سكان القاهرة يبحثون عن حلول جذرية لأزمة التكدس المروري في الشوارع

أكثر من مليوني سيارة في العاصمة.. و«الداخلية» تطلق حملة للتغلب عليها

TT

«المسافة التي كنت أقطعها من البيت إلى العمل بالسيارة في خمس عشرة دقيقة أصبحت تستغرق ساعتين وأحيانا ثلاث ساعات»، هكذا يقول محمود حسين (43 عاما) والذي يقطن في ضاحية المعادي بجنوب القاهرة ويتوجب عليه الذهاب يوميا إلى عمله في ضاحية المهندسين. إنه الكابوس الصباحي والمسائي لألوف المصريين في شوارع واحدة من أكبر العواصم في منطقة الشرق الأوسط. وبدأت مجموعات من رجال المرور ومجموعات أخرى من المتطوعين في محاولة تسيير الحركة على المحاور الرئيسة والشوارع المشهورة باختناقاتها المزمنة.

ويلقي رجال المرور باللوم في غالبية مشاكل التكدس المروري على السائقين أنفسهم، وعلى من يقومون بإشغال الطرق سواء بصف السيارات في الأماكن غير المخصصة لها أو بقيام الباعة بوضع بضائعهم في عرض الطريق، بالإضافة طبعا إلى أسباب أخرى، منها الحالة الأمنية التي تواجه بها السلطات الاضطرابات السياسية مما يضطرها لغلق بعض الميادين والطرق، بينما يحمل بعض سائقي السيارات الحكومة مسؤولية استمرار أزمة المرور التي يبدو أنها استفحلت أكثر من السابق في مدينة يعيش فيها نحو عشرين مليون نسمة.

ويقول العقيد سيد عثمان، مدير الإعلام والعلاقات بمرور القاهرة لـ«الشرق الأوسط» إن الحملة الجديدة «تبدأ بتوعية المواطنين لمدة عشرة أيام خلال هذا الشهر، يبدأها أفراد الحملة بالانتشار في الميادين الرئيسة بالقاهرة الكبرى والمواقف سواء الرسمية أو العشوائية و200 مدرسة وجامعة مصرية، بهدف توعية المواطنين بمخالفات القيادة التي يتسببون فيها بشكل كبير وإرساء قواعد المرور بالشارع المصري».

ويضيف أنه «بعد انتهاء العشرة أيام الأولى يبدأ تنفيذ الحملة القومية تحت عنوان (المصري يقدر) من خلال ضباط مرور القاهرة، الذين سيبدأون في الانتشار بجميع شوارع وميادين العاصمة لضبط جميع أنواع المخالفات، ومنها الانتظار بشكل خاطئ والسير عكس الاتجاه والباعة الجائلون الذين يعطلون حركة السير الطبيعية بشكل كبير».

وباتت مشكلة المرور قضية يومية يعاني منها أغلبية سكان القاهرة. وطبقا للواء حسن البرديسي، مدير الإدارة العامة لمرور القاهرة، فإن العاصمة وحدها فيها مليونان و51 ألف سيارة؛ حيث يرخص شهريا نحو أربعة آلاف سيارة جديدة في القاهرة وحدها، مشيرا إلى أن عدد السيارات تضاعف بنسبة 100 في المائة خلال السنوات الأخيرة، مع زيادة الطرق بنسبة 13 في المائة فقط، وهو ما مثل خسائر فقط نتيجة استنزاف الوقود دون استغلاله جراء الازدحام بلغت 15 مليار جنيه سنويا.

وحتى لو كنت في منزلك، لا بد أن يصل إليك قسط من المشكلة.. وتستطيع أن تسمع أبواق السيارات عبر النافذة وهي تتعالى في غضب شديد بعد أن ملت الانتظار لساعات طويلة، أملا في الوصول إلى المكان المنشود. ولا تتعجب إذا رأيت أحدهم غالبه النوم داخل سيارته أو استخدم هاتفه الجوال للحصول على وجبة سريعة تساعده على مواصلة الانتظار الذي ربما يمتد لساعات طويلة في بعض المحاور والطرق وعلى الكباري الرئيسة.

هنا في العاصمة، الجميع يرفع شعار «مللنا الانتظار». ومن هذا المنطلق دشنت الإدارة العامة لمرور القاهرة حملة «المصري يقدر.. المرور مسؤولية الجميع» برعاية وزارة الداخلية بهدف نشر الوعي العام بآداب المرور، لكن تحرك إدارة المرور قد لا يكون ذا تأثير يذكر إلا إذا زاد عدد المتطوعين من المواطنين للعمل على تفادي أسباب شغل الطرق العامة. وهذا أمر يحتاج إلى تنظيم كما تقول مصادر إدارة المرور. والتي تضيف أن من يريد أن يساعد فيمكنه العمل تحت مظلة الحملة الرسمية لوزارة الداخلية.

ويقول حسين السيد، وهو سائق سيارة أجرة: «التكدس المروري خرب بيتي، لأن الزبائن أصبحوا يتجهون لاستخدام مترو الأنفاق كوسيلة مواصلات عوضا عن التاكسي لأنه يعتبر أسرع وأرخص.. لم نعد نعمل إلا قليلا في ساعات الليل المتأخرة حيث يكون الزحام أقل نسبيا، ولكن نادرا ما يكون هناك زبائن».

ويرى رامي أسامة (29 عاما) سائق سيارة، أن المشكلة الأساسية وراء زحام القاهرة «هي عدم الالتزام بآداب وقواعد المرور.. فأصبحنا نجد سيارات الميكروباص (حافلات الأجرة الخاصة) تمشي عكس الاتجاه، وكذلك عدم الالتزام بإشارات المرور وعدم السير في الحارة المخصصة، ولذلك نأمل أن تساعد حملة وزارة الداخلية في إعادة الوعي من جديد بآداب وتعليمات المرور، ونحن كمواطنين يمكن أن نساعد في هذه الحملة ولو لعدة ساعات في الأسبوع».

ويقول محمد سامي (38 عاما) وهو مهندس مدني يقود سيارته في شارع رمسيس بالقاهرة: «مشكلة التكدس المروري ترجع لعدة أسباب؛ بداية من سلوك قائد السيارة، ومرورا بقيام أصحاب العقارات والمراكز التجارية بإغلاق الجراجات وبيعها كمحلات، هذا بجانب الوقفات الاحتجاجية لبعض القوى السياسية التي ينتج عنها إيقاف حركة المرور بالشارع وشله تماما خاصة يوم الجمعة الذي يتظاهر فيه أنصار جماعة الإخوان».

وتستهدف حملة «المصري يقدر.. المرور مسؤولية الجميع» عقد لقاءات شعبية بروابط سائقي الأجرة والنقل والميكروباص، وعقد ندوات لتثقيف ضباط وقوات الإدارة العامة لمرور القاهرة يحاضر فيها أساتذة علوم الاجتماع والإدارة العامة والموارد البشرية، وبالتنسيق مع وزارة الإسكان والمرافق لإجراء إصلاحات سريعة في الطرق، وإعادة تخطيط معظم الطرق وإعادة تركيب العلامات المرورية والاسترشادية التي غابت عن الطرق في الفترة الأخيرة التي شهدت اضطرابات سياسية.