أميركا تتذكر رئيسها الأسطورة كينيدي في يوبيله الذهبي

تنكيس الأعلام في المباني الرسمية والمنازل

أميركيون يقفون أمام قبر جون كينيدي في مقبرة آرلينغتون بإحدى ضواحي واشنطن في الذكرى الخمسين لاغتياله أمس (رويترز)
TT

أحيت الولايات المتحدة أمس ذكرى رئيسها الراحل جون فيتزجيرالد كينيدي الذي اغتيل قبل خمسين عاما إلا أن وهج شخصيته لم يخفت وما زال في عداد عظماء الرؤساء الأميركيين. وتذكر الأميركيون الرئيس الخامس والثلاثين لبلادهم بتنكيس الأعلام وتنظيم قداديس ودقائق صمت إضافة إلى حفل متواضع في دالاس حيث جرى اغتياله عام 1963.

وأعلن الرئيس باراك أوباما عشية الذكرى أنه «يوم ذكرى الرئيس جون ف. كينيدي»، ستنكس الإعلام على جميع المباني الرسمية «بكاء على خسارة رجل عظيم خدم الدولة وصاحب الرؤى والحكيم المثالي». ودعا الرئيس مواطنيه الذين يرفعون العلم الأميركي أمام منازلهم أو شركاتهم إلى القيام بالخطوة نفسها. وكتب أوباما «لنجعل إرثه مثمرا، اليوم وفي العقود المقبلة. لنواجه المحن الراهنة بالروحية التي جسدها: ذاك الطبع المقدام والصامد الذي يمثل الأميركي النموذجي الذي قاد دوما بلادنا إلى مواجهة المحن وكتابة مصيرنا وبناء عالم أفضل».

وعند الساعة 12.30 بالتوقيت المحلي وقف الجميع في دالاس بولاية تكساس دقيقة صمت إحياء للحظة التي سقط فيها جون كينيدي قتيلا يوم 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1963 في ديلي بلازا برصاص لي هارفي أوزوالد بحسب التحقيق الرسمي للجنة وارن.

وهذا المناصر الشيوعي الذي كان في الرابعة والعشرين من العمر قتل بعد يومين من ذلك على يد صاحب إحدى علب الليل في دالاس جاك روبي تاركا ظروف ودوافع الاعتداء الذي صدم العالم محاطة بلغز لم تكشف أسراره حتى اليوم.

وبعد نصف قرن ما زالت «أسطورة كينيدي» الذي كان يشع شبابا وحيوية وجمالا وأول رئيس جسد الحداثة، حية في قلوب الأميركيين. فثلاثة أرباع الأميركيين يضعون «جي إف كي» على رأس قائمة كبار الرؤساء الأميركيين الحديثين الذين ستبقى أسماؤهم «المميزة» محفورة في ذاكرة التاريخ أمام رونالد ريغان وبيل كلينتون بحسب استطلاع «غالوب».

وفي مدينة دالاس التي أطلق عليها اسم «مدينة الحقد» بسبب ذلك الاعتداء، نظم حفل متواضع استمر ساعة في ديلي بلازا مع قراءات لمقتطفات من خطاب الرئيس وإقامة صلوات مع عزف الموسيقى من قبل العسكريين في سلاح البحرية الذي كان ينتمي إليه الرئيس مع تحليق جوي.

كما نظمت كل الأماكن التي تحمل بصمة كينيدي برامج لإحياء ذكراه: دقيقة صمت وموسيقى في المكتبة الرئاسية جي إف كي في بوسطن، قداديس واتشاح بالسواد في متحف جي إف كي في هيانيس مكان الإجازة العائلية، صلوات في جامعة جي إف كي في بليزنت هيل بكاليفورنيا. ووضع أيضا إكليل من الزهر قرب تمثاله النصفي في مركز كينيدي المجمع الكبير الذي يضم قاعة كبرى للعروض المسرحية في العاصمة، قبل دقيقة صمت. وشهدت البلاد أيضا أمس بث عشرات البرامج والريبورتاجات، علما أنه على مدى أسابيع مضت نشرت كتب وبثت أفلام وثائقية تتحدث عن أسطورة كينيدي.

وجون كينيدي المولود وسط عائلة ثرية ونافذة في بوسطن (شمال شرقي الولايات المتحدة) كان أصغر رئيس منتخب وأول رئيس كاثوليكي جسد عصرا مفعما بالأمل بالنسبة لجيل فترة طفرة المواليد (بايبي بوم). وفي ولايته سجل التاريخ اختبار القوة الذي خاضه مع الاتحاد السوفياتي أثناء «أزمة الصواريخ»، وهزيمة خليج الخنازير وعملية الإنزال الفاشلة للمناهضين لكاسترو في كوبا وإطلاق برنامج أبولو لإرسال أميركي إلى القمر.

والعبارة الشهيرة «أنا برليني»، «لا تسألوا ما يمكن أن تفعله بلادكم لكم بل اسألوا أنفسكم ما يمكن أن تفعلوه لبلادكم» التي تلفظ بها في برلين المنقسمة بين شرقية وغربية بقيت محفورة في ذاكرة العالم لتخلد ذكراه إلى الأبد. لكن الأسطورة انطبعت أيضا بأسلوب زوجته جاكي الشابة التي اشتهرت بجاذبيتها وأناقتها وكذلك بطفليه الصغيرين وهما يلعبان في المكتب البيضاوي.

ولحظة إعلان الرئيس ثم صور مقتله في سيارة ليموزين مكشوفة وإلى جانبه جاكي وهي ترتدي تايور شانيل زهري اللون ما زالت حية في الذاكرة الجماعية. وقد دفن جون كينيدي في المقبرة العسكرية في آرلينغتون بضاحية واشنطن التي يزورها سنويا حوالي ثلاثة ملايين شخص وحيث وضع الرئيس أوباما الأربعاء إكليلا من الزهور.