اليمن: «مجموعة السفراء العشرة» تعرب عن قلقها إزاء سعي بعض الأطراف لعرقلة الحوار الوطني

رئيس اللجنة الرئاسية لـ «الشرق الأوسط» : نشرنا قوات مراقبة لتثبيت وقف إطلاق النار في دماج

يمنيون يتجمعون خارج منزل يشتبه بوجود عناصر من «القاعدة» فيه دمر بغارة جوية في مدينة الشحر بمحافظة حضرموت أمس (رويترز)
TT

بدأ في منطقة دماج بمحافظة صعدة سريان وتطبيق هدنة وقف إطلاق النار بين الحوثيين والسلفيين، والتي توصلت إليها لجنة رئاسية بعد أكثر من شهر من المفاوضات والمحاولات، في الوقت الذي يصادف فيه اليوم الذكرى الثانية لتوقيع المبادرة الخليجية لحل الأزمة في اليمن والتي في ضوئها جرت عملية انتقال السلطة سلميا، في حين يواصل مؤتمر الحوار الوطني نقاشاته الأخيرة في ظل انتقاد دولي لتجاوزه لسقفه الزمني المحدد.

وقال الشيخ يحيى منصور أبو إصبع، رئيس اللجنة الرئاسية الخاصة بحل مشكلة دماج بين الحوثيين والسلفيين، لـ«الشرق الأوسط»، إن اللجنة تمكنت، أمس الجمعة، من نشر قوات عسكرية في منطقة التماس بين الطرفين والتي تشهد المواجهات العسكرية المباشرة، وذلك بعد ساعات من تمكن اللجنة ومعها فريق تقصي الحقائق الذي شكله مجلس النواب (البرلمان) ووحدات من قوات الجيش والأمن المناط بها الإشراف على تثبيت وقف إطلاق النار، من دخول المنطقة ونشر قوات أمنية وعسكرية ومراقبين في كل المواقع الجبلية وفي أكثر من مكان للإشراف على بقاء الهدنة قائمة بين الطرفين، وإنهم قطعوا «شوطا كبيرا جدا بعد أن تعثرنا شهرا ونيفا». وأشار إلى الأوضاع الصعبة التي يمر بها سكان مدينة دماج جراء الحصار والقصف الحوثي لنحو الشهرين.

وأكدت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أن دخول اللجنتين الرئاسية والبرلمانية والقوات العسكرية إلى دماج أسهم بشكل كبير في البدء في عملية إجلاء المزيد من الجرحى والمصابين عبر الصليب الأحمر الدولي. وتحدثت المصادر عن وجود عدد غير قليل من الطلاب الأجانب المصابين في المواجهات مع الحوثيين أو جراء القصف المدفعي الثقيل الذي نفذه الحوثيون على دماج خلال الأسابيع القليلة الماضية.

وعلى صعيد آخر، اغتال مسلحان مجهولان مساء أمس وسط العاصمة اليمنية صنعاء، الدكتور عبد الكريم جدبان، عضو مجلس النواب وعضو مؤتمر الحوار الوطني، في سابقة هي الأولى من نوعها منذ دخلت اليمن في حرب وأزمة عام 2011. وقالت مصادر في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن مسلحين يستقلان دراجة نارية أطلقا النار على النائب جدبان أثناء خروجه من مسجد الشوكاني بشارع القيادة وسط العاصمة صنعاء، وإنه فارق الحياة في المستشفى الذي أسعف فيه.

وعبد الكريم جدبان برلماني نشط وعضو في مؤتمر الحوار الوطني الشامل عن قائمة «أنصار الله» - الحوثيين، وعرف بمقارعته لمراكز القوى والفساد، وهو من مواليد 1956 بمدينة رازح في محافظة صعدة، وحصل في سبتمبر (أيلول) الماضي على درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف من جامعة صنعاء. وفي الوقت الذي جرت فيه عملية الاغتيال بذات الطريقة التي تستخدمها «القاعدة» في اغتيال الكوادر الأمنية والعسكرية في اليمن، فإن السلطات فتحت تحقيقا واسعا لمعرفة الجهة التي تقف وراء عملية الاغتيال.

في موضوع آخر، يصادف اليوم السبت الذكرى الثانية لتوقيع المبادرة الخليجية لحل الأزمة في اليمن في العاصمة السعودية الرياض من قبل الأطراف السياسية اليمنية، والتي بموجبها جرى الانتقال السلمي للسلطة. وبالمناسبة، أصدر سفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية (وهم سفراء دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي وسفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي) بيانا أشادوا فيه بالحوار الوطني وما حققه. لكن مجموعة السفراء العشرة قالت إنها «لاحظت بقلق أن أعمال المؤتمر استمرت لمدة شهرين بعد فترة انتهائه المقررة، ويؤسفها أن بعض الجماعات قد أوقفت العملية الانتقالية وذلك بتعليق مشاركاتها، أو التهديد بفعل ذلك، على الرغم من أن القضايا الأكثر تحديا بقيت غير محلولة حتى الآن».

واعتبرت مجموعة السفراء العشرة أن بعض الأطراف المشاركة في المفاوضات «اتخذت مواقف تعوق تقدم الحوار بدلا من تسهيل إيجاد الحلول لهذه القضايا العالقة»، وحثت المجموعة «كل الأطراف على أن تبقى مشاركة وتضاعف من جهودها للتوصل إلى اتفاق عاجل على طريق نحو المستقبل، ويجب أن يتضمن هذا الطريق اتفاقا على المبادئ العامة لمستقبل البلاد، مما يشكل أساسا لعمل لجنة إعداد الدستور، كما هو منصوص عليه بمبادرة مجلس التعاون الخليجي، وآليتها التنفيذية». كما حثت المجموعة «مؤتمر الحوار الوطني أن ينجز أعماله بأسرع فرصة ممكنة، وأن يظهر للعالم أن الانتقال السلمي ممكن، وأن يقدم نموذجا لتلك الدول في المنطقة والتي شرعت في حواراتها الوطنية، وهذا الانتقال السلمي سيمنح الشعب اليمني الأمل، هذا الشعب الذي يريد أن يرى مستقبله يتحسن تحت حكومة ومنظومة سياسية قادرتين على توفير الأمن، والخدمات الأساسية، والنمو الاقتصادي».

وجاء بيان مجموع السفراء العشرة في وقت تشهد فيه قاعات مؤتمر الحوار مفاوضات ونقاشات جديدة عقب إنهاء ممثلي حزب المؤتمر الشعبي العام والحراك الجنوبي لمقاطعتهم لأعمال الفريق المصغر للقضية الجنوبي وهو فريق «8 +8»، الذي عاد للالتئام ويناقش حاليا موضوع الأقاليم بعد الاتفاق على قيام دولة اتحادية في اليمن. من ناحية أخرى، تواصل قوات الأمن والجيش في جنوب اليمن عملياتها العسكرية لملاحقة عناصر تنظيم القاعدة في مدينة الشحر بمحافظة حضرموت (الساحل). وقالت مصادر محلية إن وحدات من الجيش قصفت بعض المنازل التي يتحصن فيها من يعتقد أنهم متشددون إسلاميون. وتزامنت هذه العملية مع قصف جوي نفذته طائرات أميركية من دون طيار (درون) على بعض معاقل التنظيم في أطراف مدينة الشحر.