الإسلاميون في موريتانيا يتحدثون عن «تجاوزات» شابت الانتخابات

المراقبون العرب يعدونها «خطوة هامة» في المسيرة الديمقراطية للبلاد

TT

تواجه اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات في موريتانيا انتقادات قوية نتيجة تأخرها في الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية والبلدية التي نظمت السبت الماضي؛ ولم تعلن اللجنة بصفة رسمية عن نسبة المشاركة ولا المستوى الذي وصل إليه فرز الأصوات بعد ثلاثة أيام على الاقتراع، وهو ما بررته اللجنة في بيان صحافي بـ«الحرص على التقيد بمتطلبات الشفافية والمصداقية».

وقالت اللجنة إنها «تحرص على أن تجري عمليات الفرز ومعالجة النتائج بالدقة الضرورية، نظرا لتعقيد العملية الانتخابية والظروف التي مرت فيها»، وأضافت أن «التنافس جرى بين 1500 لائحة في إطار أربعة اقتراعات متزامنة يعنى بها أكثر من ستين حزبا سياسيا»، قبل أن تشير إلى «مشكلات كثيرة مرتبطة باتساع التراب الوطني وصعوبات الاتصال».

وفي غضون ذلك، أعلن حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) المحسوب على التيار الإسلامي، أنه رصد عددا من «التجاوزات» حدثت يوم الاقتراع منها ممارسة العنف ضد أنصاره وطرد آخرين وتخويفهم في عدد من المناطق داخل البلاد؛ بالإضافة إلى عرقلة التصويت في بعض المناطق المحسوبة عليه. وتحدث الحزب عن عدم حصول ممثلي الأحزاب السياسية في مكاتب الاقتراع على نسخ من محاضر التصويت، وتعذر تعليق نسخ منها على مكاتب الاقتراع بعد إغلاقها.

وقال مدير الحملة الدعائية للحزب الإسلامي في مؤتمر صحافي عقده أمس في نواكشوط، إنه «رغم كل التجاوزات، فإن الموريتانيين تشبثوا بإرادتهم وصبرهم على الأذى، ما يدل على مستوى الوعي الذي أصبح الناخب الموريتاني يتمتع به»؛ قبل أن يؤكد أن حزبهم حقق نسبة 16 في المائة على اللائحة البرلمانية العامة على المستوى الوطني، و14 في المائة على اللائحة البرلمانية في نواكشوط، بالإضافة إلى 17 في المائة على اللائحة البرلمانية الخاصة بالنساء على المستوى الوطني، وأكد أن «هذه النسب لا تزال أولية وقد تتغير في أي وقت».

ولم يستبعد رئيس حزب «تواصل» محمد جميل ولد منصور وقوع ما سماه «الانقلابات الانتخابية»، وقال إن «الخشية من الانقلابات واردة لأن النظام السياسي الحالي في موريتانيا جاء بانقلاب؛ ومستمر في سياسته الانقلابية؛ واللجنة الانتخابية ضعيفة وعاجزة أمام النظام، وهذا ما يجعل الخشية من الانقلاب على أي نتيجة واردة». وأضاف أن «من أكبر الخروقات التي سجلوها غياب محاضر فرز الأصوات في كل مكتب؛ وذلك ما لا يمكن السكوت عليه، ولا بد من علاجه؛ وحينما تعلن الجهات المعنية نتائج مخالفة لما تأكد منه حزبنا، لا شك سنتخذ حيالها ما يلزم».

وكانت خمسة أحزاب معارضة شاركت في الانتخابات التشريعية والبلدية، قد أعلنت عقب اجتماع عقده رؤساؤها بنواكشوط، عن نيتهم التنسيق في الشوط الثاني من الانتخابات، مشيرين إلى أنهم سيعلنون عن آليات ذلك التعاون في وقت لاحق؛ كما شكلوا لجنة من مديري حملاتهم في الانتخابات التشريعية والبلدية وذلك من أجل متابعة «التجاوزات» واتخاذ ما يلزم في شأنها.

وفي ظل حديث أحزاب المعارضة المشاركة في الانتخابات عن تسجيل «تجاوزات» يوم الاقتراع، أعلنت بعثة الجامعة العربية لمراقبة الانتخابات في موريتانيا، أن «هذه الانتخابات تمثل خطوة هامة في المسيرة الديمقراطية في موريتانيا»، وقال رئيس البعثة علاء زهيري، في مؤتمر صحافي عقده أمس بنواكشوط، إن «الجامعة العربية تحث القوى السياسية الموريتانية على مواصلة الحوار الوطني الجامع وفقا لما نصت عليه اتفاقية دكار الموقعة في يوليو (تموز) 2009»، وعد أن الحوار من شأنه «تعزيز الممارسة الديمقراطية التعددية والارتقاء بالحكم الرشيد ودولة القانون وتحقيق شراكة سياسية في ممارسة الحكم وتعزيز الوحدة والمصالحة والاستقرار».

وأشار زهيري إلى أن البعثة توصلت يوم الاقتراع إلى عدد من «الملاحظات الإيجابية» من أبرزها «إصرار الناخب الموريتاني على القيام بواجبه الانتخابي وتحمله الانتظار لساعات طويلة أمام مراكز الاقتراع؛ وفتح المراكز في المواعيد المحددة، وتوفر المواد اللوجستية في كافة المكاتب، ووجود أعضاء المكاتب بعدد كاف وفقا للقواعد التي حددتها اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، والإقبال الملحوظ من طرف النساء وكبار السن؛ وأخيرا التأمين الجيد من قبل قوات الأمن خارج مكاتب الاقتراع، واستخدام قوائم انتخابية جديدة تتضمن صور الناخبين».

وأضاف أن «هنالك ملاحظات سلبية بالإمكان معالجتها وتداركها في الانتخابات المقبلة»، من أهمها «شكوى بعض الناخبين من غياب أسمائهم على قوائم المسجلين، وتعذر تعليق لوائح خارج عدد من مكاتب الاقتراع، بالإضافة إلى وجود ساتر انتخابي وحيد في بعض المكاتب مما أدى إلى بطء عملية التصويت وضعف الإنارة في عدد من مكاتب الاقتراع».

وتحدث رئيس بعثة الجامعة العربية لمراقبة الانتخابات في موريتانيا عن «وقوع محاولات للتأثير على الناخبين خارج مكاتب الاقتراع من قبل مؤيدي بعض الأحزاب السياسية».