خامنئي يشيد بـ«نجاح» الاتفاق النووي.. ونواب متشددون يطالبون بمصادقة البرلمان عليه

المرشد الأعلى دعم جهود روحاني وطالب برفض مطالب «مبالغ فيها» من الدول الكبرى

الرئيس الإيراني حسن روحاني يعقد مؤتمرا صحافيا في طهران صباح أمس بعد الإعلان عن الاتفاق (أ.ف.ب)
TT

بعد عقد من الجمود بين إيران والقوى العالمية بشأن البرنامج النووي الإيراني، تم التوصل إلى اتفاق مؤقت بين إيران والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي بالإضافة إلى ألمانيا في ساعة مبكرة من صباح أمس (الأحد) في جنيف.

وأثار الإعلان عن اتفاق جنيف شعورا بالتفاؤل في جميع أنحاء إيران واعتبره الكثيرون إنجازا مهما وتغييرا في المسار لتحسين حياتهم التي تأثرت جراء العقوبات المفروضة على الاقتصاد الإيراني منذ سنوات.

وفور الإعلان عن الاتفاق ظهر الرئيس الإيراني حسن روحاني على شاشة التلفزيون الرسمي الإيراني لتهنئة بلاده بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في جنيف، ووعدت برفع كامل للعقوبات في المستقبل القريب.

كما بعث أيضا برسالة إلى المرشد الإيراني الأعلى، آية الله علي خامنئي يشكره على الدعم الذي قدمه لحكومته وفريق التفاوض من أجل إبرام اتفاق. وجاء الرد على خطاب روحاني سريعا من جانب المرشد الأعلى الذي أعلن موافقته على النتائج، ولكنه ذكر الحكومة بضرورة «الوقوف بحزم ضد المطالب المتغطرسة»، لكن الرد القصير للغاية كان يعني أن هذا الاتفاق ينبغي أن يكون أساس لتحركات أخرى في المستقبل.

وقال خامنئي: «لا بد من شكر فريق المفاوضين النوويين على هذا الإنجاز (...) ويعود هذا النجاح أيضا إلى الرعاية الإلهية والصلوات ودعم الشعب»، مضيفا في رسالة إلى روحاني، أنه يتوجب «دوما الصمود أمام المطالب المبالغ فيها من الدول الأخرى في المجال النووي».

وقد أشاد أكبر هاشمي رفسنجاني، رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني بالاتفاق الذي تم التوصل إليه، مشيرا إلى أن ثناء خامنئي على الجهود التي بذلتها الحكومة ينبغي أن ينظر إليه كـ«ملاحظات توافق على نهج حكومة روحاني في التوصل إلى اتفاق دبلوماسي لا يترك أي مساحة لأي شكوك».

وقال علي ناغي خاموشي، الرئيس السابق لغرفة التجارة الإيرانية لوكالة أنباء (إيرنا) إن «حكومة الولايات المتحدة رفعت التجميد عن نحو ثمانية ملايين دولار من الأصول الإيرانية، وإن اتفاق اليوم سيعيد ربط اقتصاد إيران بالعالم».

وارتفعت قيمة الريال الإيراني مقابل الدولار أمس، بينما انخفض أيضا سعر الذهب. ويرى الكثير من الإيرانيين من مختلف الطبقات الصفقة باعتبارها إشارة إيجابية لتحسن الوضع الاقتصادي. وقد أشار روحاني في تصريحاته التي جرى بثها في ساعة مبكرة من صباح أمس إن حكومته تمكنت في صباح اليوم الـ99 لها في السلطة من التوصل إلى اتفاق بشأن القضية النووية، وأن الأمر منوط الآن برجال الأعمال والمستثمرين للقيام بدورهم في تحسين حياة الإيرانيين.

بيد أن بعض النواب البرلمان من المتشددين أبدوا اعتراضات شديدة على نتائج المفاوضات وطالبوا الرئيس بالامتثال للمادة 125 من الدستور الإيراني التي تتطلب موافقة البرلمان على جميع المعاهدات الدولية التي وقعتها الحكومة.

وقال حميد راسائي، النائب الذي تقدم بشكواه إلى القائم بأعمال رئيس البرلمان علي أكبر تورابي رافضا تصريحات ترابي المبتهجة بعد الأنباء عن الاتفاق النووي.

وقال راسائي للقائم بأعمال رئيس البرلمان: «عندما لا يطلع البرلمان بشكل صحيح ولا يعرف تفاصيل الاتفاق وكذلك يسمع تصريحات متناقضة من الدبلوماسيين الإيرانيين والأميركيين بشأن حق إيران في تخصيب اليورانيوم، فما هي أهمية التهنئة؟».

وردا على مثل هذه الشكوك أشارت التقارير إلى أن مصادر حكومية قد أوضحت أن الصفقة التي تم التوصل إليها مع مجموعة 5 +1 هي اتفاق وليست معاهدة ولذا فهي معفية من موافقة البرلمان.

وقال هرميداس باوند المعلق الإيراني لـ«الشرق الأوسط»: «تمت هذه الصفقة عندما كنا (إيران) نتعرض لقيود اقتصادية حرجة، مما جعلها صعبة المنال وفي غاية الأهمية». وأشار إلى أن المجتمع الدولي كان عازما على عزل إيران، و إن لم تدخل المفاوضات الدبلوماسية فسوف نواجه تداعيات أكثر قسوة، وحذر باوند أيضا من «العناصر المتشددة في الداخل والخارج الذين يعارضون مثل هذه الصفقة»، واصفا منتقدي الاتفاق في إيران بأنهم لا يمتلكون منظورا دوليا يبرر معارضتهم، ولكن العامل المهم هو أن كلا من الرئيس والمرشد الأعلى يدعمان المسار الدبلوماسي.

ونال الاتفاق النووي اهتمام المواطنين الإيرانيين بسبب ارتباط هذه القضية بموضوع الحصار والتأثير الكبير لهذا الحصار على الحياة اليومية للشعب. فقد تحول ملف الطاقة النووية والمفاوضات بين إيران ومجموعة الخمسة زائد واحد إلى أحد أهم المواضيع التي تشغل الشارع الإيراني. ودار الحديث في إيران أمس في الشبكات الاجتماعية وفي الاجتماعات العائلية واجتماعات الأصدقاء وحتى في سيارات الأجرة والحافلات، وإن التحاور حول ذلك قد ازدهر إلى درجة كبيرة منذ مدة.

بالطبع إن هذا الأمر لا يتعلق بالأشهر القليلة الماضية فحسب، خلال فترة تولي محمود أحمدي نجاد للرئاسة وخلال فترة تولي سعيد جليلي لمنصب رئيس المفاوضين في ملف الطاقة النووية الإيرانية قبل بدأ المفاوضات وبعدها؛ دارت حوارات ساخنة حول هذا الأمر في المحافل المختلفة، وكان الكثيرون يتابعون أخبار ملف الطاقة النووية بقلق أو بأمل. إن أقل تأثيرات المفاوضات وأسرعها ظهرت في سوق العملات الأجنبية، إن بعض الأرقام القياسية في ارتفاع أو انخفاض قيمة الدولار خلال فترة أحمدي نجاد الرئاسية كانت تظهر مباشرة بعد المفاوضات. وإن هذا التذبذب لم يكن يؤثر على سوق العملة الأجنبية فحسب بل يمتد ليشمل الكثير من البضائع التي يستعملها الناس.

بعد فوز حسن روحاني في انتخابات رئاسة الجمهورية في إيران في يونيو (حزيران) الماضي، ازدادت الآمال بتحسين هذه الأوضاع وإنهاء المشكلات والعراقيل الناتجة بسبب ملف الطاقة النووية؛ بنسبة كبيرة.

يمكن مشاهدة نتائج هذه الآمال على الأقل في سوق العملة الإيراني والذي اتضح سابقا أنه مرتبط بشدة بملف الطاقة النووية، عندما استلم روحاني الحكم من أحمدي نجاد كان سعر صرف الدولار 33 ألف ريال تقريبا، ولكن قيمته وصلت الآن إلى 30 ألف ريال تقريبا.

واحتشد المئات من المؤيدين للاتفاق النووي في مطار طهران أمس، منتظرين وصول وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف والوفد المرافق له العائد من جنيف. وحمل المؤيدون أعلاما إيرانية وورودا، وأخذوا يهتفون تأييدا لـ«سفير السلام» كما بات يطلق على ظريف. كما نددوا بالعقوبات والحرب، مرددين «لا للحرب، لا للعقوبات، لا للاستسلام، لا للإهانة».