الأمم المتحدة تحدد 22 يناير موعدا لـ«جنيف 2».. وبان كي مون يحدد شروطا لمشاركة إيران

كيري يعد المؤتمر الدولي أفضل فرصة لتشكيل جهاز حكم انتقالي جديد في دمشق عبر التوافق المتبادل > الائتلاف: لسنا جاهزين للمشاركة

بان كي مون خلال مؤتمر صحافي في نيويورك أعلن فيه موعد مؤتمر السلام حول سوريا أمس (رويترز)
TT

أعلنت الأمم المتحدة في بيان أمس تحديد يوم 22 يناير (كانون الثاني) موعدا لعقد مؤتمر السلام بشأن سوريا المسمى بـ«جنيف 2»، لتنهي عدة أشهر من الجدل حول موعد إقامة هذا المؤتمر. وفيما لم يحدد الموفد الدولي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي لائحة المدعوين، فإنه أشار إلى مشاركة محتملة من إيران، التي وقعت مع القوى العظمى أخيرا اتفاقا، حول ملفها النووي، وجد ترحيبا شديدا.

ولا يعني تحديد الأمم المتحدة موعد مؤتمر «جنيف 2» بالنسبة للمعارضة السورية مشاركتها الحتمية فيه، وإن كانت تعد هذه الخطوة «محاولة لوضعها تحت الأمر الواقع»، من دون أن تستبعد أن ينعكس الاتفاق النووي الإيراني سلبا على سير المفاوضات لا سيما في ما يتعلق بشروطها أو مطالبها الأساسية.

وقال بان كي مون، في مؤتمر صحافي عقده في نيويورك صباح أمس «مؤتمر جنيف هو وسيلة للتوصل إلى انتقال سلمي يلبي تطلعات المشروعة لجميع الشعب السوري من أجل الحرية والكرامة، وإن الأمم المتحدة تأمل في تحقيق انتقال سلمي في سوريا يقوم على الاتفاق الذي توصلت له القوى العالمية في جنيف في يونيو (حزيران) العام الماضي، والذي يشمل الاتفاق بين الطرفين المتحاربين على إنشاء هيئة للحكم الانتقالي تتمتع بسلطات تنفيذية كاملة بما في ذلك الكيانات العسكرية والأمنية، وأن يتم إيقاف العنف وإطلاق سراح المعتقلين وإعادة النازحين داخليا وخارجيا». وأضاف «سيكون خطأ لا يمكن التسامح معه إذا لم نستغل هذه الفرصة لإنهاء الأزمة في سوريا، لأن الحرب في سوريا هي أكبر تهديد للأمن العالمي».

وشدد الأمين العام للأمم المتحدة على أنه يتوقع أن يشارك ممثلو سوريا «بنية جادة» في «جنيف 2» وهم يتفهمون أن الهدف منه هو إنهاء الحرب التي خلفت أكثر من مائة ألف قتيل وشردت تسعة ملايين سوري من منازلهم، إضافة إلى عدد كبير من المفقودين والمعتقلين والاضطرابات التي أثقلت كاهل البلدان المجاورة لسوريا. ولم يحدد الأمين العام للأمم المتحدة تفاصيل حول الأطراف المشاركة وما إذا كانت إيران ستشارك في المؤتمر أم لا، إلا أنه ربط مشاركتها بالموافقة على مقررات «جنيف 1» حول سوريا.

ورحب وزير الخارجية الأميركي جون كيري في بيان بتحديد موعد «جنيف 2»، وقال «من أجل إنهاء سفك الدماء ومنح الشعب السوري فرصة لتحقيق تطلعاته التي تأجلت طويلا، تحتاج سوريا إلى قيادة جديدة». وأضاف أن «المؤتمر هو أفضل فرصة لتطبيق إعلان جنيف وتشكيل جهاز حكم انتقالي جديد عبر التوافق المتبادل»، في إشارة إلى اتفاق 2012 بشان انتقال القيادة في سوريا. وقال كيري إنه إذا أمكن الاتفاق على قيادة جديدة في محادثات جنيف المقبلة، فإن ذلك سيكون بمثابة «خطوة مهمة باتجاه إنهاء معاناة الشعب السوري والتأثير المزعزع للاستقرار لهذا النزاع على المنطقة». إلا أنه أقر بوجود «عقبات عديدة على طريق التوصل إلى حل سياسي، وسندخل إلى مؤتمر جنيف الخاص بسوريا بأعين مفتوحة على وسعها». وقال إنه خلال الأسابيع المقبلة ستعمل واشنطن مع الأمم المتحدة وغيرها من الشركاء، للإعداد لأجندة المحادثات، وكذلك لإعداد قائمة الضيوف المشاركين في المؤتمر. وأضاف أنه على النظام السوري والمعارضة «تشكيل وفودهما».

ورجحت مصادر بالخارجية الأميركية أن يشارك وزير الخارجية الأميركي جون كيري في الاجتماعات في جنيف حول سوريا في يناير المقبل. وقال دبلوماسي أوروبي بالأمم المتحدة إن دعوة الأمين العام للأمم المتحدة معناها أن اجتماع «جنيف 2» سيرتكز على المبادئ التي توصل إليها اجتماع القوى العالمية حول سوريا في يونيو (حزيران) 2012، ولذا يجب على إيران الاعتراف ببنود اتفاق يونيو 2012، وأن تؤيده علنا قبل أن تتم دعوتها إلى «جنيف 2».. و«إذا لم تفعل ذلك فإنه سيكون من الصعب أن يكون هناك دور يمكن أن تلعبه إيران في إيجاد حل سياسي للصراع». وأوضح أن الاتفاق الذي توصلت إليه إيران مع القوى العالمية جعل الحكومات الغربية أكثر راحة في وجود إيران في محادثات سوريا.

وجاء إعلان الأمين العام للأمم المتحدة حول موعد عقد اجتماعات «جنيف 2» في وقت اجتمع فيه المبعوث الأممي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي مع كبار المسؤولين الأميركيين والروس في جنيف، كما اجتمع مع بعض أطياف المعارضة السورية في جلسات مغلقة.

من جانبه، كشف مصدر في الائتلاف، لـ«الشرق الأوسط»، أن موقف المعارضة النهائي بشأن المشاركة أو عدمها من المفترض أن يعلن في اجتماع الهيئة العامة للائتلاف المزمع عقده في منتصف ديسمبر (كانون الأول) المقبل بعد إنهائها مباحثاتها مع القوى الثورية والعسكرية في الداخل ومع الأطراف العربية. وأشار إلى أن ما أعلنه أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، أمس، لناحية تشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات، قد «يشكّل مدخلا لحل إيجابي، لا سيما أن الفترة المتبقية من ولاية الأسد ستكون أشهرا قليلة، لكن الأمر يبقى مرتبطا بالدرجة الأولى بموقف القوى العسكرية على الأرض والتي لا تزال ترفض رفضا قاطعا الجلوس على طاولة المفاوضات مع النظام وإيران، إضافة إلى وضعها الميداني، خاصة أن النظام السوري كان قد استعمل أقصى قوته في الأشهر القليلة الماضية، سعيا منه لتحقيق أكبر قدر من الانتصارات والذهاب إلى (جنيف 2) بموقع أقوى».

وكانت المعارضة السورية قد حاولت، وفق المصدر «الدفع باتجاه تأجيل موعد المؤتمر إلى فبراير (شباط) المقبل»، مشيرا إلى أن «تحديد الموعد في يناير جاء كحل وسطي، بين مطلب المعارضة وما كانت تطالب به روسيا وأميركا في ديسمبر المقبل».

ولفت المصدر إلى أنه «من المتوقع أن يتألف وفدا المعارضة والنظام إلى (جنيف 2)، من (8 + واحد) لكل منهما، أي من 8 أعضاء ورئيس للوفد، من دون أن يعني ذلك أن يكون الرئيس هو أحمد الجربا»، مشيرا إلى أن الائتلاف «لا يزال متمسكا بأن من يريد أن يشارك في المؤتمر تحت اسم المعارضة يجب أن يكون تحت مظلته، وأن يكون موافقا على ثوابته».

وكانت الهيئة العامة للائتلاف قد وافقت على حضور مؤتمر «جنيف 2»، على أن يؤدي إلى تشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات كاملة، بما فيها الصلاحيات الرئاسية والعسكرية والأمنية، إضافة إلى عدم وجود أي دور للرئيس السوري بشار الأسد ومساعديه في المرحلة الانتقالية. وأشارت الهيئة في رؤيتها إلى أن انتقال السلطة منصوص عليه في بيان «جنيف 1»، وفي قرار مجلس الأمن الدولي رقم 218، الذي تبنى بيان جنيف، ودعا إلى عقد مؤتمر دولي لتطبيقه.

من جهته، اعتبر عضو الائتلاف سمير النشار أن المجريات السياسية في الأيام الأخيرة تهدف إلى تنفيذ «سياسة الأمر الواقع» في موازاة الضغوط المستمرة التي تمارس على الائتلاف للمشاركة في «جنيف 2». وشدد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، على أن «الأرضية للمشاركة في جنيف ليست ناضجة لغاية اليوم»، مشيرا إلى أن «هناك أسئلة برسم القوى الدولية لا سيما روسيا وأميركا، لم نحصل على إجابات عنها، أهمها، موقع الأسد في المرحلة الانتقالية ودور إيران وانسحاب أذرعتها العسكرية من القتال في سوريا». وأكد النشار أن «المعطيات المتوافرة لغاية الآن غير مقنعة بالنسبة إلى المعارضة، إلا إذا كان تحديد موعد انعقاد المؤتمر جاء استنادا إلى ما قد ينتج من متغيرات بناء على الضغوط التي تمارس على الائتلاف والمستجدات العسكرية على الأرض»، مشيرا إلى أنه «لم يتم إعلام وفد الائتلاف الموجود في جنيف منذ ثلاثة أيام بالموعد المحدد، حتى إنه لم يسمع به إلا من خلال الإعلام».

وفي ما يتعلق بالمباحثات التي يجريها الوفد في جنيف لا سيما لقاءاته مع ممثلين روس وأميركيين، أوضح النشار أن «نتائجها لم تكن مغايرة لما سبق أن أعلن، وعلى عكس ما كان يشاع سابقا بأن هناك تحولا ما في الموقف الروسي أو أنهم يسعون إلى طرح خيارات جديدة»، لافتا إلى أن «لقاءات عدة عقدها الوفد مع وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الذي كان «أقل تصلبا» من السابق لكنه عاد وكرر الموقف نفسه بالقول «لسنا متمسكين ببشار الأسد، لكن كل الأمور تطرح على طاولة المفاوضات وليس قبلها»، مشيرا إلى أن «لقاء سيجمع اليوم الثلاثاء في اسطنبول المعارضة السورية، المجلس الوطني والائتلاف، بوزير الخارجية الأميركي روبرت فورد في إسطنبول».

وعن مشاركة إيران في المفاوضات، وهو الأمر الذي لا يزال الائتلاف الوطني رافضا له، مشترطا توقف مشاركتها العسكرية على الأرض، قال النشار «الروس يدفعون باتجاه مشاركة طهران، بينما يبقى الموقف الأميركي غير واضح حتى الآن»، مبديا خشيته من انفتاح أميركي - إيراني، يؤدي في نهاية المطاف إلى تراجع ما في هذا الموقف.