لبنان: انتحاريا السفارة الإيرانية لبناني وفلسطيني.. والتحقيقات تركز على هوية المجندين

أجهزة الأمن في سباق محموم مع المتطرفين والسيارات المفخخة.. وإيران ترسل خبراءها

عناصر من قوى الأمن اللبنانية أمام السفارة السعودية في بيروت أمس بعد دعوات من أنصار حزب الله للاعتصام أمامها (أ.ب)
TT

أظهرت تحقيقات السلطات اللبنانية في تفجيري السفارة الإيرانية في بيروت، أن الانتحاريين اللذين نفذا الهجوم، هما: اللبناني معين أبو ضهر (21 سنة)، والفلسطيني عدنان موسى المحمد. وبينما ترددت معلومات عن أن الانتحاريين من أنصار الشيخ المتشدد أحمد الأسير الذي اقتحم الجيش اللبناني مربعه الأمني في عبرا (شرق صيدا بجنوب لبنان) الصيف الماضي - تعمل الأجهزة الأمنية اللبنانية على تتبع التنظيم الإرهابي الذي جند الانتحاريين، مما يضع تبني كتائب عبد الله عزام الهجوم، موضع شك.

وبينما دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، إلى دعم جهود القوى الأمنية كافة بدل التحامل عليها، أكد مصدر أمني لبناني لـ«الشرق الأوسط»، أن «التحقيقات تركز على معرفة التنظيم الإرهابي الذي جند الإنتحاريين وكلفهما بمهمة تفجير السفارة الإيرانية». وشدد المصدر على أن «الوضع الأمني في لبنان بالغ الدقة وهو مفتوح على عمليات إرهابية قد تقع في أي وقت».

وعد المصدر ذاته «الأجهزة الأمنية الآن في سباق محموم مع الجماعات المتطرفة ومع السيارات المفخخة التي تهدد لبنان»، موضحا أن «المعلومات الأمنية تشير إلى وجود الكثير من الخلايا النائمة التي يمكن أن تستيقظ في أي وقت ويعطى لها الضوء الأخضر بالبدء بأعمالها الإرهابية، إما بسيارات مفخخة أو أحزمة ناسفة أو أعمال عسكرية أخرى». وأكد أن «الأجهزة الأمنية هي في أعلى مراتب الجهوزية والاستنفار».

وكان انتحاريان فجرا نفسيهما أمام مبنى السفارة الإيرانية في بيروت، الثلاثاء الماضي، مما أدى إلى مقتل 23 شخصا بينهم الملحق الثقافي في السفارة الإيرانية إبراهيم الأنصاري وضحية مدنية، وجرح 146 آخرين. وبينت التحقيقات أن اللبناني معين أبو ضهر هو الانتحاري الأول الذي فجر نفسه على متن دراجة نارية، أما الانتحاري الثاني الذي كان يقود السيارة الملغمة، فهو الفلسطيني عدنان موسى المحمد.

وأوضح مصدر أمني آخر، مواكب للتحقيقات، أن «نتائج فحوص الحمض النووي (DNA) التي أجريت لوالد الانتحاري معين أبو ضهر تطابقت مع الفحوص التي أجريت على أشلائه، وأن الوالد أبلغ مخابرات الجيش أن ولده ترك المنزل منذ نحو شهرين، وأنه كان يتصل بين الحين والآخر من سوريا ويطلب منه أن يسامحه على ما سيفعله».

وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن أبو ضهر لم ينكر أن ولده «ملتزم دينيا، وكان يتردد باستمرار إلى مسجد بلال بن رباح في صيدا ويواظب على حضور الدروس الدينية فيه للشيخ أحمد الأسير، وأنه كان متأثرا بأفكار الأخير العقائدية». وكشف عن أن ولده طلب في اتصاله الأخير أن يسامحه على ما سيفعله من دون أن يعرف طبيعة العمل الذي ينوي القيام به.

بدوره، أكد مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، القاضي صقر صقر، أمس، أن وحدات الحمض النووي للوالد عدنان أبو ضهر، تطابقت مع الأشلاء التي سحبت من قبل مكتب الحوادث والأدلة الجنائية في الجيش المستنابة لمعرفة المفجرين، فضلا عن آثار الحمض النووي التي جرى سحبها من غرفة الفندق التي نزل فيها أبو ضهر.

وانشغل اللبنانيون أمس بمعرفة التفاصيل عن الانتحاري الأول الذي يتحدر من مدينة صيدا، وتبين أنه من أم شيعية، تتحدر من قرية تفاحتا في قضاء الزهراني التابع لصيدا. وانتشرت صورة لصفحة «فيس بوك» الخاصة بالانتحاري أبو ظهر التي حملت اسم «مهاجر لله». وكان قبل ثلاثة أيام من عملية التفجير وضع شريطا مسجلا للأسير وعلق عليه: «خذلوك يا شيخ ولكن ابشر، والذي وضع الروح في جسدي، لننتقمن لكم».

وكان الشيخ الأسير فر إلى جهة مجهولة، بعد اقتحام الجيش اللبناني لمربعه الأمني في منطقة عبرا، على خلفية قتال مع الجيش. وظهر الأسير في ثلاثة تسجيلات صوتية له، حمل في آخرها حزب الله مسؤولية تفجيري طرابلس اللذين استهدفا مسجدين، وأسفرا عن مقتل أكثر من 50 شخصا وإصابة 300 آخرين بجروح. وبينما انشغلت الساحة اللبنانية بالانتحاري الأول، أعلنت السلطات اللبنانية، أمس، أنها توصلت إلى تحديد هوية الانتحاري الثاني الذي فجر نفسه بسيارة مفخخة أمام السفارة الإيرانية، وهو عدنان موسى المحمد (فلسطيني) من سكان أحد المخيمات الفلسطينية في جنوب لبنان، وتوجه والده إلى مقر مخابرات الجيش بعدما شاهد صورته التي عممها الجيش اللبناني على شاشات التلفزة. وأوضحت المعلومات أن المحمد كان ترك منزل ذويه بعد اختفاء الأسير وانتقل إلى القتال في سوريا منذ مطلع الصيف الماضي.

وذكرت قناة «إن بي إن» التلفزيونية أن المحمد يتحدر من مخيم عين الحلوة، ولكنه يقيم بالعاقبية في منطقة الزهراني (جنوب صيدا)، وينتمي إلى مجموعة الشيخ أحمد الأسير، واختفى بعد أحداث عبرا. بدورها، ذكرت «المؤسسة اللبنانية للإرسال» أن الأجهزة الأمنية لاحقت مناصرين آخرين للأسير للتحقيق معهم، للاشتباه في تورطهم في عملية تفجير السفارة الإيرانية وعمليات محتملة.

وتتواصل التحقيقات في نطاق آخر لمعرفة الجهة التي تقف وراء المفجرين. وذكرت معلومات أن النيابة العامة ستتقدم بطلب إلى وزارة الاتصالات لسحب المعلومات والحصول على تسجيلات المخابرات الهاتفية التي أجراها الانتحاريان في لبنان قبل تنفيذ العملية. في هذا الوقت، كشف السفير الإيراني لدى لبنان، غضنفر ركن أبادي، أن «وفدا من الخبراء والاختصاصيين الإيرانيين وصل أيضا إلى لبنان لمتابعة التفاصيل والتعاون مع الأجهزة اللبنانية المعنية في مجال كشف خيوط وتفاصيل هذه الجريمة، وبهدف تقديم كل ما يلزم من مساعدة وتبادل الخبرات ووجهات النظر».

وأكد أبادي«أن «السلطات اللبنانية بجميع مؤسساتها وأجهزتها المعنية لا توفر جهدا لكشف تفاصيل التفجيرين الإرهابيين»، مشيرا إلى أنها «تعمل ليل نهار من أجل الوصول إلى نتائج إيجابية في هذا المجال، وهذا ما لمسناه من خلال زيارتنا للمسؤولين اللبنانيين بعد التفجيرين».