تخوف من انفلات أمني في لبنان على وقع التحقيقات في تفجيري السفارة الإيرانية

«السلطة» تدين اشتراك فلسطيني في الهجوم

جدّ أحد منفذي الانفجارين في السفارة الايرانية في بيروت أمام منزله في قرية البيسارية أمس (أ.ف.ب)
TT

تعكس المواقف اللبنانية الوضع الأمني الدقيق الذي يعيشه لبنان، ولا سيما بعد التفجيرين اللذين استهدفا السفارة الإيرانية في بيروت الأسبوع الماضي وأديا إلى سقوط 25 قتيلا، خصوصا بعد أن أظهرت التحقيقات تورط اثنين من عناصر الشيخ المتشدد أحمد الأسير، الذي اقتحم الجيش اللبناني مربعه الأمني في عبرا (شرق صيدا بجنوب لبنان) الصيف الماضي. وهو الأمر الذي يفتح الباب واسعا أمام احتمال انفلات الوضع في أي لحظة، ولا سيما في ضوء المعلومات التي تشير إلى أن لبنان بات مفتوحا على العمليات الإرهابية.

وفي حين كانت نتائج التحقيقات أظهرت أن الانتحاريين اللذين نفذا الهجوم هما اللبناني معين أبو ضهر، من مدينة صيدا، والفلسطيني عدنان موسى المحمد، تحمل بعض الجهات اللبنانية ولا سيما قوى «14 آذار»، مسؤولية ما آلت إليه الأمور في البلد إلى حزب الله، وذلك نتيجة مشاركته في القتال إلى جانب النظام في سوريا.

وقال رئيس الحكومة الأسبق النائب سعد الحريري إن حزب الله «سيبقى في الزاوية التي تشير إليها الأصابع عن مسؤوليته في تقديم تأشيرات التسلل للإرهاب والعمليات الانتحارية»، مؤكدا أن «أحدا لا يمكن أن يغطي أو يبرر أي عملية إرهابية أو حتى أن يخفف من وطأتها وأضرارها».

ورأى في مقال له نشر في صحيفة «المستقبل»، أن كون أحد الانتحاريين شابا لبنانيا من مدينة صيدا، «أمر يضاعف الألم الذي أصاب اللبنانيين ويكشف عن المخاطر الكامنة في المجتمع اللبناني والإسلامي والتي تنمو وتكبر على وقع انقسامات كبرى تغذيها عوامل القهر والتحدي والاستقواء، والتورط العسكري غير المحسوب في الحرب السورية».

ورأى الحريري أن «هذه الثقافة أخذت طريقها إلى الترسخ والانتشار، مع جريمة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري والجرائم التي تلتها، وما أحاطها بعد ذلك من ممارسات واختراقات ومحاولات لتخريب مسار العدالة والتغطية على المتهمين وحمايتهم. وهي تحولت مع فرض الشروط السياسية بقوة السلاح إلى مسار من الاصطفاف المذهبي في الاتجاهين، لا يمت بأي صلة إلى الحقائق التاريخية والاجتماعية والأسرية وحتى السياسية للحياة المشتركة بين السنة والشيعة اللبنانيين، والتي عرفها وعاشها آباؤنا وأجدادنا على مدى عقود طويلة».

في المقابل، جاء رد النائب حسن فضل الله، من كتلة «الوفاء للمقاومة»، عادا «أي تبرير مهما يكن مستواه لحادثة تفجير السفارة الإيرانية شراكة في الدم، وأن أي خطاب تحريضي طائفي مذهبي هو شراكة في الجريمة، وهؤلاء يتحملون مسؤولية عن كل كلمة يقولونها»، ورأى أن «ما أوصلنا إلى هذا المستوى من الانقسام الحاد في المجتمع هو هذا التحريض الذي لا يرى أمامه شيئا إلا السلطة، لأنهم يعيشون نهمها ويريدونها ومستعدون لتدمير لبنان من أجل أن يتزعموا على البلد».

وقال فضل الله في احتفال في الجنوب: «هناك جهات محلية وإقليمية تتحمل مسؤوليات حيال ما تمارسه من خطاب تحريضي يؤمن بيئة حاضنة لهذه الجماعات في لبنان، وعلى الجميع أن يدرك أن هذا السلاح الخطر يصيب الجميع ويهدد كل بلدنا، ولا يظنن أحد أن هؤلاء خطر على جهة من دون أخرى بل هؤلاء خطر على كل لبنان ويهددون استقراره وأمنه».

ورأى فضل الله أن «المتغيرات كلها اليوم تصب في مصلحة خيار المقاومة وخطها، سواء على المستوى الميداني في سوريا أو ما أحرزته إيران من اتفاق يؤكد حقها في برنامجها النووي»، داعيا «الآخرين في البلد لقراءة واقعية لهذه المتغيرات وألا يضيعوا الفرصة مرة أخرى وألا يقعوا في الوهم ولا في الرهانات الخاطئة».

من جهته، عد رئيس حزب الكتائب اللبنانية رئيس الجمهورية السابق، أمين الجميل، أن حزب الله يضع نفسه أمام أخطار لا طاقة له ولا لبنان على تحملها، والتفرد بتقرير مصير اللبنانيين، وهذا أمر مرفوض، داعيا إلى إطلاق حوار وطني لإنهاء كل تورط عسكري في حروب الآخرين.

وسأل في كلمة له في الذكرى السابعة والسبعين لتأسيس الحزب: «ما بال حزب الله يرفع الصوت ضد الشركاء في الوطن ويخرج عن الانتظام العام ويطرح نمط حياة غريبا عن حياة اللبنانيين وعن تقاليد لبنان وهويته؟»، مضيفا: «تفاهمنا معا في الحوار على ألا يكون سلاحه في خدمة أنظمة خارجية، وفي إطار استراتيجية لا علاقة لنا بها بل هي على حساب لبنان وأمن شعبه».

وقال الجميل: «نحن حزب الشهداء لا حزب السلاح، نحن جماعة لا ترهبها تصاريح من هنا وهناك ولا صواريخ ولا سيوف ولا تيارات متطرفة، نحن جماعة لا تبحث عن أعداء لكنها ترد العدوان، ولا تبحث عن سلاح لكنها تقاوم كل سلاح. نحن في خدمة لبنان نعمل من أجل الشراكة مع كل اللبنانيين».

وبينما تبادلت الأطراف اللبنانية الاتهامات بشأن المسؤولية عن تفجيري السفارة الإيرانية، أعلنت القيادة الفلسطينية في بيان إدانتها لمشاركة فلسطيني في الهجوم. وعدت ذلك «عملا فرديا لا يخدم سوى أعداء قضيتنا». كما أدانت عائلته ضلوع ابنها في عملية تفجير السفارة، وأعلنت تبرأها منه ومن هذا العمل الإجرامي الذي لا يخدم سوى العدو الإسرائيلي، وفق ما جاء في بيان لها. وأكدت أن «اتجاه بندقيتها ونضالها هو فلسطين، فهي قبلتهم ولا قبلة لهم سواها، وأن خيارها كان وما زال وسيبقى خيار المقاومة»، مؤكدة على «التلاحم بين الشعبين اللبناني والفلسطيني».