تداعيات «سنودن» و«بريزم» تخيم على المؤتمر السابع لحماية المعطيات الشخصية في مراكش

يستعرض آفاق حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي بمشاركة ممثلي 27 دولة

TT

خيم شبح «سنودن» و«بريزم» على أشغال المؤتمر السابع حول حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، الذي انطلقت أشغاله يوم أمس في مدينة مراكش، بمشاركة ممثلي 27 دولة.

ويشكل المؤتمر، الذي تنظمه الجمعية الفرنكفونية لسلطات حماية المعطيات الشخصية، بشراكة مع المنظمة الدولية للفرنكفونية واللجنة الوطنية المغربية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، والذي ينعقد للمرة الثانية بأفريقيا، فرصة لاستعراض واقع حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، والوقوف على آخر التطورات والآفاق المستقبلية، من خلال مناقشة مواضيع تستأثر باهتمام سلطات حماية المعطيات الشخصية على المستوى الدولي، منها، على الخصوص، قضية التوفيق بين الدفاع عن الحريات وحماية المعطيات الشخصية على شبكة الإنترنت، وكذا موضوع الأجهزة المحمولة ومكانتها في مجتمع اليوم.

وسجل محمد الوفا، الوزير المغربي المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف الشؤون العامة والحكامة، أهمية التوقيت الذي ينعقد فيه المؤتمر وتزامنه مع تفجر قضايا لها ارتباط بحماية المعطيات الشخصية على المستوى العالمي، فيما توقف جان شارتيي، رئيس الجمعية الفرنكفونية لسلطات حماية المعطيات الشخصية، عند ما عرفته سنة 2013 من أحداث وما تفجرت خلاله من قضايا ذات ارتباط بموضوع المؤتمر، من قبيل «سنودن» و«بريزم»، حيث تأكد للعالم، يقول شارتيي، إن «من يتعدى على معطياتنا الشخصية ليسوا، فقط، المتاجرين فيها كالمؤسسات التجارية والاقتصادية، بل كانت المفاجأة أن الأمر صار يتعلق، أيضا، ببلدان ديمقراطية وصديقة لبلداننا ومسؤولينا».

ويحيل «سنودن» على إدوارد سنودن، الذي كان يعمل محللا للمعلومات لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، والذي يعد من بين أبرز الأشخاص الذين فضحوا أسرار الولايات المتحدة، قبل أن ينتهي لاجئا في روسيا من دون أن تتوقف تداعيات تسريباته، فيما يحيل «بريزم» على برنامج لوكالة الأمن القومي ومكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركيين أتاح لهما ولوج الخوادم الرئيسة لشركات إنترنت كبرى بشكل مباشر، واستخلاص محادثات مسموعة ومرئية وصور فوتوغرافية ورسائل بريد إلكتروني ووثائق وسجلات اتصال تمكن المحللين من تعقب أهداف أجنبية.

ودعا شارتيي إلى «تناول التحديات التي يفرضها الموضوع وطرحها للنقاش العام ضمانا للشفافية وحماية المعطيات الخاصة، في ظل سياق يتميز بتحول سؤال ارتباط حماية من المعطيات الشخصية مما هو اقتصادي واجتماعي إلى ما هو سياسي وجيوسياسي بين الدول».

من جهته، شدد سعيد إهراي، رئيس اللجنة الوطنية المغربية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، على أن «التحدي الذي يفرضه الموضوع لا يتعلق فقط بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، وإنما، أيضا، في السهر على تفعيل النصوص القانونية التي تضمن حماية خصوصيات الأفراد في عالم صار أكثر عولمة وتقنية، وبالتالي، فقد صار الهم هو كيفية حماية المواطنين في عالم صارت تتطور فيه التكنولوجيا بشكل متسارع ويبعث على الرهبة والقلق».

وبسط إهراي عددا من الأرقام المتعلقة بتعامل الإنسان مع التكنولوجيات الحديثة، ومن ذلك أن عدد مستعملي شبكات التواصل الاجتماعي قفز بين 2012 و2013 من 850 مليونا إلى مليار مستعمل، فيما جرى تثمين دخول البورصة، بالنسبة للشبكة الاجتماعية، في 95 مليار دولار، بينما ثمانية من أصل 10 من مستعملي الإنترنت هم من أعضاء الشبكة الاجتماعية، يتبادلون الرسائل الإلكترونية الشخصية أو ذات الطابع المهني، وهي معطيات صارت، بوصف البعض، «إلديرادو جديد للمعطيات»، تحولت، من خلاله، المعطيات المبثوثة في العالم الرقمي إلى سوق رائجة و«منجم ذهب»، يتناحر بسببه أكبر الفاعلين في مجال المعلوميات.

واتفقت إيزابيل فالك بيروتان، رئيسة اللجنة الوطنية للمعلوميات والحريات الفرنسية، والأمينة العامة للجمعية الفرنكفونية لسلطات حماية المعطيات الشخصية، مع الوفا وشارتيي، في مسألة توقيت تنظيم المؤتمر وأهمية الموضوع المعروض للنقاش والدرس، مشيرة إلى أن السنة الحالية تميزت بمعطيين أساسيين، الأول هو انخراط مختلف دول ومناطق العالم في منافسة لوضع إطار قانوني على مستوى حماية المعطيات الخاصة، فيما تتعلق الثانية بتفجر قضايا أكدت وجود الأفراد تحت رحمة أشخاص ومؤسسات ذات طابع اقتصادي وسياسي. وهذا المعطى، تضيف بيروتان، جعل الثورة التقنية حديث الساعة في العالم، تحولت معها التكنولوجيا من أداة لتيسير التواصل إلى سلطة في يد السلطات وأصحاب المنفعة.

وفي سياق هذا الواقع المعقد والحساس، الذي صار يبعث على التخوف من توظيف التكنولوجيا ضد الأفراد، بدل أن تكون في صالحهم، دعت بيروتان إلى «طريق ثالث» يوائم بين تقدم التكنولوجيا فيما يحفظ للأفراد حريتهم ومعطياتهم الشخصية، وذلك من خلال ثلاثة عناصر، تهم التقنين الشفاف، والتربية الرقمية، والتعاون الدولي فيما بين المؤسسات المعنية بأمر حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي.

ويتضمن برنامج مؤتمر مراكش، الذي يختتم اليوم، تدارس موضوع حماية المعطيات الشخصية على الصعيد الدولي، بمشاركة خبراء ومسؤولين، يجري خلاله التطرق، بشكل خاص، إلى الصعوبات القانونية التي يواجهها الفاعلون في مجال حماية المعطيات الشخصية على الصعيدين الوطني والإقليمي، ودور سلطات تقنين الحكامة على الإنترنت، وطبيعة مهامها لتحقيق التوافق بين ضرورة حماية حقوق الإنسان الأساسية ومعطياته الشخصية، والحفاظ على شبكة الإنترنت كفضاء لحرية التعبير، فضلا عن طريقة تدبير سلطات حماية المعطيات الشخصية لتواصلها الخارجي، خاصة حين تكون هذه السلطات مطالبة بنشر تقاريرها وآرائها، كما يطرح تساؤلات حول استعمال الهاتف، تتناول طبيعة المعطيات المخزنة فيه، وإن كانت التطبيقات تراعي حرمة الحياة الخاصة، والوسائل التي يمكن لسلطات الحماية المعطيات الشخصية استعمالها لمراقبة التطبيقات والهواتف.