الأحزاب اللبنانية تستبيح الجامعات وتنقل إليها الخلافات والاحتقان المذهبي

شعارات استفزازية في كلية جامعية تشعل سجالا سياسيا بين حزب الله ومسيحيي «14 آذار»

TT

لم يعد الاحتقان المذهبي والسجال السياسي في لبنان حكرا على الكتل السياسية والحزبية، التي تتبادل أركانها الاتهامات والتخوين في خطاباتهم وإطلالاتهم الإعلامية، فحسب، بل باتت الجامعات، الرسمية منها والخاصة، مسرحا يتمظهر فيه الانقسام على المستويات كافة بشكل لافت.

يرخي التشنج المذهبي والسياسي بثقله على الجامعات، حيث يتجمع آلاف الطلاب اللبنانيين، وينقلون اعتقاداتهم وانتماءاتهم إلى صفوف الدراسة. ويساهم تنظيم غالبية الجامعات في لبنان لانتخابات ممثلي الطلاب، الذين يترشحون على لوائح حزبية ووفق تحالفات سياسية، مشابهة للواقع السياسي، في جعل الأجواء الجامعية أكثر شحنا.

لم تمر الانتخابات الطلابية في حرم العلوم الاجتماعية بالجامعة اليسوعية، إحدى أرقى الجامعات الخاصة في لبنان، الأسبوع الماضي، على خير. فوز طلاب «14 آذار» في مواجهة تحالف «8 آذار» لم يمر مرور الكرام، والطرفان شاركا في استفزاز متبادل، بلغ أقصاه أول من أمس مع استفاقة الطلاب على رسوم غرافيتي لكلمة «الشرتوني» مقابل حرم الكلية، في إشارة إلى حبيب شرتوني المتهم باغتيال الرئيس اللبناني الأسبق بشير الجميل. وأثارت هذه الرسوم غضب طلاب «14 آذار»، ولا سيما حزب الكتائب، الذي يترأسه الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل.

وأثارت هذه الرسوم غضب الطلاب، الذين تبادلوا الاتهامات وكالوا الشتائم لبعضهم البعض ولرموزهم، وسرعان ما تحول الأمر إلى استنفار مذهبي حزبي تسبب في إغلاق الكلية لصفوفها أول من أمس تفاديا للأسوأ واستدعى حضور الأجهزة الأمنية. وساهم مؤتمران صحافيان منفصلان لكل من النائب سامي الجميل ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في رفع منسوب التوتر وتحويل الخلاف من خلاف طلابي إلى خلاف سياسي، إذ توجه الجميل إلى حزب الله بالسؤال: «لماذا تزرعون الكره في قلوب جماعتكم، ما لكم وحبيب الشرتوني والحزب (السوري القومي الاجتماعي)، لماذا الحقد والاستفزاز الدائم؟ ألا تريدون بناء البلد معنا في المستقبل؟ هل تريدون الانفصال عنا؟ قولوا لنا؟ هذه جامعة بشير الجميل، أتريدون تحدينا في هذا المكان بالذات؟ لماذا؟ هل نتحداكم في رموزكم ومقاماتكم. احترمنا مقاومتكم لماذا تتحدون مقاومتنا ورموزنا وشهداءنا؟». وفي الإطار ذاته، أشار جعجع إلى «شتائم بحق رموز دينية وسياسيين، وخصوصا بحق الشيخ بشير الجميل»، لافتا إلى وصول «نحو 150 عنصرا من خارج الجامعة بواسطة دراجاتهم النارية المعهودة وبسياراتهم وبوسائلهم المعهودة أيضا وتمركزوا حول المداخل وحاولوا اقتحامها».

واستدعت مواقف جعجع والجميل مساء الاثنين ردا من حزب الله أمس على لسان النائب حسن فضل الله الذي قال: «سمعنا خطابا تجييشيا وتحريضيا، ورأينا خوض معارك وهمية في شأن موضوع بسيط حصل». وشدد على أن «الجامعة اليسوعية لا تقدم نفسها على أنها لحزب أو لطائفة، ولا يحق لأحد مصادرة قرارها أو أن يسميها اسم حزبي أو طائفي، لقد كان هذا في الماضي».

واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات استنكرت تصنيف الجامعات وفق الأحزاب التي تتمتع بنفوذ فيها، واستباحة الأخيرة للكليات وهيمنتها عليها، مستعيدة ما تداولته تقارير إعلامية قبل أكثر من أسبوعين عن طهي طلاب من «حركة أمل»، التي يترأسها رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، لطبق «الهريسة» التقليدي خلال ذكرى عاشوراء داخل حرم الجامعة اللبنانية الرسمية في منطقة الحدث. من ناحيتها، أكدت إدارة الجامعة اليسوعية «التزامها تطبيق المبادئ التي تستوحيها في القيام برسالتها، لتكون جامعة لكل لبنان ولجميع اللبنانيين على اختلاف مذاهبهم وانتماءاتهم السياسية». وعقدت الإدارة اجتماعات متواصلة في اليومين الأخيرين، وقررت فتح تحقيق فيما حصل. وأعلنت مديرة كلية العلوم السياسية، فاديا كيوان، أمس، أن الكلية ستفتح أبوابها أمام الطلاب اليوم بشكل عادي.