خلاف أميركي ـ أفغاني حول الاتفاقية الأمنية

واشنطن تطلب التصديق قبل نهاية العام.. وكابل: لا نعترف بأي موعد نهائي

مندوبون يصوتون في ثاني يوم من اجتماع اللويا جيرغا في كابل أمس (أ.ب)
TT

تجدد الخلاف بين كابل وواشنطن حول موعد توقيع الاتفاقية الأمنية التي يتباحث الطرفان بشأنها منذ مدة؛ فقد رفضت الرئاسة الأفغانية أمس دعوة الولايات المتحدة لتوقيع الاتفاقية بحلول نهاية العام الحالي بدلا من الانتظار لما بعد انتخابات الرئاسة الأفغانية المقررة في ربيع العام المقبل.

وقال المتحدث باسم الرئاسة إيمال فائظي في الوقت الذي يدرس فيه شيوخ القبائل الأفغانية الاتفاق لليوم الثاني «لا نعترف بأي موعد نهائي يحدده الجانب الأميركي؛ فقد حدد مواعيد نهائية أخرى أيضا وهذا أمر ليس جديدا علينا». وجاء تصريح فائظي تأكيدا لما اقترحه الرئيس الأفغاني حميد كرزاي أول من أمس، بمناسبة انطلاق أعمال اجتماع المجلس الأعلى للقبائل المعروف باسم «اللويا جيرغا»، من تأجيل التوقيع على الاتفاقية إلى ما بعد انتخابات الرئاسة.

وردا على ذلك قال متحدث باسم البيت الأبيض في وقت لاحق إن الرئيس باراك أوباما يريد توقيع الاتفاق الأمني الثنائي بحلول نهاية العام. وأضاف أن أوباما سيتخذ قراره بشأن وجود القوات الأميركية بعد موافقة السلطات الأفغانية على الاتفاق.

وقال فائظي كذلك إن أي قرار يتخذه كرزاي بشأن الموافقة على الاتفاق سيعتمد تماما على توصيات «لويا جيرغا». وتابع فائظي: «الأمر يرجع تماما للويا جيرغا في اتخاذ القرار بشأن الاتفاق الأمني الثنائي. الرئيس قال بوضوح شديد إن الأمن الجيد والسلام والانتخابات الجيدة هي العوامل الرئيسية وراء توقيع هذه الوثيقة».

ويبدو أن غالبية المشاركين في اجتماعات اللويا جيرغا يؤيدون التصديق على الاتفاق، إلا أن الصحافيين لم يتمكنوا من الوصول للمعارضين بعد أن أبعدهم أفراد الأمن، حسبما أفادت وكالة «رويترز». وقال أمين الله نورستاني، وهو أحد شيوخ القبائل من إقليم نورستان في شرق البلاد: «يتعين أن نوقع على هذا الاتفاق مع الولايات المتحدة. الرئيس كرزاي يجب أن يوقع عليه فور إعلان قرارنا».

وقدم كرزاي تفاصيل حول الاتفاقية بمناسبة الكلمة التي ألقاها في افتتاح مجلس اللويا جيرغا أول من أمس، موضحا أن الاتفاق بعد توقيعه سيقضي ببقاء ما بين عشرة آلاف و15 ألف جندي «أجنبي» في البلاد. وقال كرزاي: «عندما أقول جنود فأنا لا أتحدث عن الأميركيين فقط، بل عن قوات من دول أخرى في حلف شمال الأطلسي مثل تركيا أو بلدان إسلامية أخرى».

إلا أن كرزاي أوضح أنه في حال موافقة اللويا جيرغا على الاتفاقية ثم موافقة البرلمان عليها أيضا فإنها لن تصبح نافذة إلا بعد الانتخابات الرئاسية المقررة في الخامس من أبريل (نيسان) المقبل التي لن يكون بإمكانه الترشح إليها لأنه سبق أن انتخب لولايتين متتاليتين.

وينتشر حاليا نحو 75 ألف جندي أجنبي في أفغانستان في إطار القوة الدولية للمساعدة على إحلال الأمن في أفغانستان (إيساف) بقيادة واشنطن، لكن القسم الأكبر من هذه القوات سينسحب بحلول 2014، ويثير هذا الانسحاب مخاوف من ارتفاع وتيرة العنف في البلد الذي يسيطر متمردو حركة طالبان على قسم منه.

وقال مساعد المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست إنه في فبراير (شباط) من العام المقبل «سيكون هناك نحو 34 ألف» جندي أميركي في أفغانستان. وأضاف: «نتحدث لما بعد 2014 عن بضعة آلاف من الجنود تقريبا» سيبقون على الأرجح في مواقعهم. وتابع أن هؤلاء الجنود إذا اتخذ قرار بإبقائهم «ستكون مهمتهم محددة جدا»، وهي مهمة تدريب ومكافحة التمرد، على حد قول إرنست.

وحسب نص الاتفاق الذي نشرته كابل، يفترض أن تدخل الاتفاقية الأمنية حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني) 2015 وستكون صالحة لعشر سنوات على الأقل. وتنص هذه الوثيقة على منح الجنود الأميركيين الذين سيبقون في أفغانستان بعد 2014 حصانة قانونية، وهي مسألة كانت موضع خلاف بين البلدين. وكانت الولايات المتحدة ترغب في الإبقاء على جنود في العراق بعد 2011، لكن رفض بغداد منح حصانة لجنودها دفعها إلى إعادتهم إلى بلدهم.

وفي رسالة وجهها إلى كرزاي ونشرتها الحكومة الأفغانية، عبر أوباما عن «ارتياحه» لتوصل البلدين إلى اتفاق على مضمون الوثيقة سيسمح «ببناء مستقبل أفضل لأفغانستان». وتؤكد رسالة أوباما أن القوات الأميركية التي ستبقى في أفغانستان بعد 2014 لا يمكنها دخول منازل أفغانية إلا «في حالات استثنائية» لحماية مواطنين أميركيين. وقال أوباما إنه في حال أقرت الاتفاقية الأمنية فإن الولايات المتحدة تلتزم بمواصلة التعاون الوثيق مع القوات الحكومية الأفغانية عبر تقديم «النصائح» و«التدريب» و«الدعم» لها.