تبادل الاتهامات بين المعارضة والنظام حول استهداف الأحياء المسيحية في دمشق

ناشطون: ليس من مصلحة «الحر» استهدافها لأنها ملجأ للنازحين السنة

TT

تشهد الأحياء المسيحية في دمشق سقوط قذائف هاون عشوائية تستهدف منازل المدنيين وحافلات النقل والمحلات التجارية، ما زرع الرعب في نفوس سكان هذه المناطق ودفع عددا من العائلات إلى مغادرة بيوتها بشكل نهائي. وفي حين يتهم النظام السوري من يسميهم «المجموعات الإرهابية» باستهداف الأحياء المسيحية، تؤكد المعارضة أن «القوات النظامية تقف وراء هذه الأفعال بقصد تخويف المسيحيين ودفعهم للاحتماء بالنظام».

ويدفع أهالي المناطق المسيحية ثمن سقوط هذه القذائف، إذ قتل قبل أسبوعين 4 أطفال جراء سقوط قذيفة هاون على حافلتهم المدرسية، كما أصيب 11 آخرون إثر سقوط قذيفة على مدرسة في المنطقة، ما دفع الأهالي إلى مطالبة وزيري الدفاع والتربية باتخاذ إجراءات لحماية طلاب المدارس.

وفي كل مرة تستهدف فيها هذه الأحياء تسارع وسائل الإعلام الموالية للنظام إلى اتهام من تسميهم «المجموعات الإرهابية» بالوقوف وراء هذه الأعمال.

لكن لواء «هارون الرشيد» التابع للجيش السوري الحر اتهم «النظام الحاكم بالوقوف وراء استهداف وقصف المدنيين المسيحيين»، مؤكدا في بيان له أن «النظام يستهدف الأحياء المدنية داخل دمشق وبعض المناطق المسيحية بقصد بث الفتنة والرعب والحصول على المزيد من الدعم».

وفي حين قدم اللواء في بيانه «التعازي لأهالي الذين قضوا نتيجة سقوط قذائف صاروخية أو هاون داخل العاصمة دمشق من المسيحيين»، نفى بشكل قاطع «إطلاق أي قذيفة هاون أو صاروخ ضد الأحياء المسيحية»، وأشار إلى أن «كل عملياته موثقة ومصورة مع خرائطها».

وفي الإطار ذاته، نقلت مواقع المعارضة على شبكة «الإنترنت» عن أحد شبان حي باب توما المسيحي قوله إنه ليس من مصلحة كتائب المعارضة استهداف المسيحيين؛ لأنهم أولا ليسوا خصومهم، وثانيا لأن المناطق المسيحية شكلت ملجأ آمنا للعائلات السنية التي هربت من مناطق قصفتها القوات النظامية.

ويؤكد الشاب أن «معظم سكان الأحياء المسيحية باتوا مقتنعين بأن النظام يتحمل مسؤولية استهداف الأحياء المسيحية بقذائف الهاون، وذلك لدفع الشباب المسيحي الذي ما زال رافضا الوقوف مع النظام إلى حمل السلاح والوقوف معه لمواجهة من يسميهم العصابات المسلحة التي يدعي النظام أنها هي من تقوم باستهداف المسيحيين من أجل تهجيرهم».

ومن جهة أخرى، فإن هدف النظام من استهداف الأحياء المسيحية، وفق المصدر السابق، «دفع رؤساء الكنائس المسيحية إلى طلب النجدة من الفاتيكان والدول الأوروبية باعتبارهم مستهدفين من تلك العصابات، واستثمار كل ذلك أمام الرأي العام العالمي من أجل كسب مزيد من التأييد الدولي للنظام في حربه ضد شعبه تحت غطاء محاربة الإرهاب المتطرف».

من جهته، يرى المعارض المسيحي ومسؤول المنظمة الآشورية في تركيا جميل دياربكرلي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن أي استهداف للمسيحيين في سوريا يقف وراءه النظام لتقوية حجته المزعومة بحماية الأقليات. مشيرا إلى «أن كتائب المعارضة لم ترتكب أي أعمال مسيئة للمسيحيين، وما تقوم به (داعش) و(النصرة) لا يمثل المعارضة أبدا، خصوصا أن انتهاكات هذه التنظيمات تأتي ضد جميع السوريين وليس المسيحيين فقط».

ويتركز وجود المسيحيين بدمشق في أحياء كثيرة، منها القصاع وباب توما وباب شرقي والميدان وطبالة، ويعد حي القصاع مركزا تجاريا وسياحيا هاما في العاصمة، ويرتبط بحي باب توما وحي القيمرية. ومن أهم أحيائه وشوارعه ساحة جورج خوري ويضم عددا كبيرا من الكنائس. وبقيت الأحياء المسيحية بعيدة عن الصراع العسكري المحتدم في العاصمة بين كتائب المعارضة والقوات النظامية، لكن الاشتباكات وصلت في الآونة الأخيرة إلى أطراف هذه الأحياء. ورغم أن المسيحيين يتخذون موقفا داعما لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، فإنهم لم يتورطوا عسكريا في القتال دفاعا عنه.