مفاوضو جنيف استخدموا «تويتر» بكثافة ونجم آشتون سطع كمفاوضة كسبت ثقة الجميع

أول تغريدة تبشر بالاتفاق كتبت الثالثة فجرا

آشتون
TT

طيلة 4 أيام «مملة بسبب جفاف التصريحات وطول الانتظار»، ظل عدد ضخم من الإعلاميين والصحافيين والمصورين يترقبون لحظة إعلان نتيجة المفاوضات النووية التي انعقدت بجنيف، منذ صباح الأربعاء وحتى فجر الأحد. ورغم ذلك لم يحقق أي منهم أو من وكالاتهم وتلفزيوناتهم وإذاعاتهم وصحفهم «سبق» نقل النتيجة التي نشرها مايكل مان الناطق الرسمي باسم رئيسة الوفد الدولي «5+1» عبر صفحة التواصل الاجتماعي «تويتر» في تغريدة (وصلنا لاتفاق) بعث بها تمام الساعة 2:55 صباحا، وتابعها 5836 شخصا، وحظيت بـ4596 «لايك» أو «إعجابا».

بعده بنحو 8 دقائق غرد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بالفارسية على «تويتر» ناقلا الخبر للإيرانيين. وبعدها بنحو ساعة كتب على صفحته بـ«فيس بوك»: «انتهت المفاوضات بنجاح. تم الاعتراف بالتخصيب رسميا. الأنشطة سوف تستمر. والعقوبات ستخفف. الوحدة الوطنية أمر ضروري أكثر من أي مرحلة سابقة». أما وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ فقال في تغريدة على «تويتر»: «هكذا تظهر إمكانيات الدبلوماسية في التصدي للمشاكل المعقدة. الاتفاق خطوة مهمة ومعقدة. غدا يبدأ العمل الشاق».

وبينما سارع ظريف لعقد مؤتمر صحافي، حيث استقبله الصحافيون الإيرانيون وأعضاء وفده بالتصفيق، لم تظهر كاثرين أشتون مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي ورئيسة الوفد الدولي مطلقا، مما فتح المجال للكثير من التساؤلات، وحتى اللحظة لم تدل ببيان أو تصريح، فيما انتشرت صورها وهي جزلة تعانق وزراء خارجية وفدها (الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن زائد ألمانيا) تلو الآخر بالأحضان مكتفية بكلمات تبادلتها وظريف الذي كغيره من المسؤولين الإيرانيين لا يصافح «النساء»، فوقف قبالتها شابكا يديه قابضا بهما على صدره. وعلى خلاف سعيد جليلي، كبير المفاوضين الإيرانيين الأسبق أيام حكومة الرئيس أحمدي نجاد، خلق ظريف علاقة عمل متينة ومريحة مع أشتون التي دعاها مرارا لفطور عمل وغداء عمل بمفردهما دون بقية وفديهما، كما تبادلا الابتسامات والسؤال عن الصحة خصوصا عندما عانى ظريف من آلام حادة في ظهره فواصل الجولة السابقة على مقعد متحرك، وبالطبع لم تخل هكذا علاقة من تعليقات وسخرية الشارع الإيراني في وسائل التواصل الاجتماعي.

مما بدا ملحوظا أن ظريف في مؤتمره الصحافي لم يتطرق لبنود الاتفاق مطلقا مكتفيا بالإجابة عن ثلاثة أسئلة، مؤكدا أن حق إيران في التخصيب قائم. وفي معرض رده على السؤال الثالث عن مخاوف أبدتها دول خليجية، نفى ظريف أي سبب للقلق، داعيا شعوب الخليج لقبول الاتفاق باعتبار أن أمن إيران من أمنهم، مضيفا أنه أرسل لهم وللشعب السعودي على وجه خاص رسالة تطمينية عبر مقال كتبه بصحيفة «الشرق الأوسط» التي نطق اسمها بلسان عربي سليم، رغم أن ظريف لا يتحدث العربية وكان مؤتمره باللغة الإنجليزية، وعندما تحدث بالفارسية لم تتوافر ترجمة كالمرة السابقة، مما عكس أن المنظمين لم يكونوا على بينة من احتمال الوصول لنتيجة في تلك الساعة المبكرة من اليوم. وكان كثيرون قد توقعوا أن تنفض الجلسات لتواصل انعقادها صباح الأحد، ومما يرجح ذلك أن الاستعدادات الأمنية لم تشهد زيادة أو «فورانا» قبل وصول وزير الخارجية الأميركي جون كيري للمركز الصحافي كالمرة السابقة عندما تحول المركز لبقعة سيطرت عليها قوات شرطية سويسرية خاصة مدججة بالسلاح.

من جانبه، حرص كيري في مؤتمره الصحافي على استعراض الاتفاق بصورة موسعة من دون الاستعانة بورقة إلا نادرا، مفصلا ما على إيران أن تلتزم به لتجميد أنشطتها النووية، نقطة نقطة، ومن ثم انتقل للحديث عما سيقدمونه من تخفيف للعقوبات، مبديا لمحة إنسانية عندما ذكر أن العقوبات على المساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة ما كان لها أن تفرض أساسا. وبدوره، أرسل كيري رسالة لحلفائهم بالمنطقة ولأصدقائهم من الدول العربية.

عكس مؤتمره السابق بعد فشل المفاوضات في نهاية جولة «جنيف 2»، كان كيري هذه المرة نشطا ومرحا، وتبادل التعليقات مع بعض الوجوه الصحافية المعروفة لديه، مستهلا حديثه بشكر الوفد الأميركي للتفاوض ورئيسته ويندي شيرمان، موجها لكاثرين أشتون تحية خاصة لصبرها ومهنيتها ودبلوماسيتها. وكانت أشتون أو الليدي كما ينادونها قد حظيت بقبول الأطراف كافة، لدرجة أن الإيرانيين طلبوا عندما كبرت الفجوة بينهم وبين الفرنسيين أن يستمر التفاوض مع أشتون فقط كممثل ومتحدث باسم المجموعة الدولية، مما طول من زمن التفاوض، إذ كانت ترجع لبقية الوفود التي بدورها كثيرا ما رجعت للعواصم. وحتى بعد وصول الوزراء عقد الوفد الإيراني لقاءاته الثنائية مع الوفود الغربية بوجودها، إذ كانت حاضرة في لقاء ظريف وكيري، وظريف ووزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، وظريف وويليام هيغ وزير الخارجية البريطاني، فيما عقد ظريف لقاءاته منفردا بحليفيه سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي ووزير الخارجية الصيني الذي تغيب ولم يصل مع رصفائه فجائيا كالمرة السابقة، كما كان آخرهم وصولا أول من أمس.