محكمة تونسية تبطل تنفيذ أمرين صادرين عن رئيس الحكومة

حصر المنافسة على رئاسة الوزراء بين الزبيدي وجلول

جلول عياد و عبد الكريم الزبيدي
TT

قضت المحكمة الإدارية في تونس بإيقاف تنفيذ أمرين صادرين عن رئيس الحكومة التونسية علي العريض يقضيان بتسمية رئيس جديد للمحكمة العقارية ومفتش عام في وزارة العدل، وذلك على خلفية عدم استشارة الهيئة الوقتية للقضاء العدلي حول التسميات الجديدة. وقالت مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط» إن القرار يعد «انتصارا ثمينا للقضاء التونسي» بسبب ما سمته «تجاوز السلطة من قبل الحكومة».

وأضافت المصادر نفسها أن إيقاف أمرين صادرين عن رئاسة الحكومة لأول مرة، سيفتح معركة بين وزارة العدل من ناحية، والهيكل النقابي الممثل لسلك القضاء، من ناحية ثانية. وأشارت إلى احتمال التصعيد من جديد في العلاقة بينهما في ظل تقارير قضائية تحدثت عن مجموعة جديدة من التعيينات القضائية ونقل في سلك القضاة من دون الرجوع إلى الهيئة المؤقتة للقضاء العدلي.

وكان نذير بن عمو، وزير العدل التونسي قد تمسك في مناسبات سابقة بعدم التراجع عن تلك التعيينات بوصفها من صلاحيات وزارة الإشراف.

وأوضح الحبيب الأطرش، المتحدث باسم المحكمة الإدارية، أن القرار يتنزل ضمن القرارات التحفظية الاستعجالية. وعلى عكس ما ذهب إليه البعض، فقد أفاد الأطرش أن «قرار المحكمة الإدارية لن يبطل مفعول الأمرين الصادرين عن رئاسة الحكومة، وإنما سيوقفهما إلى حين البت في القضية الأصلية».

وتتهم حركة النهضة التي تتزعم الائتلاف الثلاثي الحاكم منذ فوزها في انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) 2011، من قبل أحزاب المعارضة، بمحاولة السيطرة على مفاصل الدولة بتعيين موالين لها على رأس أهم الإدارات المؤثرة في المحطات الانتخابية المقبلة.

ويلزم قرار المحكمة الإدارية، وهي محكمة تفصل في الخلافات القانونية بين الإدارات التونسية، كلا من رئيس المحكمة العقارية والمفتش العام لوزارة العدل اللذين عينهما رئيس الحكومة حديثا، بالرجوع إلى موقعيهما السابقين في انتظار البت النهائي في أصل الخلاف بين السلطتين التنفيذية والقضائية.

وقال أحمد الرحموني، رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء لـ«الشرق الأوسط» إن قرار المحكمة الإدارية سيمكن الهيئة المؤقتة للقضاء العدلي من ممارسة مهامها وصلاحياتها. وأشار إلى التزام المحكمة بالقانون في حسمها النزاع بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية وأنها لم تسع إلى دعم طرف على حساب الآخر.

وكانت كل من جمعية القضاة التونسيين ونقابة القضاة قد نفذتا إضرابا لمدة يومين في كل المحاكم التونسية يومي 19و20 نوفمبر (تشرين الأول) الحالي، وهددتا بالدخول في إضراب مفتوح عن العمل في حال لم تتراجع وزارة العدل عن التعيينات الجديدة.

وبشأن الحوار السياسي بين الحكومة والمعارضة حول رئيس الحكومة الجديد، انحصرت المنافسة بين عبد الكريم الزبيدي، وزير الدفاع السابق، وجلول عياد وزير المالية الأسبق. ويبدو أن مشاورات ماراثونية أجريت خلال الأيام الأخيرة مع الرئيس التونسي المنصف المرزوقي الذي اعترض في السابق على تسمية الزبيدي.

وحسب مصادر نقابية مشاركة في جلسات التشاور الأخيرة، وجدت محاولة إثناء المرزوقي عن موقفه، أصداء إيجابية، وهو ما أهل الزبيدي لأن يكون «رجل الوفاق».

ويحظى الزبيدي بدعم مهم من قبل العديد من الأطراف السياسية؛ إذ حافظ على جانب مهم من استقلالية القرار خلال إشرافه على وزارة الدفاع وظل بعيدا عن التجاذبات السياسية، إلا أن تقديم استقالته من وزارة الدفاع في اللحظات الأخيرة من حياة حكومة حمادي الجبالي قد يكون له تأثير سلبي على موقف حركة النهضة بشأن توليه رئاسة الحكومة المقبلة.