مباحثات بين الملك محمد السادس وأوباما في البيت الأبيض

واشنطن تعلن أن خطة الرباط للحكم الذاتي في الصحراء واقعية وذات مصداقية

الرئيس الأميركي باراك أوباما لدى استقباله العاهل المغربي محمد السادس في البيت الأبيض أمس (رويترز)
TT

أجرى العاهل المغربي الملك محمد السادس مباحثات أمس في البيت الأبيض مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، تركزت بشكل خاص حول التعاون الاقتصادي والأمني. وهذه هي الزيارة الأولى للعاهل المغربي إلى البيت الأبيض منذ 2004.

وقبل الاجتماع، أعلن البيت الأبيض أن خطة المغرب للحكم الذاتي للصحراء هي في نظره «جدية وواقعية وذات مصداقية». وأضاف المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني أن هذه الخطة «تمثل مقاربة ممكنة يمكن أن تلبي تطلعات سكان الصحراء لإدارة شؤونهم في إطار من السلام والكرامة».

وقبل الاجتماع قال البيت الأبيض إن أوباما سيبحث مع ضيفه «مكافحة العنف المتطرف ودعم عمليات الانتقال الديمقراطي وتعزيز التنمية الاقتصادية في الشرق الأوسط وأفريقيا».

وكان أوباما أجرى في مايو (أيار) محادثة هاتفية مع العاهل المغربي، دعاه خلالها إلى زيارة واشنطن، بحسب ما أعلن في حينه البيت الأبيض الذي أوضح أن الزعيمين «تحدثا عن أهمية تعميق علاقاتنا الثنائية، خصوصا في الملفات الأمنية ذات الاهتمام المشترك».

إلى ذلك, تباحث صلاح الدين مزوار، وزير الخارجية المغربي، الليلة قبل الماضية في واشنطن، مع رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس إدوارد رويس، حول العلاقات الثنائية وكذا سبل النهوض بشراكة بين المؤسستين التشريعيتين المغربية والأميركية.

ووجه مزوار بهذه المناسبة دعوة إلى رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس من أجل زيارة المغرب والمؤسسة التشريعية المغربية وتطوير العلاقات بين المؤسستين، مشيرا في هذا الصدد إلى «الدور المهم للبرلمانات في تعزيز هذه العلاقات الجيدة سلفا».

من جهته، أشار رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي روبرت مينديز في رسالة وجهها، إلى الرئيس باراك أوباما، بمناسبة زيارة العمل التي يقوم بها الملك محمد السادس إلى واشنطن، أن قوة محور الرباط/ واشنطن سيكون لها تأثير إيجابي يضمن الاستقرار بمنطقة المغرب العربي والساحل على المستويات الاقتصادية والتنمية. وجاء في الرسالة، الموقعة أيضا من طرف رئيس اللجنة الفرعية المكلفة الشرق الأوسط بمجلس الشيوخ تيم كاين: «نوجه إليكم هذه الرسالة من أجل مناشدتكم لاغتنام فرصة زيارة الملك محمد السادس لواشنطن من أجل تعزيز علاقات الصداقة التاريخية مع المغرب والتي تعود إلى عام 1777».

وقال مينديز وكاين في رسالتهما إنه من وجهة نظر جيواستراتيجية إقليمية: «سيكون للشراكة القوية بين المغرب والولايات المتحدة تأثير إيجابي يضمن الاستقرار بمنطقة المغرب العربي والساحل على المستويات الاقتصادية والتنمية»، مشددين على الحاجة الملحة لواشنطن لتعزيز علاقاتها مع المغرب، «الحليف الرئيس بشمال أفريقيا» بهدف مواجهة التحديات التي تواجهها هذه المنطقة من العالم.

وأشارت الرسالة إلى أن الحوار الاستراتيجي، الذي أطلق سنة 2012 بين الولايات المتحدة والمملكة «يوفر أرضية ممتازة ستمكن البلدين من العمل جماعيا بهدف بلورة رؤية معتدلة ومزدهرة لشمال أفريقيا والتغلب على التطرف والظلامية». وتشكل هذه الأرضية إطارا ملائما من أجل النهوض بالتعاون على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية، بالإضافة إلى مستويات التربية والتعليم والعلاقات الثقافية.

وأشار المسؤولان بالغرفة العليا بالكونغرس إلى أنه «حان الوقت من أجل توسيع، بشكل فعال، التعاون في كل هذه المجالات، من أجل شراكة أفضل مع المملكة المغربية وإبراز مصالحنا المشتركة».

وأضاف أنه يتعين استخدام اتفاق التجارة الحرة بين الرباط وواشنطن «الوحيد من نوعه بالقارة الأفريقية، بشكل أكبر من أجل خدمة التنمية الاقتصادية، وتشجيع الاستثمارات ورفع الصادرات الأميركية».

من جهة أخرى، «أشاد» موقعا الرسالة بـ«التعاون بين الولايات المتحدة والمغرب في مجال مكافحة الإرهاب والمساهمة بالتالي في مواجهة تهديدات القاعدة بمنطقة المغرب الإسلامي»، داعين الرئيس الأميركي إلى «اكتشاف مجالات جديدة للتعاون الأمني بما في ذلك أمن الحدود الأسلحة.والحد من انتشار الأسلحة».

وقال موقعا الرسالة، في الختام، «السيد الرئيس، نحن على اقتناع بأنكم ستغتنمون فرصة زيارة الملك محمد السادس من أجل تعميق شراكتنا مع المغرب، الشريك الرئيس، ونحن على استعداد للعمل معكم من أجل بلوغ هذه الأهداف».

وفي غضون ذلك، أعلن المغرب والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، أول من أمس عن استراتيجية جديدة للتعاون في مجال التنمية برسم السنوات الخمس المقبلة، وذلك خلال حفل أقيم بواشنطن بمناسبة الذكرى الـ56 للشراكة القائمة بين الوكالة الحكومية الأميركية والمملكة المغربية.

وجرى بهذه المناسبة توقيع مذكرة تفاهم من قبل وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد، ونائب مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مارك فايرستاين، بحضور كثير من الشخصيات الأميركية والمغربية.

وتسعى هذه الاستراتيجية الجديدة (2013 - 2017)، التي وضعت بتعاون وثيق بين حكومتي البلدين، إلى دعم جهود المغرب في ثلاثة محاور رئيسة تتعلق بالنهوض بتشغيل الشباب، وتعزيز مشاركة المواطنين في الحكامة، وتحسين جودة التعليم الابتدائي.

وقال بوسعيد إن توقيع هذه الاتفاقية يأتي في إطار زيارة العمل التي يقوم بها الملك محمد السادس إلى الولايات المتحدة، والتي تهدف إلى إعطاء دفعة جديدة للشراكة الاستراتيجية بين الرباط وواشنطن. كما أشاد الوزير المغربي «بمستوى التعاون الممتاز» القائم بين الوكالة الأميركية للتنمية الدولية والحكومة المغربية، مشيرا إلى أن هذا التعاون شمل عددا من القطاعات الهامة في مجالات التنمية الاقتصادية والبشرية في المغرب. ويعود التعاون بين المغرب والوكالة الأميركية للتنمية الدولية إلى سنة 1957، تاريخ التوقيع على أول اتفاقية للمساعدة التقنية بين المملكة المغربية وهذه الوكالة الحكومية الأميركية، التي تكرس جهودها لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية في جميع أنحاء العالم.