبهم عبد الرحمن النيجري أثناء إقامته في موريتانيا سنة 2004.

مع بداية نشاطه الجهادي قبل تأسيس تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، التحق «جليبيب» بكتيبة الملثمين التي يقودها الجزائري بلمختار؛ وكان يعمل بشكل مباشر تحت إمرة القائد العسكري للكتيبة عبد الرحمن النيجري، وشارك في أول عملية ينفذها التنظيم السلفي الجزائري ضد الجيش الموريتاني سنة 2005، في حامية «لمغيطي» العسكرية؛ كما شارك بعد ذلك في عمليات نفذتها الكتيبة في مالي والنيجر.

مع مرور الوقت تحولت الجماعة السلفية للدعوة والقتال إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وأصبح «بلعور» هو أمير منطقة الصحراء؛ وهي سادس إمارات التنظيم الجهادي في منطقة الساحل الأفريقي، وتضم شمال مالي وبعض مناطق موريتانيا والنيجر؛ اعتمد «بلعور» في إدارته للإمارة على بعض الشباب من أبرزهم «جليبيب» الذي أبدى وفاء تاما لقائده الجزائري؛ فأصبح صاحب الحظوة في مجالسه ورجل ثقته الذي يتولى تنفيذ مهامه الخاصة والحساسة.

غير أن نشاط «بلعور» المتزايد أزعج القيادة المركزية للتنظيم الموجودة في الجزائر، فقررت عزله من إمارة الصحراء سنة 2007، ولكن «جليبيب» كان أحد القلائل الذين تمسكوا ببلعور رغم عزله من طرف القيادة، متجاوزا بذلك القوانين والأعراف في التنظيمات الجهادية التي تفرض الطاعة العمياء لأوامر القيادة.

عاد بلعور بعد عزله من إمارة الصحراء ليكون أميرا لكتيبة الملثمين، ولكن الخلافات بينه وبين زعيم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أبو مصعب عبد الودود (دروكدال)، وصلت إلى أوجها نهاية العام الماضي (2012)، فقرر التنظيم تجريد «بلعور» من جميع صلاحياته وعرض خلافته كأمير لكتيبة الملثمين على «جليبيب» وذلك بوصفه أحد أقدم عناصر الكتيبة وأكثرهم كفاءة؛ غير أن الأخير رفض العرض معلنا الوفاء المطلق لبلعور، قبل أن تعلن كتيبة الملثمين انفصالها عن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي.

بعد انشقاقه عن تنظيم القاعدة العام الماضي، ومع سيطرة الجماعات الإسلامية المسلحة على منطقة شمال مالي، أسس «بلعور» كتيبة جديدة أطلق عليها «الموقعون بالدماء»، وهي الكتيبة التي نفذت الهجوم الدموي على محطة عين أميناس في الجزائر في يناير (كانون الثاني) الماضي، بقيادة عبد الرحمن النيجري، الذي استقطب «جليبيب» وأقنعه بالانخراط في العمل الجهادي.

انتهى هجوم عين أميناس بمقتل «النيجري»، الذي شكل صدمة كبيرة بالنسبة لبلعور، حيث كان أحد أبرز القادة العسكريين الذين يعتمد عليهم في عملياته الحساسة في منطقة الساحل الأفريقي عموما وشمال مالي والنيجر على وجه الخصوص. وعندما يتأكد مقتل «جليبيب» ستكون هذه ثاني ضربة توجه لبلعور، الذي قرر رفض تولي أي منصب قيادي في كتيبة المرابطين، وهو ما عده البعض رغبة لدى الرجل في الاختفاء ولو بشكل مؤقت.

كان «جليبيب» يلعب دورا مهما في الاستراتيجية الإعلامية لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، حيث استطاع في فترة قياسية أن يصبح مسؤولا إعلاميا في إمارة الصحراء؛ ومكلفا التواصل مع وسائل الإعلام، ولكونه موريتاني الجنسية ربط صلات وثيقة مع الصحافة في بلاده التي أصبحت تحصل عن طريقه على نصيب الأسد من بيانات وإصدارات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. ومع تأسيس كتيبة المرابطين الجديدة جرى اختيار شاب تونسي يدعى «المقرن» كمسوؤل إعلامي للكتيبة، وذلك بوصفه متخصصا في الإعلام المسموع والمرئي، حيث أشرف على تصوير وإخراج عدد من الإصدارات الجهادية خلال السنوات الأخيرة.