مارك فيتزباتريك لـ«الشرق الأوسط»: الاتفاق يزيد الفترة التي تحتاجها لصناعة أسلحة لكنه لا يوقفها

خبير دولي يشير إلى أن إيران قدمت تنازلات لسببين

مارك فيتزباتريك
TT

قال مارك فيتزباتريك، خبير في مجال منع الانتشار النووي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، لـ«الشرق الأوسط»، إن الاتفاق الذي وقع في جنيف مع إيران سيفرض قيودا على القدرات الإيرانية النووية، مشيرا إلى أن إيران قدمت تنازلات أكثر من القوى الست الكبرى. وفي ما يلي نص المقابلة معه..

* ما تقييمك العام للاتفاق؟

- هذه الاتفاقية جيدة لأنها تفرض قيودا على القدرات الإيرانية، وكل ما يثير القلق في برنامجها النووي، عبر تدابير تفتيش فاعلة، ونتيجة لهذه القيود فإن الاتفاق يصب في مصلحة الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل والخليج (العربي). وعلاوة على ذلك، يعتبر وقف تخصيب نسبة 3.5 في المائة إلى 5 في المائة من المخزون عنصرا أساسيا من مكونات الاتفاقية، وهو ما يضمن تقييد البرنامج النووي الإيراني لمدة 6 أشهر. وفي الواقع، كلما قرأت المزيد عن إبرام اتفاقية مع إيران، يصير الأمر أكثر وضوحا بأن أي شخص تطرق إلى هذا الموضوع لم يكن يرغب فعلا في إبرام أي اتفاق.

* من هو الطرف الذي قدم تنازلات أكثر؟

- من الواضح أن إيران قدمت تنازلات أكثر، بما في ذلك الموافقة على النقطتين اللتين أصرت فرنسا عليهما في الجولة السابقة من المفاوضات في جنيف وهما: وقف العمل في مفاعل أراك والتخلي عن أي اعتراف رسمي بالحق في التخصيب.

* إذا كانت إيران هي الطرف الذي قدم أكثر التنازلات، فلماذا تعتقد أنها فعلت ذلك مع الوضع في الاعتبار رفضها تقديم أي تنازل طوال تلك السنوات؟

- قدمت إيران هذه التنازلات لسببين: أولهما رغبتها في التخلص من العقوبات لكي تصير دولة عادية غير منبوذة من دول العالم المتقدم. والسبب الثاني إدراك إيران أنها قد أنجزت بالفعل الكثير مما كانت تحتاجه لكي تكون لديها استراتيجية نووية وقائية. وما زال بإمكان إيران إنتاج سلاح نووي في أقل من عام واحد حتى لو كانت اتخذت هذا القرار المصيري من قبل. ومع الوضع في الاعتبار التقدم الذي حققته إيران حتى الوقت الراهن في ما يخص قدراتها النووية، تستطيع إيران الآن أن تتحمل الأمر لتهدئة الوضع وقبول بعض الحلول الوسط.

* هل تقف هذه الاتفاقية حجر عثرة في طريق إيران لإنتاج سلاح نووي حسبما ذكر الرئيس أوباما في بيانه؟

- لا تمثل هذه الاتفاقية عقبة أمام إيران لإنتاج أسلحة نووية، بيد أنها تتسبب في مضاعفة الوقت المستغرق لذلك. ويعني مضاعفة وقت إنجاز هذا الإنتاج أن الدول الأخرى ستعلم بشأن ذلك في الوقت المناسب لاتخاذ خطوات حيال هذا الأمر من أجل إيقافه.

* تتباين وجهات نظر الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل بشأن الاتفاقية، ففي الوقت الذي يقول فيه أوباما إن هذه الاتفاقية تجعل العالم أكثر أمنا، نجد إسرائيل تصف تلك الاتفاقية بأنها خطأ تاريخي.. فما السبب وراء هذا التباين؟

- يختلف رد فعل الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل لأن هاتين الدولتين تقودهما أحزاب سياسية ذات اتجاهات سياسية مختلفة، كما أن إسرائيل تشعر بوجود تهديد مباشر بشكل أكبر تجاهها. وعلاوة على ذلك، فعندما نتذكر الاختلاف الجوهري بشأن الخطوط الحمراء لكلتا الدولتين، نجد أن أوباما لن يوافق على وجود إيران المسلحة نوويا، في حين تريد إسرائيل منع وجود إيران التي لديها قدرة نووية. وتسمح اتفاقية جنيف لإيران بالاحتفاظ بقدرتها النووية، ولذا، فإنها تتجاوز بذلك الخطوط الحمراء لإسرائيل.

* ما الذي يجب أن نتوقع حدوثه في الأشهر الستة المقبلة؟

- خلال الأشهر الستة المقبلة سيبذل الطرفان ما بوسعهما من أجل إنجاز اتفاقية طويلة الأمد. وسيكون هذا الأمر أكثر صعوبة لأنه سيتطلب تقديم مزيد من التنازلات من كلا الطرفين، هذه التنازلات ستواجه معارضة شديدة من جانب المتشددين في كلا الطرفين. وبناء على ذلك، فإنني لست متفائلا بإمكانية إنجاز هذه العملية لإبرام اتفاقية لمدة أطول.

* هل توضح لنا أي بعد نظر آخر قد تراه بخصوص هذه الاتفاقية؟

- تعوق اتفاقية جنيف قدرات إيران بشكل كبير لإنتاج أسلحة نووية دون اكتشاف هذا التحرك وإيقافه. وبالإضافة إلى ذلك، تعد هذه الاتفاقية أمرا جيدا بالنسبة لعدم الانتشار النووي، ودائما ما كنت أقول إن إيران والولايات المتحدة الأميركية كانتا بحاجة لإبرام اتفاق. والآن تغمرني السعادة بأن تلك الأمور ظلت سرية.