مبعوث الاتحاد الأوروبي: نستشير السعودية بشأن عملية السلام

قال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن بروكسل تعمل على إيجاد حل عادل وعاجل للاجئين الفلسطينيين

المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي لشؤون السلام في الشرق الأوسط، السفير أندريس رينيكي، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»
TT

لم يقدم المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي لشؤون السلام في الشرق الأوسط، السفير أندريس رينيكي؛ صورة وردية بشأن مستقبل المنطقة من المنظور الأوروبي، مؤكدا في الوقت نفسه أن ما تعيشه المنطقة من انعدام الاستقرار والتعايش يتطلب إنجاز عملية السلام، التي قال إنها لن تتحقق إلا بتحقق الأمن للفلسطينيين.

وأشار المبعوث الأوروبي في هذا الإطار إلى المفاوضات الدائرة حاليا حول عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائليين. ولمح رينيكي في ثنايا حديثه الذي خص به «الشرق الأوسط» في مقر الاتحاد الأوروبي بالعاصمة الرياض، خلال زيارة له إلى السعودية، إلى بعض النقاط الأساسية لسير تلك المفاوضات التي تأتي وفق اتفاقيات 1976 بشكل أساسي، مشيرا إلى أنها تنص على أن تكون القدس عاصمة مشتركة للدولتين، وإيجاد حلول عاجلة وعادلة لإعادة اللاجئين الفلسطينيين، شريطة أن يكون حق اللجوء لدولة إسرائيل.

وأكد رينيكي، الذي كان يشغل منصب سفير ألمانيا لدى سوريا من عام 2008 إلى 2012، أن العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل ستكون ضمن إطار اتفاق عام 1967 حتى يجري توقيع اتفاقية سلام دائمة في المنطقة. وقال «الاتحاد الأوروبي اعتمد في الفترة الأخيرة على ألا تكون هناك أي مبادرات جديدة من غير استشارة القادة العرب، الحوار وتطرق لعدد من القضايا الأخرى. وفيما يلي نص الحوار:

* ماذا تمثل زيارتكم للسعودية في هذا الوقت بالتحديد ؟

- جاءت الزيارة في هذا التوقيت بحكم أن المفاوضات القائمة بين الإسرائيليين والفلسطينيين بالإضافة إلى أميركا تتقدم باستمرار، والاتحاد الأوروبي مصر على ألا تكون هناك أي مبادرات جديدة من غير استشارة القادة العرب، وكما تعرفون هناك مفاوضات سرية قائمة حاليا على قدم وساق.

* ماذا تقصد بالمفاوضات السرية القائمة حاليا؟

- هناك القليل من الذين يعرفون بهذه المفاوضات، ونحن تحدثنا مع أميركا بشأن آلية عملية المفاوضات الجارية والمستقبلية، وهي الآن تجري في مسارها الصحيح، ولكن بما أنها مفاوضات سرية فلن أفصح عن الكثير، مع العلم بأن بعض تلك المفاوضات يعتمد على نتائج مبادرات سابقة.

* ما الذي تطمحون إليه من لقائكم بالمسؤولين في السعودية خلال هذه الزيارة وأنتم تعرفون موقفها من عملية السلام؟

- أتيت لمناقشة مسار عملية السلام في المنطقة مع دول منطقة الشرق الأوسط وعلى رأسها السعودية، وأتيت خصيصا لاستشارة القيادة السعودية حول ملف مفاوضات السلام، وهذا ما جئت لأجله. وأنا أعرف موقف السعودية من عملية السلام، وسننظر إذا ما كانت اهتمامات بقية دول العالم العربي بالاتفاقات السابقة ما زالت قائمة أم أنها تحتاج إلى إعادة نظر.

* بخصوص اعتذار السعودية عن مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن، ما هي قراءتكم لرد الفعل السياسي للمملكة بعد أن طفح الكيل من الاوضاع القائمة في المنطقة؟

- الاتحاد الأوروبي ما زال يناشد السعودية المشاركة في العملية السياسية عبر طاولة مجلس الأمن، بحكم أنها دولة ذات سيادة تتخذ قراراتها بنفسها ولها قوتها السياسية في المنطقة، كما أن الاتحاد الأوروبي ممثلا ببريطانيا والأعضاء الدائمين يحرصون على التحفيز رغم الصعوبات التي يواجهها مجلس الأمن.

* هل هناك جديد في التوجهات السياسية للاتحاد الأوروبي في ما يتعلق بدول الشرق الأوسط؟

- نحن على اقتناع دائم بوجود مفاوضات جديدة بخصوص الوضع القائم في فلسطين وعملية السلام، والآن بدأت المفاوضات عبر عدد من المنافذ، ونحن منذ عام 1949 نقوم بدعم السلطة الفلسطينية بأموال تصل إلى 300 مليون دولار سنويا، وكان هذا الدعم مفيد لمنظمة التحرير الفلسطينية التي تقوم بمناقشات مستمرة عن الفلسطينيين جميعا. لقد كنا واضحين بشأن المبادئ في مفاوضات عملية السلام، خصوصا النقاط الأساسية التي تسير عليها عملية المفاوضات، وهذه النقاط الأساسية تضع اتفاقيات 1976 بشكل أساسي، بحيث تكون القدس عاصمة مشتركة للدولتين، والعمل على حل عادل وعاجل للاجئين الفلسطينيين، شريطة أن يكون حق اللجوء لدولة إسرائيل فقط. وبالتالي التأكيد على أن العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل ستكون ضمن إطار اتفاق عام 1976 حتى يجري توقيع اتفاقية سلام دائمة في المنطقة.

* هناك إشارات من بعض المتابعين تؤكد أن مبلغ الـ300 مليون دولار يذهب لصالح المستوطنات الإسرائيلية بدلا من الذهاب للفلسطينيين.. هل هذا صحيح؟

- أؤكد أن الاتحاد الأوروبي يضمن وصول هذه الأموال إلى الفلسطينيين مباشرة، وذلك بعد مرورها على دولة إسرائيل التي تقوم بدورها بتسليم تلك المبالغ إلى السلطة الفلسطينية، وفق آلية واضحة وشفافة، وبذلك لن يتم صرفها على التوسع في المستوطنات الإسرائيلية.

* ماذا عن دعم الاتحاد الأوروبي لوجود منطقة شرق أوسط خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل؟

- نحن ندعم وجود منطقة خالية من جميع أنواع أسلحة الدمار الشامل سواء الكيماوية أو النووية والبيولوجية، وكان من المفترض إقامة مؤتمر لتحقيق تلك المطالب والمناقشات في هذا الموضوع في عام 2012، ولكن للأسف لم تحضر جميع الدول لهذا المؤتمر، وأتمنى أن يقام مثل هذا المؤتمر في القريب العاجل.

* لنعرج قليلا على الملف النووي الإيراني، ما موقف الاتحاد الأوروبي من الاتفاقية الدولية الأخيرة مع إيران بخصوص تخصيب اليورانيوم؟

- بشأن الملف النووي الإيراني.. نعم اطلعنا على هذه الاتفاقية وهي اتفاقية مدتها ستة أشهر، ولها شروط تقييدية شديدة، وهي تعد جيدة بالنسبة لمستقبل التعاون مع إيران، والتي بدورها ستسهم في حظر جميع أسلحة الدمار الشامل في المنطقة، وذلك بحسب اتفاقية جنيف التي ستحدد أبرز الملاح لهذا الملف.

* بالعودة إلى زيارتكم للسعودية، ما أبرز المحاور السياسية والأمنية التي تناولتموها خلال زيارتكم للعاصمة الرياض؟

- نتوقع من هذه الزيارة استمرارية التشاور حول مسار مفاوضات السلام مع دول المنطقة ومن ضمنها السعودية، بحكم قوتها السياسية في المنطقة، واستشارة القيادة السعودية حول أولويات الاتحاد الأوروبي في جميع ما يتعلق من مبادرات سلام في المنطقة، خصوصا أن الاتحاد الأوروبي يجزم ويعترف بأنه لن يتحقق السلام إلا بتحقق الأمن للفلسطينيين، وبالتالي احترامهم كدولة ذات سيادة مستقلة.