لبنان يحتفل بعيد الاستقلال السبعين على وقع تخوف من انفلات الأمن

وزير الدفاع: الجيش في أعلى درجات الجهوزية وخطر الإرهاب يضع لبنان على مفترق طرق حاسم

الرئيس اللبناني ميشال سليمان, ونجيب ميقاتي ونبيه بري , وتمام سلام اثناء حضورهم احتفالات ذكرى الاستقلال ببيروت امس (أ.ف.ب)
TT

احتفل لبنان أمس بالذكرى السبعين لاستقلاله على وقع ترددات انفجار السفارة الإيرانية يوم الثلاثاء الماضي، الذي أدّى إلى سقوط 25 قتيلا بينهم الملحق الثقافي الإيراني و150 جريحا، وفي ظل تزايد المخاوف من تدهور الوضع الأمني ومن عمليات تخريبية.

وقد أقيم العرض العسكري في جادة شفيق الوزان في وسط بيروت، بحضور أربعة رؤساء، وهم إضافة إلى الرئيس اللبناني ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، رئيس الحكومة المكلف منذ ثمانية أشهر، تمام سلام، إضافة إلى شخصيات سياسية واجتماعية.

وفي ختام الاحتفال عرض فيلم قصير من إنتاج مديرية التوجيه في الجيش بعنوان «بين المشهدين»، ثم قدمت باقة من الأغاني الوطنية للمطرب الراحل وديع الصافي وتوجه بعد ذلك الرؤساء إلى القصر الجمهوري في بعبدا، لتقبل التهاني بالعيد.

وكان للرئيس اللبناني كلمة عشية الذكرى، انتقد فيها «استقلال أطراف لبنانية عن منطق الدولة وتخطي الحدود والانخراط في نزاع مسلح»، مجددا دعوته إلى تحييد لبنان عن التداعيات السلبيّة للأزمات الإقليميّة، والانسحاب فورا من الصراع الدائر في سوريا.

ورأى أنه لا يمكن أن تقوم دولة الاستقلال إذا قررت أطراف أو جماعات لبنانيّة الاستقلال عن منطق الدولة، أو إذا ارتضت الخروج عن التوافق الوطني، باتخاذ قرارات تسمح بتخطي الحدود والانخراط في نزاع مسلح على أرض دولة شقيقة، وتعريض الوحدة الوطنية والسلم الأهلي للخطر.

واعتبر سليمان أنّ تفجير السفارة الإيرانية قبل أيام يؤكد ما يتهدد لبنان من مخاطر فتنة وإرهاب مستورد.

ودعا سليمان إلى عدم السماح بإيصال البلاد إلى حال من الفراغ، متخوفا من عدم التمكن من إنجاز الانتخابات الرئاسية المقررة في مايو (أيار) المقبل في ظل استمرار المأزق السياسي والأمني الذي تمر به البلاد.

وفي المناسبة أمل وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال فايز غصن أن «تشكل ذكرى الاستقلال هذا العام محطة تلاق وتضامن بين أبناء الوطن الواحد، خصوصا في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة التي يمر بها وطننا». ولفت غصن إلى أن «خطر الإرهاب المتنقل، الذي تمثل إسرائيل أحد أبرز وجوهه، يضع لبنان على مفترق طرق حاسم في تاريخه، والخلاص لن يكون إلا بخارطة طريق سياسية أساسها الحوار تسير بموازاة الجهد الأمني الذي تبذله المؤسسات الأمنية وعلى رأسها قيادة الجيش، فمواجهة الأزمات لا تكون إلا برص الصفوف وترك الخلافات السياسية جانبا والتعالي عن المصالح الشخصية وأخذ العبر مما يجري حولنا، فإذا جاء الطوفان فإنه لن يستثني أحدا».

وأكد غصن أن «لبنان لن يكون يوما وكر تجسس للعدو الإسرائيلي، ومرتعا لعملائه وجواسيسه، ولا بيئة حاضنة للإرهابيين والمجرمين».

وأكّد أن الجيش في أعلى درجات الجهوزية والاستعداد لمواجهة التحديات الراهنة، وأي جديد قد يطرأ، وعينه على الحدود وعلى الداخل، رافضا الغرق في وحول سياسية يحاول البعض بين الحين والآخر إقحامه فيها.

من جهته، رأى رئيس تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق النائب، سعد الحريري «إن رسالة الرئيس ميشال سليمان لمناسبة عيد الاستقلال، أرقى ما يمكن أن يصل إليه الخطاب السياسي في هذه المرحلة الاستثنائية من حياة لبنان. فلقد اختزلت الرسالة كل ما يجب أن يقال في المناسبة التي تأتي على وقع أحداث وتطورات غير مسبوقة في العالم العربي، وهي الأحداث التي نشهد في كل يوم نماذج سياسية وأمنية متفاوتة عن ارتداداتها في حياتنا الوطنية».

ورأى الحريري في بيان له، أنّ «رسالة الرئيس سليمان جاءت لتسلط الضوء ولتدق ناقوس الخطر على المصير الوطني، منبهة إلى مكامن الخطر الحقيقي، حيث لا يمكن، كما يقول رئيس البلاد، أن تقوم دولة الاستقلال إذا ما قررت أطراف أو جماعات لبنانية الاستقلال عن منطق الدولة، إذا عجزت الدولة عن نشر سلطتها الحصرية على كامل تراب الوطن وضبط البؤر الأمنية وقمع المخالفات ومحاربة الإرهاب، وكذلك إذا لم تكن القوات المسلحة هي الممسكة الوحيدة بالسلاح والناظمة للقدرات الدفاعية بإشراف السلطة السياسية».

ووصف الحريري رسالة سليمان بأنّها «تشكل خط الدفاع الأخير عن استقلال لبنان وصيغة العيش المشترك، وهي تستحق قولا وفعلا إكبار وتأييد كل لبناني معني بحماية الاستقلال والصيغة»، كما أنّها تعبر بالوقائع التفصيلية عن روح إعلان بعبدا، الذي لا يريدون له فقط أن يبقى مجرد حبر على ورق، بل إنهم يسعون إلى محوه من الوجود السياسي.